ـ خسائر تأجيل طرح No Time to Die حول العالم تصل إلى 50 مليون دولار.. ومهرجان كان يحاول الصمود فى ظل إلغاء سوق MIPTV الفرنسى
فى ظروف مختلفة عن الوضع الذى يشهده العالم حاليا، كان من المفترض أن يكون صناع السينما فى مصر والوطن العربى والعالم يحزمون أمتعتهم استعدادا للسفر إلى السعودية، وتحديدا إلى جدة ليشهدوا انطلاق الدورة الأولى من مهرجان البحر الأحمر السينمائى لكن حالة الفزع التى يشهدها العالم بسبب انتشار فيروس كورونا دفع صناع المهرجان للتراجع عن انطلاق الدورة الأولى حفاظا على سلامة ضيوف المهرجان، والذى كان يشكل خطوة مهمة جدا فى صناعة السينما بالوطن العربى، وتحديدا السعودية التى لطالما عانت كثيرا بسبب غياب صناعة السينما، الأمر الذى كان سببا رئيسيا فى هجرة المواهب السينمائية السعودية الشابة والمخرجين لأسواق عالمية بعيدا عن بلادهم التى لم يكن للسينما مكان فيها إلى أن شهدت حالة من الانفتاح الكبير على المستوى الفنى وهو ما سهل اتخاذ إجراءات سريعة بانطلاق مهرجان البحر الأحمر بقيادة شابة للمخرج محمود الصباغ، وبكوادر من مختلف الوطن العربى ممن لهم خبرات فى مجال صناعة المهرجانات.
كل ذلك تحطم على صخرة فيروس كورونا الذى ضرب صناعة السينما فى مقتل، متسببا فى خسارة لأصحاب الأفلام التى كانت لتتنافس على جوائز اليسر «جوائز المهرجان» والتى تقدر بـ250 ألف دولار وهو المبلغ الذى من المؤكد كان سيشكل فارقا كبيرا لصناع الأفلام ممن يبحثون عن دعم لأفلامهم المقبلة.
تأجيل مهرجان البحر الأحمر أصاب صناع السينما فى مصر والوطن العربى بالارتباك، خاصة أن هناك مشاركات من مصر منها فيلم LUXOR للمخرجة الفلسطينية زينة درّة وهو الفيلم الذى كان على قائمة الأفلام المتنافسة بالمسابقة الرسمية للمهرجان، وهو إنتاج مشترك بين مصر - المملكة المتحدة - الإمارات العربية المتحدة وهو من إنتاج محمد حفظى، وبطولة ممدوح سابا وبطولة أندريا ريسبورو، مايكل لانديز، كريم صالح، شيرين رضا وننشر الصور الأولى من الفيلم.
يتناول الفيلم قصة هانا وهى موظفة إغاثة بريطانية، تعود إلى الأقصر هربًا من القسوة التى واجهتها على الحدود السورية الأردنية، فى المدينة الأثرية، حيث تلتقى بعالم الآثار سلطان «كريم صالح»، وهو شخص كانت تعرفه قبل زمن طويل، وبين التماثيل والآثار لحضارات عاشت واندثرت.
كما كان يتنافس أيضا 3 أفلام قصيرة فى مسابقة المهرجان للأفلام القصيرة وهى «الحد الساعة خمسة» من إخراج شريف البندارى وإنتاج صفى الدين محمود، وسالى ولى، وشريف البندارى وتمثيل هديل حسن، وخيرى بشارة، وأيتن أمين، وصدقى صخر، يدور الفيلم حول هديل فتاة ثلاثينية تعيش فى القاهرة وفى لحظة فارقة من حياتها التى تود تغييرها تقرر الذهاب لعمل تجربة أداء فى أحد أفلام المخرج المصرى الكبير خيرى بشارة فيضعها بشارة فى لحظة اختيار تزيد من حيرتها والفيلم روائى تسجيلى يمزج بين الواقعى والمتخيل فى بناء سردى.
كما يشارك فيلم «الخد الآخر» إخراج ساندرو كنعان وتمثيل طارق عبد العزيز، ومحيى ضرغام، ودرة يوسف، وفيلم «حنّة ورد» إخراج مراد مصطفى وتمثيل حليمة، وورد، ومارينا فيكتور وتدور أحداثه حول «حليمة» وهى امرأة سودانية تعيش فى مصر تعمل «حنانة»، ترسم الحنة للعروس قبل حفلات الزفاف، تذهب حليمة إلى حفلة حنة فى إحدى المناطق الشعبية للقيام بعملها وإعداد العروس، بصحبة ابنتها «ورد» البالغة من العمر 7 سنوات والتى تتجول داخل الشقة وتستكشف المكان بفضول الأطفال.
