سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 مارس 1910.. النائب العام يحيل «الوردانى» للمحاكمة بتهمة قتل بطرس باشا غالى عمدا

السبت، 14 مارس 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 مارس 1910.. النائب العام يحيل «الوردانى» للمحاكمة بتهمة قتل بطرس باشا غالى عمدا ذات يوم
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
واصل النائب العام ثروت باشا التحقيق مع إبراهيم الوردانى قاتل بطرس باشا غالى رئيس النظار «الوزراء» وسأل عدة أشخاص ممن لهم صلة بالمتهم للوقوف على أبعاد الجريمة التى وقعت يوم «20 فبراير 1910»، وبسببها «ارتجت البلاد، فرصاصاته الست كانت أول ما فرق الهدوء المصرى التقليدى»، حسب وصف فتحى رضوان فى كتابه «نصف قرن من السياسة «دار الهلال – القاهرة».
يصف «رضوان» حالة «الوردانى» بعد القبض عليه واقتياده إلى التحقيق: «لم تطرف له عين، ولا يختلج فيه عصب، ومضى مكبل اليدين، صامتا، مطبق الشفتين ناظرا إلى الأمام هادئا ثابتا، وقال المعلقون ممن يعرفون علم النفس: هؤلاء الذين يقدمون على قتل الكبراء، دون أن يفكروا فى الهرب، يشعرون بأن الفعل الذين أجمعوا أمرهم على ارتكابه، هو هدف حياتهم، به يتحقق وجودهم، ومن ثم فهم لا يشعرون بشىء من حولهم، ولا يفزعهم أن مصيرهم الموت»، ويضيف رضوان: «لما دخل الوردانى إلى غرفة النائب العام، لم ينكر فعلته، ولم يبد ندما على إتيانها، وبررها بأسباب عديدة،وأكد أنه كان وحده، وليس له شريك ولا محرض، ولا معين إلا قلبه، وخرج بنفس الهدوء الذى دخل به حجرة النائب العام، وجرؤ بعض الناس أن يهتف بحياته ثم يعدو هربا من القبض عليه، فابتسم ابتسامة خفيفة ولم يزد».
كان «الورادنى» ابن 23 عاما، وحسب أحمد شفيق باشا «رئيس ديوان الخديو عباس الثانى» فى مذكراته «الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة»: «تلقى العلوم فى المدارس المصرية حتى حصل على شهادة البكالوريا، ولما توفى والده قام عمه الدكتور ظفيل حسن  «باشا» بتربيته وأرسله إلى سويسرا لتلقى علوم الصيدلة،فمكث فى لوزان سنتين، ثم ذهب إلى إنجلترا فقضى بها سنة، وعاد إلى مصر فافتتح بها صيدلة فى شارع عابدين، واتصل بالحزب الوطنى، وهو شاب عصبى المزاج شديد الانفعال»، ويصفه الدكتور محمود متولى فى كتابه «مصر وقضايا الاغتيالات السياسية «كتاب الحرية – القاهرة»: «شاب حميد الأخلاق أبى النفس محبوب من جميع زملائه، أسس جمعية وطنية سماها «جمعية التضامن الأخوى التى ينص قانونها على أن من يندمج فى عضويتها يكتب وصيته قبل ذلك، ولم يصدق أصدقاءه خبر أنه هو الفاعل الذى قام باغتيال رئيس الوزراء لأن من كان مثله فى طهارة أخلاقة وطيب أعراقه واطمئنان تفكيره واشتغاله بتحضير عقاقيره لا يقدم على الاغتيال».
ذكر «الوردانى» أسباب جريمته، وهى وفقا للدكتور محمود متولى فى كتابه «مصر وقضايا الاغتيالات السياسية «كتاب الحرية – القاهرة»، أنه حضر جلسة الجمعية العمومية «البرلمان»، ولاحظ المعاملة الجافة التى يعامل بها بطرس باشا أعضاء المجلس، واعتزم تنفيذ فكرته عند تقديم مشروع مد أجل امتياز شركة قناة السويس «يجعلها تحت سيطرة الإنجليز حتى عام 2008»، كما أنه يذكر له رئاسته للمحكمة المخصوصة فى قرية دنشواى وقرارها بإعدام أربعة من المتهمين شنقا فى نفس القرية، وتوقيعه اتفاقية الحكم الثنائى لإنجلترا مع مصر للسودان.
يذكر «شفيق باشا» أنه تم التحقيق أشخاص لهم صلةبـ«الوردانى»، ووجدت أسماؤهم أو صورهم بين أوراقه، وأوراق أعضاء الحزب الوطنى وفى مقدمتهم محمد فريد بك رئيس الحزب الذى قال أن علاقته بالقاتل كعلاقته بكل عضو من أعضاء الحزب، وقبض على، شفيق منصور وعباس حسنى ومحمد الصباحى الطالب بمدرسة «رأس التين» وعبد الله حلمى المهندس بالأوقاف ومحمد زكى على أفندى المحامى، وفى 25 فبراير أطلق سراح ثمانية من المتهمين، وبقى تسعة منهم الوردانى ثبت أنهم أعضاء فى جمعية سرية للقتل السياسى ألفت من ست سنوات،وضبط قانون الجمعية بين أوراقهم، وسمعت النيابة أقوال على الشمسى أفندى وخلاصتها، أنه رأى الوردانى يوم انعقاد الجمعية العمومية للنظر فى مشروع امتياز القناة هو ثائر متهيج، وشديد الإخلاص لإخوانه حتى أنه كان ينفق عليهم بعض من ماله ويدع نفسه فى حاجة وشدة،وكان يلاحظ فيه الحياة فى مجالسه وقلة الكلام مع شدة الحماسة فى الجدل، ولكنه لم يكن يجاوز حدود الأدب فى مناقشاته إذا احتد.
وفى يوم 14 مارس «مثل هذا اليوم» 1910 أحال النائب العام المتهمين إلى قاضى الإحالة بتهمة القتل العمد، وحسب شفيق باشا:»فى يوم 22 مارس قرر القاضى متولى بك غنيم، إحالة الوردانى وحده إلى «الجنايات»، وإخلاء سبيل الآخرين لأن القانون ينص على إعفاء المشتركين فى الاتفاق الجنائى إذا لم يرتكبوا حوادث بالفعل». 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة