تناولت مقالات صحف الخليج اليوم السبت العديد من القضايا الدولية والمحلية، طارحين آرائهم بشأن فيروس كورونا الذى تفشى من مدينة ووهان الصينية لأغلب دول العالم، راصدين ماذا تفعل الأوبئة حال انتشارها في البلدان، وحجم الخسائر البشرية والاقتصادى التى تتسبب فيها الأمراض الوبائية.
سمير عطا الله: وباء مدينتين
سمير عطا الله
وفى صحيفة الشرق الأوسط السعودية كتب سمير عطا عن "فيروس كورونا" قائلا :"حتماً إنّها مجرّد مصادفة فى صدور كتاب «فلورنسا تحت الحصار» للمؤلّف جون هندرسون عن جامعة ييلّ، وبين مأساة «كورونا» التى تلفّ العالم لفّة بعد أخرى، يوماً بعد آخر.
يصف هندرسون كيف امتدّ وباء الطاعون فى إيطاليا خريف 1629؛ إذ حمله المرتزقة الألمان المتقدّمون فى جبال بييمونتي. كلّما تقدّموا تقدّم الوباء معهم وانتشر. ودبّ الذعر فى فلورنسا من اقترابه إلى المدينة، فكتبت دائرة الصحة إلى زملائها فى ميلانو وفيرونا والبندقية، تستفسر الأحوال لاتخاذ الإجراءات الوقائية.
وجاءها الردّ من مدينة بالما بأنّ السكّان «أصبحوا فى حالة يحسدون معها الموتى». وعلمت المؤسسة أيضاً، أنّ المسؤولين فى بوبونيا، منعوا أى كلام حول الطاعون خوفاً من استدعاء الموت بلفظ اسمه.
وساد الاقتناع بأنّ الوباء ينتشر فى الهواء الملوّث من أنفاس المرضى والمصابين، أو عبر الملابس والأخشاب. فأصدرت وكالة الصحّة أمراً بمنع التجارة، لكنّ شيئاً لم يمنع الطاعون من التقدّم. ومع حلول شهر أغسطس (آب)، راح الموت يحصد أهالى فلورنسا. وأمر مطران المدينة بقرع جميع الأجراس والتضرّع فى الكنائس والساحات. وانتشرت الإشاعات مثل الوباء أيضاً. ومنها أنّ طبيباً من صقلّية هو الذى زرع الجرثومة فى مياه الأجران التى توضع أمام الكنائس. وفى شهر أكتوبر (تشرين الأول)، كان عدد الموتى قد جاوز الألف فأقامت الوكالة محجراً صحّياً على تلال فلورنسا. وبعد شهر كان العدد قد وصل إلى ألفين ومائة.
وفى عام 1631، صدر الأمر بالحجر على معظم السكّان ومنعهم من مغادرة بيوتهم. وفى كتاب «الطاعون فى فلورنسا»، يصف جيوفانى بالدينوتشى المشهد فى المدينة وكأنّه يصوّر مدينة ووهان الصينية هذه الأيّام: «كان محزناً أن ترى الشوارع والكنائس خالية تماماً من أى إنسان. وأصبح ممنوعاً على الناس أى مظهر من أشكال الصداقة. وهاجمت أمّ، أمام المحكمة ابنتيها لأنّهما خرجتا لزيارة الجيران وشهدتهما الشرطة بالجرم المشهود».
يروى المدوّنون فى تلك الأيام أنّ تبادل الكلام بين الجيران والمحجور عليهم أصبح هو أيضاً يؤدّى إلى السجن. وكالعادة، أُنحى باللائمة على الفقراء فى انتشار الوباء. وأصبحت ممارسة الرحمة والشفقة صعبة. فقد ذهبت امرأة لمساعدة شقيقتها المريضة فى بلدة أخرى، ولمّا عادت تبيّن أنّها أصيبت هى أيضاً، فانتشر الموت فى العائلة مودياً بسبع ضحايا. التواصل ممنوع بين الأهالى والجيران فى ووهان اليوم.
وأدّى الوباء فى القرن السابع عشر إلى ارتفاع الأسعار فى أوروبا وانهيار بعض الاقتصادات والتجارات، كما يحدث فى الصين اليوم. وعمّت المجاعة وصارت الناس تأكل ما يمكن أن تصل إليه من خضراوات وغيرها، وبلغ الأمر بوكالة الصحة أن حظرت ممارسة الجنس؛ لأنّ ارتفاع الحرارة فى الجسم يضعفه ويعرّضه للعدوى. وكان عقاب المرأة التى تُضبط بتلك الفعلة أن توضع على حمار، ظهرها إلى الأمام، يصفّق لها المؤنّبون فى الشارع. إذا توافر وجودهم هناك.
الوثيقة الأمريكية ومستقبل الشعب الفلسطيني
دكتور عبد العليم محمد
وبصحيفة البيان الإماراتية قال د.عبدالعليم محمد في مقاله اليوم :"على الرغم من خطورة ما تضمنته «رؤية ترامب لتحسين حياة الفلسطينيين والإسرائيليين» حول عدم قابلية القدس للتقسيم وإبقائها موحدة عاصمة لإسرائيل، وسيادة هذه الأخيرة على وادى الأردن والمستوطنات والمسجد الأقصى والإبقاء على الوضع القائم فيه، أى السيطرة الإسرائيلية، والسماح لمعتنقى الديانات الأخرى بأداء صلواتهم فيه، وما دون ذلك من بنود، إلا أن المبادئ التى ارتكزت عليها الوثيقة ووجهت روحها وبنودها وصياغتها ومثلت مرجعية متكاملة لمن قاموا بوضعها؛ مرجعية بديلة للقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة، هذه المبادئ وتلك المرجعية لا تقل خطورة عن بنودها، ولا شك فى أن كشف هذه المبادئ للعيان وكشف الغموض عنها يمثل ضرورة للحكم على هذه الوثيقة.
فإن الرؤية قد تضمنت مفهوماً تزعم أنه جديد فى السيادة يتعلق فقط بالفلسطينيين، فهى أى السيادة مفهوم تطور عبر الزمن خاصة مع الاعتماد المتبادل والتفاعل مع الدول الأخرى واعتماد الاتفاقيات وأن السيادة بالمفهوم الثابت والمعروف تعتبر من وجهة نظر هذه الرؤية مجرد حجر عثرة وغير مهم، وأن الاعتبارات العملية ذات الصلة بالأمن والازدهار هى التى تشغل الأهمية، أما السيادة على الأرض فهى «موضة قديمة».
أما عندما يتعلق الأمر بالسيادة الإسرائيلية على وادى الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات، فهى تقع وتخضع للسيادة الإسرائيلية دون تحريف أو مراوغة مفهومية أو تعريف جديد مراوغ للسيادة كما فى الحالة الفلسطينية.
خطوات ثابتة للرؤية
مشارى النعيم
وبجريدة الرياض السعودية كتب دكتور مشارى النعيم عن التحول الذى تشهده المملكة العربية السعودية، قائلا :"التحوّل الذى تعيشه المملكة فى الوقت الراهن يستحق أن يطلق عليه «عصر الإصلاح الشامل»، ويبدو أننا كنا بحاجة إلى هذه «الثورة الإصلاحية» التى يقودها خادم الحرمين وولى عهده «يحفظهما الله".
يعتبر الإصلاح الإدارى وترتيب الحقائب التى تمثل المؤسسات الرئيسة التى تقود الرؤية وتحقق تطلعاتها أحد أهم الخطوات التى تحتاجها المملكة فى المرحلة القادمة، التعويل على الإدارة أمر لا مفر منه وهذا ما تشير له الأوامر الملكية التى أصدرها خادم الحرمين - يحفظه الله - وحتى الأوامر التى سبقتها التى ساهمت فى إخراج وجه جديد لمؤسسات الدولة، التغيير الإدارى ضرورة ملحة، لأنه يصعب تحقيق الرؤية مع الإبقاء على المفاهيم والأساليب السابقة التى كانت تدار بها تلك المؤسسات، ربما نحن مقبلون على أسلوب إدارى جديد يجعل من المملكة فى مقدمة دول المنطقة وهذا ما تهدف له رؤية 2030 التى تفكر فى "المستقبل" والحفاظ على رفاهية الأجيال القادمة أكثر من التفكير فى "الآن" فقط، وإن كانت لا تهمله وتركز على جوانب القوة والضعف فيه، وهذا ما يبرر القرارات الإصلاحية المتلاحقة، فهى تشير إلى أن هناك دراسة وتحليل مستمر للواقع الإدارى لمؤسسات الدولة وتطوير هذا الواقع كى يتناسب مع حجم طموحات الرؤية.
