مع بداية الأشهر الحرم – بشهر رجب - واصل قطار المصالحات في صعيد مصر رحلته، بعد توقف قارب عدة أشهر، ليستكمل مبادرة "صعيد خالي من الثأر"، والتي أطلقها عدد من الرموز والقامات المصرية، بعد أن حققت مبادرات أخرى في الصعيد عدة نجاحات في إنهاء الخصومات الثأرية.
بالأمس تم إنهاء الخصومة الثأرية بالصلح بين أولاد بدر وأولاد مخيمر في بنى محمد – محافظة أسيوط - التى بدأت وقائعها منذ عدة سنوات، وأودت بحياة شخص، وذلك بعد أن تمكن الحكماء وعقلاء البلدين من إتمام الصلح بينهما وإنهاء الخصومة، وتقرر الدخول بالكفن، وتعهد الطرفان بعدم العودة للخلافات مجددا.
شارك في جلسة الصلح قيادات وزارة الداخلية وعلماء من الأزهر الشريف، وعلى رأسهم الحاج شريف منير عبد الوهاب، والأستاذ طه عمار، والدكتور صابر عطية، وبالمعاونة والتنسيق مع رجال الأمن وعلى رأسهم اللواء أسعد الذكير، مدير أمن أسيوط، واللواء منتصر عويضة، مدير مباحث أسيوط، واللواء محمد حبيب، مساعد مدير أمن أسيوط، والعميد عثمان عبد الجواد، مدير البحث الجنائي، ومأمور مركز أبنوب العميد أحمد عبد الحفيظ، ورئيس وحدة مباحث أبنوب المقدم عبد المجيد مختار – ولفيف من رجال الدين وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الدكتور خلف عمار، مدير إدارة منطقة الدعوة والفتوى بالأزهر الشريف بأسيوط، وفضيلة الشيخ عاصم القبيصى وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، وأكثر من 2000 شخص من أهالي قرية بنى محمد والقرى المجاورة.
وفى الحقيقة، إن مسألة المصالحات تأتى في إطار توجيهات وزير الداخلية بالرقى بمستوى المنظومة الأمنية وتكثيف التواجد الأمني وبذل المزيد من الجهد لتحقيق الأمن للمواطنين والسعى الجدي لإنهاء الخصومات والحوادث الثأرية صلحًا وتنفيذًا لخطة المديرية فى هذا الشأن.
صعيد بلا ثأر: نواصل وقف نزيف الدماء
وفى هذا الإطار، يقول الحاج شريف منير عبد الوهاب، مسئول ملف "صعيد بل ثأر" بمحافظة أسيوط، إن مسألة تنفيذ خطة "صعيد يخلو من الثأر" هي بمثابة خطة طموحة للقضاء على عادة الثأر ونزيف الدماء، مؤكداَ أن تلك المبادرة المستمرة منذ عدة سنوات ليكون الصعيد خاليا من الثأر، باعتبارها نقطة الانطلاق لإرساء قواعد السلام والمحبة على مستوى الصعيد من أجل السلام والأمن المجتمعي.
وقال "عبد الوهاب" في تصريح لـ"اليوم السابع" –: مسألة تحقيق الأمن والاستقرار بين العائلات المصرية هدف نسعى إليه من خلال لجنة المصالحات لوقف النزاعات التي لا تجلب إلا الخراب والدمار، حيث حذر بشدة من خطورة اقتناء الأسلحة لأن اقتناء السلاح أمر يدمر المجتمع، فالقوى الذى نعرفه جيداَ وهو من يصفح ويسامح، وردد قائلاَ: "نحاول بشكل سريع التواصل مع أطراف الخصومات، من أجل جذب خيوط الصلح والدفع بعد ذلك بالمؤثرين من العائلات لتقريب وجهات النظر وتقدم بالشكر لكافة القيادات الأمنية السابقة على ما بذلته من جهد فى هذا المجال المهم على مستوى المراكز والأقسام بالمديرية".
دور الأمن في انهاء الخصومات الثأرية
وأكد العميد أحمد عبد الحفيظ، مأمور مركز أبنوب، أنه تم بحمد الله تعالى إنهاء الخصومة الثأرية بين العائلتين بعد نجاح جهود المصالحة، في التوفيق بين الأطراف، لافتًا أن ما يشهده صعيد مصر حاليا، يؤسس لمرحلة جديدة من التسامح والتآخي والمحبة بين أبناء البلد الواحد وهو ما يعمم حالياَ في جميع أنحاء الجمهورية.
وأضاف "عبد الحفيظ" أثناء مشاركته في عملية الصلح أن ما تم في قرية "بنى محمد" من تحقيق المصالحة بين المتخاصمين، وردم الدم، هو ما ينبغي أن يتم في كل القرى والنجوع والمناطق، حتى تسود المحبة والتسامح بين الشباب، الذي يحتاجه الوطن في البناء والتنمية، حيث أن مسألة إنهاء الخصومات الثأرية يعكس مدى تغيير الثقافات والأفكار السائدة لدى الأهالي وتغليب مصلحة الوطن لتحقيق الاستقرار واستكمال مسيرة التنمية والإصلاح.
دور الأزهر في المصالحات
وعن دور رجال الأزهر في عملية القضاء على الثأر في صعيد مصر، يقول الشيخ الدكتور خلف عمار، مدير إدارة منطقة الدعوة والفتوى بالأزهر الشريف بأسيوط، أن مسالة نجاح المصالحات هو نجاح للجهود المحمودة التي باشرتها لجنة الصلح على مدار عدة أشهر، برعاية الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبالتنسيق مع القيادات الأمنية بالمحافظة أسيوط
ودعا "عمار"- في كلمته التى ألقاها أثناء الصلح، أن تحقيق المصالحة بين المتخاصمين، من أولويات الأزهر الشريف، امتثالًا لأوامر الدين الحنيف، وسعيًا لتطبيق مبادئ التسامح والعفو، التي من شأنها تحقيق الرفعة للأمة في مشارق الأرض ومغاربها، مؤكداَ أن إنهاء الخصومات الثأرية، يحقق للمجتمع نعمتي الأمن والسلام، وأن الجهود التي تبذلها الدولة والقيادات الشعبية والتنفيذية أتت ثمارها الطيبة المباركة، في تحقيق المحبة والمودة والتسامح.