يهدد انتشار فيروس كورونا وحصده مئات الأرواح، بالعديد من دول العالم، موسم الحج، والذى يعد أكبر تجمع بشرى في التاريخ، حيث يصل عدد الحجيج لنحو مليوني ونصف المليون حاج، بفضل التوسعات والخدمات التي تقدمها سلطات المملكة العربية السعودية لحجاج بيت الله الحرام.
وذكرت كتب التاريخ الإسلامي أحداثاً تسببت في توقف موسم الحج لأسباب سياسية أو بسبب انتشار الأوبئة أو الظروف المناخية أو الغلاء والخوف من قطاع الطرق.
الرأي الشرعي في مسألة تعطيل الحج أو العمرة أكده الشيخ عويضة عثمان، مدير الفتوى الشفوية، وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه يجوز لوزارة الصحة، أو الهيئة أو الجهة المنظمة للعمرة والحج، أن تؤجل أو تعطل أداء فريضة العمرة والحج، إذا تهدد الحجاج بالإصابة بفيروس كورونا، مضيفا أن الفتوى هنا لها بعد آخر وهو استطلاع الرأي الطبي، وهو مأخوذ في الاعتبار ولابد أن يلتزم الناس برأي الجهة الصحية أو المعنية بمواجهة هذا البلاء، الرأى الشرعى أساسه تجنب المفسدة على جلب المصلحة، فإن الإنسان إذا مرض أو مات فلن يتعبد، أما إذا أفلت من المرض فله مساحة من الزمن قد يحج ويعتمر عدة مرات.
"القرامطة"
وعلى مدى التاريخ، توقف الناس عن الذهاب إلى الحج، بسبب "القرامطة"، لاعتبارهم الحج من الأعمال الجاهلية، وذلك بحسب ما ذكر في كتاب "تاريخ الإسلام للذهبى.
وذكر الكتاب: وقف أبو طاهر القرمطى، منشدًا على باب الكعبة يوم الثامن من ذى الحجة سنة 317 هجرية، داعيًا سيوف أتباعه أن تحصد حجاج بيت الله قتلاً ونهبًا وسفكًا، فى الوقت الذى كان يشرف هو بنفسه على هذه المجزرة المروِّعة وينادى أصحابه "أجهزوا على الكفار وعبدة الأحجار، ودكوا أركان الكعبة، واقلعوا الحجر الأسود"، ويومها تعلق الحجاج بأستار الكعبة واستغاثوا بالله، فاختطفتهم سيوف هذا الطاغية من كل جانب، واختلطت دماؤهم الطاهرة وأجسادهم المحرمة، بأستار الكعبة، حتى زاد عدد من قتل فى هذه المجزرة عن 30 ألفا، دفنوا فى مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة.
وذكرت العديد من المصادر السعودية والتي استندت إلى المصادر التاريخية، قيام القرامطة بجمع 3 آلاف جثة حاج، وطمروا بها بئر زمزم وردموه بالكلية، ثم قاموا بعد ذلك بقلع الحجر الأسود من مكانه وحملوه معهم إلى مدينة "هجر" بالبحرين، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم، وكان أبو طاهر قد بنى بها دارا سماها دار الهجرة، فوضع فيها الحجر الأسود ليتعطل الحج إلى الكعبة ويرتحل الناس إلى مدينة "هجر"، وقد تعطل الحج فى هذه الأعوام يقال إنها 10 أعوام، حيث لم يقف أحد بعرفة ولم تؤد المناسك، وذلك لأول مرة، منذ أن فرضت الشعيرة.
ظهور الوباء
ذكر ابن كثير فى "البداية والنهاية"، أنه في سنة 357 هجرية، ظهر داء الماشرى و انتشر فى مكة، فمات به خلق كثير، وفيها ماتت جمال الحجيج فى الطريق من العطش، ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل، بل مات أكثر من وصل منهم بعد الحج.
الغلاء وارتفاع الأسعار
انقطع الحاج المصرى فى عهد العزيز بالله الفاطمى لشدة الغلاء، وفى سنة 419 هجرية لم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل مصر، وفى سنة 421 هجرية تعطل الحج أيضا سوى عدد قليل من أهل العراق ركبوا من جمال البادية من الأعراب ففازوا بالحج، وفى سنة 430 لم يحج أحد من العراق وخراسان، ولا من أهل الشام ولا مصر.
الطقس السيئ
يقول ابن الأثير في أحداث عام (417هـ): “في هذه السنة كان بالعراق برد شديد جمد فيه الماء في دجلة والأنهار الكبيرة، فأما السواقي فإنها جمدت كلها، وتأخر المطر وزيادة دجلة، فلم يزرع في السواد إلا القليل وفيها توقف الحج من خراسان والعراق".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة