تقدمت الحكومة لمجلس النواب بعدد كبير من مشروعات القوانين منذ بداية دور الانعقاد الخامس فى أكتوبر الماضى، وكان للتشريعات الاقتصادية النصيب الأكبر من مشروعات القوانين التى تقدمت بها الحكومة خلال تلك الفترة، وذك فى إطار مُضى الدولة قُدما نحو تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الضخم الذى بدأ عام 2016، وتضمن تلك التشريعات 5 مشروعات سيكون لها انعكاسا قويا على موارد الموازنة العامة للدولة ودعم الخزانة العامة، فضلا عن تعزيز الثقة فى الاقتصاد المصرى وجذب المزيد من المستثمرين الراغبين فى العمل فى مصر.
مشروع قانون الجمارك
وعلى مدار الـ5 أشهر الماضية ناقشت لجنة الخطة والموازنة مشروع قانون جديد للجمارك، وعقدت العديد من جلسات الاستماع بحضور جمعيات رجال الأعمال واتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية وممثلى الجهات والهيئات الحكومية والوزارات المُختلفة، ويقوم المشروع على مراعاة التطورات التى شهدها المجتمع المصرى، وملاحظات المجتمع التجارى، وما قررته الاتفاقيات الدولية التى انضمت إليها مصر، وتنظيم الإعفاءات الجمركية بتجميع كافة النظم الجمركية المختلفة ليصدر بها قانون واحد وشامل يجارى مقتضيات التطوير، ويربط بين الأحكام والنظم الجمركية المتفرقة ويجعلها أكثر تناسبا، وأيسر تطبيقا.
واستمدت أحكام هذا المشروع من أحكام قانونى الجمارك، وتنظيم الإعفاءات الجمركية الحاليين وما لحقهما من تعديلات، والاطلاع على العديد من التشريعات المقارنة ومنها التشريع الأمريكى، والأوروبى، والإماراتى، والإندونيسى بما يكفل مسايرة خطة التنمية الاقتصادية فى كافة مراميها مع الأخذ بأحدث ما انتهت عليه الأنظمة الجمركية فى الخارج وما قررته المنظمات والاتفاقات الدولية، وعليه تضمن المشروع مبدأ عدم الإخلال بالإعفاءات التى قررتها قوانين أخرى سارية منعا للازدواج كقانون الرياضة وقانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وغيرها من القوانين التى تقرر إعفاءات جمركية.
ويقضى المشروع أيضا بتقسيط الضريبة المُستحقة على الآلات والمعدات وخطوط الإنتاج التى لا تتمتع بأى إعفاءات أو تخفيضات، فضلا عن استحداث نظام (المخازن الجمركية المؤقتة) كى تكون الموانئ بوابات عبور للبضائع وليست أماكن لتخزينها أو تكدسها، ووضع نظاما جديدا يتيح التظلم إلى جهة الإدارة قبل اللجوء للتحكيم لدرء تفاقم المنازعات بين أصحاب البضائع ومصلحة الجمارك.
الإجراءات الضريبية المُوحد
ومن أهم أهداف مشروع قانون الإجراءات الضريبية الموحد دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، وهو ما سوف ينعكس إيجابيا على الاقتصاد القومى ككل، حيث يبلغ حجم الاقتصاد غير الرسمى نحو 4 تريليونات جنيه وفقا لدراسة أعدتها لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية، تعود إلى نهاية عام 2018.
ويستهدف مشروع القانون تيسير إجراءات ربط تحصيل الضرائب المختلفة «ضريبة دخل، ضريبة القيمة المضافة، ضريبة الدمغة، رسم تنمية الموارد المالية للدولة»، منعا لتعدد الإجراءات علاوة عن منع الازدواج الضريبى، بالإضافة إلى كونه يرسى منظومة لإصدار الفاتورة الإلكترونية واعتبارها من وسائل الإثبات المعترف بها ضريبياً، أسوة لما هو متبع فى كثير من دول العالم، وذلك تمهيدا لبدء نشر الأجهزة والنظم الإلكترونية لمراقبة عمليات البيع والشراء، وربطها مع مصلحة الضرائب على مستوى الجمهورية بالكامل لتحصيل الضريبة المستحقة،
كما نظم إجراءات ربط وتحصيل الضريبة على الدخل، والضريبة على القيمة المضافة، ورسم تنمية الموارد المالية للدولة، وضريبة الدمغة، وأى ضريبة ذات طبيعة مماثلة أو تتفق فى جوهرها مع هذه الفرائض المالية أو تحل محلها، والاعتماد على الوسائل التقنية الحديثة فى اتخاذ الإجراءات الضريبية ومعاملتها سواء بسواء من حيث الأثر والحجية، وتبنى قواعد تتسم بالمرونة والسرعة والفاعلية فى إنهاء المنازعات الضريبية، كما تناول حقوق والتزامات الممولين والمكلفين وغيرهم، وكذا ما يتعلق بتنظيم الإدارة الضريبية، وتسجيل الممولين والمكلفين لدى المصلحة، والإقرارات الضريبية والملزم بتقديمها وآلية ومواعيد تقديمها.