وحتى كتابة هذه الكلمات لم يعلن المهرجان عن مصير الأفلام المتنافسة وهل سيتم السماح لها بالانسحاب واللحاق بمهرجانات أخرى أم ستظل رهن قرار عودة المهرجان والإعلان عن موعد انطلاقه الجديد، فصناع تلك الأعمال هم أيضا لم يتلقوا أى رد بخصوص هذا الأمر.
على مستوى دول الخليج لم يؤثر فيروس كورونا على السينما فقط خاصة بعد تأجيل مهرجان البحرين والذى أشارنا له فى الجزء الأول من «ملف الكورونا وتأثيرها على السينما»، بل امتد هذا الفزع لإلغاء فعاليات موسيقية وغنائية أيضا، أبرزها تعليق المملكة العربية السعودية جميع الجلسات الغنائية الخاصة بموسم «سمرات الثمامة» بالرياض، إضافة إلى إلغاء حفل الفنانة اللبنانية ميريام فارس الخاص بأول بطولة نسائية للجولف فى السعودية، فيما أوقف دار أوبرا الكويت «مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافى» النشاط الفنى بالدار حتى نهاية شهر مارس.
على المستوى العالمى الخسائر أقوى حيث أعلن موقع هوليوود ريبورتر عن تأجيل عرض فيلم جيمس بوند «No Time to Die» حول العالم إلى نوفمبر المقبل، وذلك بعدما كان من المفترض طرحه عالميا فى أبريل المقبل، إلا أن انتشار فيروس كورونا حول العالم بشكل مفزع دفع صناع الفيلم لعرضه فى نوفمبر، وذلك بعد أيام قليلة من تأجيل جولته فى الصين لأجل غير مسمى لنفس السبب.
تأجيل طرح الفيلم فى موعده وغيابه عن الصين تسبب فى خسائر لصناع الفيلم تتراوح ما بين 30 إلى 50 مليون دولار أمريكى، خاصة أن الفيلم هو النسخة الأخيرة من فيلم العميل «جيمس بوند»، واحد من أعرق سلاسل السينما العالمية، ويقوم ببطولته النجم دانييل كريج، ويعتبر الفيلم هو النسخة الـ25 من السلسلة، حيث قدم كريج قبل عدة سنوات فيلم Specter، وحقق نجاحا كبيرا، ويشارك فى بطولة الفيلم نجم الأوسكار المصرى الأمريكى رامى مالك.
الفيلم كان من الأعمال المنتظرة فى 2020، خاصة أن قصته تحمل الكثير من التشويق حيث تدور الأحداث حول حياة جيمس بوند الذى ترك الخدمة ليتمتع بحياة هادئة فى جامايكا، لكن هدوء حياته لا يدوم طويلا، حيث يحضر صديقه القديم فيليكس ليتر من وكالة الاستخبارات المركزية لطلب المساعدة، ومن ثم تبين أن مهمة إنقاذ عالِم مخطوف كانت أكثر خيانةً مما كان متوقعًا، مما أدى إلى وصول بوند إلى شرير غامض مسلح بتكنولوجيا جديدة خطيرة.
مهرجان كان السينمائى واحد من أهم وأعرق المهرجانات السينمائية على مستوى العالم هو أيضا يواجه شبح الإلغاء، وعلى عهدة موقع فارايتى المتخصص فى مجال السينما أعلن وزير الصحة فى فرنسا أوليفييه فيران، تمديد قرار حظر التجمعات لأكثر من 5000 شخص حتى يوم 31 مايو، وهى الفترة التى تضم فترة انعقاد الدورة المقبلة من مهرجان كان السينمائى، حيث ينطلق من 12 إلى 23 مايو، وذكر الموقع أن المهرجان جمع العام الماضى 12527 مشاركا فى فعالياته.
