نواصل قراءتنا للمفكر العربى الكبير جواد على (1907- 1987) وموسوعته المهمة "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" وقد توقفنا من قبل عند مصطلحى (العرب والجاهلية).
وموسوعة "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" يعد واحدا من الكتب المهمة فى قراءة التاريخ العربى القديم، ويتألف امن 10 أجزاء أحدها مخصص للفهرس، ويعتبر أضخم عمل أكاديمي فى تاريخ العرب والجزيرة العربية في فترة ما قبل ظهور الإسلام، ونشرت الموسوعة فى سنة 1968.
ونقرأ مع اليوم ما قاله جواد على وطرقه فى التعرف على التاريخ العربي، وأهم هذه الطرق هى النقوش، لذا يقول "تعد النقوش والكتابات فى طليعة المصادر التى تكون التاريخ الجاهلى، وهى وثائق ذات شأن، لأنها الناطق الحى الوحيد الباقى من تلك الأيام، وأريد أن أقسمها إلى قسمين: نقوش وكتابات غير عربية تطرقت إلى ذكر العرب كبعض النصوص الآشورية أو البابلية، ونصوص وكتابات عربية كتبت بلهجات مختلفة، منها ما عثر عليه فى المنطقة العربية الجنوبية، ويدخل ضمنها تلك التى وجدت فى مصر أو فى بعض جزر اليونان أو فى الحبشة، ومنها ما عثر عليه فى مواضع أخرى فى جزيرة العرب، مثل أعالى الحجاز وبلاد الشام والعربية السعودية والكويت ومواضع أخرى، وكل ما عثر أو سيعثر عليه من نصوص فى جزيرة العرب مدونا بلهجة من اللهجات التى تعارف علماء العرب أو المستشرقون على اعتدادها من لغات العرب.
ويتابع الكتاب "أغلب الكتابات الجاهلية التى عثر عليها وهى للأسف فى أمور شخصية، لذلك انحصرت فوائدها فى نواح معينة، فى مثل الدراسات اللغوية، وأقلها النصوص التى تتعرض لحالة العرب السياسية، أو الأحوال الاجتماعية أو العلمية أو الدينية أو النواحى الثقافية والحضارية الأخرى، ولهذا بقيت معارفنا فى هذه النواحى ضحلة غير عميقة".
ويضيف جواد على "بل حتى النصوص العربية الجنوبية التى عثر عليها حتى الآن، هى فى أمور شخصية فى الغالب، من مثل إنشاء بيت، أو بناء معبد، أو بناء سور، أو شفاء من مرض، ولكنها أفادتنا، مع ذلك، فائدة كبيرة فى تدوين تاريخ العرب الجنوبين، فقد أمدتنا بأسماء عدد من الملوك، ولولاها لما عرفنا عنهم شيئا".