ويتضمن مشروع القانون الأحكام الخاصة بالرقابة الضريبية، وما تتضمنه من الإثبات والفحص الضريبي والاخطار بالربط، وكذا ما يتعلق بتحصيل الضريبة والمبالغ الأخرى غير المسددة، وإجراءات الطعن الضريبى.
قانون تنمية المشروعات الصغيرة
من التشريعات التى تصب أيضا فى طريق دمج الاقتصاد غير الرسمى مشروع قانون "تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر"، ويستهدف تنظيم الحوافز الضريبية وغير الضريبية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وكذا حوافز الشركات والمنشآت الداعمة لتلك المشروعات، وموانع التمتع بتلك الحوافز، وتنظيم التيسيرات المتعلقة ببدء التعامل.
وتضمن الباب السادس من مشروع قانون تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر المقدم من الحكومة إلى البرلمان، توفيق أوضاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر العاملة فى مجال الاقتصاد غير الرسمى.
ونصت المادة 71 من مشروع القانون، على أن يتولى جهاز تنمية المشروعات أو من يفوضه من الأشخاص الاعتبارية إصدار تراخيص مؤقتة للمشروعات العاملة فى الاقتصاد غير الرسمى التى تباشر نشاطها بدون ترخيص وقت العمل بأحكام هذا القانون، وتتقدم بطلب الحصول على هذا الترخيص لتوفيق أوضاعها وفقًا لأحكام هذا الباب، وعلى ألا تجاوز مدة الترخيص المؤقت ثلاث سنوات.
ونصت المادة 72 من مشروع القانون، على أن يمنح الترخيص المؤقت لمشروعات الاقتصاد غير الرسمى التى تتقدم خلال مدة لا تجاوز عامًا باللائحة التنفيذية بطلبات لتوفيق أوضاعها إذا استوفيت الإجراءات والشروط المبينة فى هذا القانون، وتبين اللائحة التنفيذية إجراءات وشروط التقدم بطلبات توفيق الأوضاع وضوابط قبولها، ويحدد الجهاز الجدول الزمنى لتوفيق الأوضاع الذى يتعين الالتزام به خلال مدة سريان الترخيص المؤقت.
ويكون للوزير المختص مد المدة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من هذه المادة لمدد أخرى أو تقرير مدد جديدة لتقديم طلبات توفيق الأوضاع، وذلك بناء على اقتراح الجهاز.
أيلولة نسبة من أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص
كما وافق مجلس النواب أيضا، نهائيا وبأغلبية ثلثى أعضاء البرلمان على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بأيلولة نسبة من أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص وفوائض الهيئات العامة إلى الخزانة العامة للدولة.
ويقضى مشروع القانون المعروض على مجلس النواب بأيلولة نسب مختلفة من أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص إلى الخزانة العامة للدولة لدعم موارد الموازنة العامة للدولة.
ومن المتوقع أن تكون حصيلة تطبيق مشروع القانون، حال إقراره وفقاً للأرصدة القائمة والتى تُقدر بنحو 31,7 مليار جنيه، نحو 4,2 مليار جنيه، بالإضافة إلى مبلغ 800 مليون جنيه حصيلة نسبة (10%) من فوائض الهيئات العامة، ليكون المبلغ الإجمالى المتوقع تحصيله نحو 5 مليارات جنيه.
إنهاء المنازعات الضريبية
ووافق مجلس النواب، على مشروع قانون مُقدم من الحكومة، بشأن تجديد العمل بإنهاء المنازعات الضريبية، وتنص المادة الأولى منه على أن يُجدد العمل بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها فى القانون رقم (79) لسنة 2016 فى شأن إنهاء المنازعات الضريبية المُعدل بالقانونين رقمى (14) لسنة 2018 و(174) لسنة 2018، حتى 30 يوليو 2020.
وكان الدكتور محمد معيط، وزير المالية، قد كشف خلال اجتماع سابق للجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، عن حجم المبالغ التى تم تحصيلها خلال السنوات الماضية نتيجة إنهاء المنازعات الضريبية وتسوية الغرامات، والتى بلغت نحو 19.5 مليار جنيه، منها 13 مليار جنيه نتيجة إنهاء المنازعات الضريبية، و6.5 مليار جنيه نتيجة تسوية الغرامات.
وتقضى المادة الأولى من المشروع باستمرار اللجان المُشكلة وفقا لأحكام القانون رقم (79) لسنة 2016 المُشار إليه فى نظر الطلبات التى لم يُفصل فيها، كما تتولى الفصل فى الطلبات الجديدة التى تُقدم إليها حتى 30 يونية 2020.
ويهدف المشروع إلى استقرار الأوضاع المالية للممولين والمكلفين من ناحية والخزانة العامة من ناحية أخرى، على حد سواء، وبما يُسهم فى تحصيل الدولة ما عساه يستحق لها من ضرائب تدور حول هذه المنازعات.
ويأتى فى إطار الحرص على تيسير سبيل الإسراع فى إنهاء المنازعات الضريبية والجمركية، ودون الانتظار إلى حين الفصل فيها بمعرفة لجان الطعن، ولجان التوفيق، ولجان التظلمات أو المحاكم، ومراعاة للأثر الإيجابى الذى نتج عن تطبيق القانون رقم (79) لسنة 2016.