إلا أن موقع indiewire نقل بيان المهرجان والذى أكد على عقد مؤتمر صحفى يوم 16 أبريل للإعلان عن تفاصيل الدورة الجديدة من المهرجان، وقالت Aida Belloid، الناطقة الرسمية باسم مهرجان كان إن قرار الحظر لن يكن له تأثير مباشر على تنظيم المهرجان حيث المهرجان لا يجمع أكثر من 5000 شخص فى مكان مغلق واحد وأن مسرح لوميير وهو أكبر المسارح التى تضم فعاليات المهرجان يتسع فقط لـ2300 شخص، وبالتالى القرار لا يسرى على المهرجان، إلا أن التطورات التى يشهدها العالم مع انتشار الفيروس فى كل أنحاء العالم قد يكون لها كلمة أخرى فى الفترة المقبلة ولو أن الإلغاء سيكون له واقع مرير على صناع السينما حول العالم لما للمهرجان من أهمية إلا أن الصحة سلامة ضيوف المهرجان من المؤكد أنها ستكون فى المقام الأول لصناع المهرجان مثلما جاء ببيان المهرجان الأول الذى أصدره المهرجان بعدما أصيب العالم بحالة فزع شديدة بسبب الفيروس.
فى الوقت الذى يؤكد صناع مهرجان كان على أن المهرجان فى موعده تأجل مهرجان كان «MIPTV» وهو سوق يشكل أحد أبرز الأسواق العالمية لصناعة الترفيه فى العالم، ليقام فى شهر أكتوبر المقبل بعدما كان من المقرر إقامته فى موعده نهاية مارس الجارى وحتى 2 أبريل المقبل.
ويأتى ذلك أيضا فى الوقت الذى أعلنت فيه الحكومة الإيطالية، إغلاق دور السينما والمسارح والمتاحف فى عموم البلاد بسبب فيروس كورونا، بينما أكد موقع فارايتى أن شركة «سونى بيكتشرز انترتينمنت» أغلقت ثلاثة مكاتب بعد إصابة أحد موظفيها فى لندن من منطقة مصابة بفيروس كورونا، وهى لندن وباريس وجدينيا فى بولندا، حيث يعمل جميع الموظفين من المنزل.
فيما نقل موقع الديلى ميل توقعات المحللين ممن أعلنوا أن هوليوود تواجه خسائر بقيمة 5 مليارات دولار، بينما أعلن موقع هوليوود ريبورتر أن الفيروس أثر بشكل كبير على إنتاج الأفلام فى كوريا الجنوبية وإيطاليا وحتى اليابان، ثالث أكبر سوق للأفلام فى العالم، وأشار المحللون إلى أن الخسائر المتوقعة لصناعة السينما حول العالم التى تصل إلى 5 مليارات دولار قد تزيد فى حالة تأثر أسواق سينمائية أخرى كسوق السينما فى الولايات المتحدة والتى تعانى هى الأخرى من تزايد كبير فى عدد المصابين والوفيات.
فى مجال الغناء كان للنجم جاستين بيبر جانب من الضرر الذى لحق بنجوم الفن حول العالم بسبب الفيروس، حيث كان يستعد بيبر لإقامة جولة غنائية ضخمة فى مايو المقبل من أجل الترويج لألبومه الغنائى الجديد «Changes»، لكن الفيروس كان له قرار آخر جعل إقامة الجولة مخاطرة لا يستطيع أحد تحمل عواقبها.
بالتزامن مع ذلك تم إلغاء مهرجان SXSW الموسيقى الشهير والذى يشارك به عدد هائل من نجوم العالم، وهو واحد من أهم الأحداث الموسيقية فى العالم.
فى ظل الأجواء التى لا تتحدث سوى عن الإلغاء أو الخسائر نشر موقع فوربس، أن المؤشرات تشير إلى أن فيلم والت ديزنى «mulan» من المتوقع أن يحصد ما بين 80 إلى 90 مليون دولار أمريكى فى افتتاحيته بأمريكا الشمالية، وهو دليل على أن الجمهور جاهز للنزول إلى السينمات ومشاهدة الفيلم وهو بارقة أمل قد تعوض خسائر تجمد سوق السينما فى الصين.
ومع تزايد الحالات في مصر أصدر الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء قرارا بتعليق جميع الفعاليات التى تتضمن أى تجمعات كبيرة من المواطنين، أو تلك التى تتضمن انتقال المواطنين بين المحافظات بتجمعات كبيرة، لحين إشعار آخر، وذلك ضمن الاجراءات الاحترازية التى تتخذها الحكومة لمواجهة فيروس "كورونا المستجد"، وهو ما قد يؤثر علي دور العرض السينمائي والمسارح والحفلات والمهرجانات السينمائية منها والغنائية.