القرارات وإن كانت مست "القيادات" ودمجت بعض المؤسسات، إلا أنه قد سبقها إصلاح من الداخل لتلك المؤسسات، وهذا هو بيت القصيد، فالأمر لم يتوقف عند من يقود هذه المؤسسات بل عمل خلال الفترة السابقة على "تفكيك" بنية هذه المؤسسات وإعادة بنائها بروح ومفاهيم إدارية جديدة تضمن "القياس" و"المراقبة" و"التطوير". بل إن هذه المراجعات واكبها تغيير فى الأنظمة والتشريعات لضمان فاعلية التغيير واستمراره. إذن نحن أمام إصلاح إدارى شامل ومتدرج، وأعتقد أنه لن يتوقف عند هذه الحدود بل إنه سيستمر حتى تكتمل الصورة تماما، هذه الصورة المراد تحقيقيها مبنية على دراسة وتحليل الواقع والإمكانات وربطها بالموارد وتعزيز هذه الموارد واستثمارها بشكل يضمن القوة الاقتصادية فى المستقبل، فتحقيق الأهداف التى وضعتها الرؤية يحتاج فى كثير من الأحيان إلى التأنى والصبر وقبل ذلك التجريب للتأكيد من فاعلية التغيير.
التحول الذى تعيشه المملكة فى الوقت الراهن يستحق أن يطلق عليه "عصر الإصلاح الشامل"، ويبدو أننا كنا بحاجة إلى هذه "الثورة الإصلاحية" التى يقودها خادم الحرمين وولى عهده - يحفظهما لله - فأى تحول يجب أن يصاحبه قرارات تحدث نقلة نوعية فى البنية الإدارية والاجتماعية / الثقافية والاقتصادية، فالهدف هنا هو بناء إنسان سعودى جديد قادر على الإنتاج يساهم فى النهضة الاقتصادية الشاملة التى تهدف لها الرؤية، وهذا يتطلب الغوص عميقا فى هذه البنى وتفكيكها بهدوء والبحث فى العقل المفكر الذى يوجهها ومحاولة إصلاحه وتوجيهه لتحقيق الأهداف المستقبلية التى تسعى لها المملكة، هذه هى "المهمة الصعبة" التى حملتها قيادة المملكة على عاتقها، وما الإصلاح الإدارى إلا جزء من إصلاح "كلي" لجميع هذه البنى حتى نضمن الاستقرار والاستمرار فى المستقبل بإذن الله.
يجب أن نعى أهمية "جرأة التغيير" التى نعيشها فى الوقت الراهن ونكون جزءا من نجاحها، الأمر الذى يعنى أن نعمل جميعا، خصوصا أولئك الذين يعملون فى مؤسسات الدولة ويساهمون بشكل مباشر فى تحقيق أهداف الرؤية، على نجاح قرارات التغيير المتلاحقة. فالأمر ليس تغييرا من أجل التغيير، بل هو تغيير من أجل بناء المستقبل، وهذه مسؤولية ملقاة على عاتق الجميع. الأوامر الملكية الأخيرة أتت لتؤكد هذه المسؤولية فهناك استيعاب كامل بأهمية إعادة بناء مؤسسات الدولة، وهذا يتطلب استيعابا بنفس القدر لمن يعمل فى هذه المؤسسات والمواطنين بشكل عام لأهمية إنجاح التحول.
ربما نكون بحاجة إلى المزيد من التحول الإدارى الذى يواكب العصر الجديد الذى نعيشه، خصوصا التحول على مستوى الإدارة المحلية وإعادة النظر فى النظام الإدارى للمناطق. وهذا يشمل المؤسسات المرتبطة بالمناطق خصوصا الأمانات التى تحتاج إلى استقلالية، وربما إلغاء لوزارة الشؤون البلدية والقروية والاكتفاء بمجلس أعلى لشؤون العمران يحدد السياسات العامة ويضع التشريعات، وهذا ينطبق على الجامعات التى يجب أن ترتبط بمجلس شؤون الجامعات والاكتفاء بأن تكون وزارة التعليم مشرفة على التعليم العام، هذه التحولات تؤسس لمرحلة عمل جديدة وتزيد من "التنافسية" التى تصنع الابتكار، وهذا هدف مستقبلى رئيس تسعى له بلادنا.