تستمر معاناة إيطاليا من فيروس كورونا بشكل كبير، حيث أنها أكثر الدول خطورة فى أوروبا، بعد وصول عدد الإصابات 35.713 شخصا، منهم 2257 فى العناية المركزة، والوفيات وصل عددهم 3000 حالة ، ولذلك فقد قررت الحكومة مد الحجر الصحى والعزل فى المنازل إلى 3 أبريل المقبل، فى محاولة لوقف انتشار الفيروس.
وقال رئيس الحكومة الإيطالية، جوزيبى كونتى، فى مقابلة مع صحيفة "الكورييرى ديلا سيرا"، إن "الإجراءات التى اتخذناها من إغلاق معظم الشركات والمدارس ستستمر حتى 3 أبريل، لضمان وقف انتشار فيروس كورونا"، مضيفا "أن حالات الوفاة بسبب الفيروس وصلت إلى 3000 شخص، وهو قريب للغاية من الصين، ولذلك فإنه لابد من استمرار الإجراءات التقييدية مع الاستعداد للعمل وفقا لاحترام القواعد".
وأشارت إلى أنه فى الأسبوع الماضى، هناك 60 مليون إيطالى أصبحوا لا يستطيعون التنقل إلا لأسباب مهنية وعاجلة ، والمدارس مغلقة والاجتماعات ممنوعة، كما تحاول زيادة مركبات النقل العام خلال ساعات الذروة ووقفها فى أوقات أخرى، وتحديد عدد المواطنين الذين يسمح لهم بصعود أية وسيلة من وسائل النقل العام، فى محاولة لتفادى عدوى فيروس كورونا".
ونقل الجيش الإيطالى 60 جثمانا من ضحايا فيروس كورونا ، لحرقها في المقابر، ونقل حفنة من رماد كل متوف إلى ذويه في مدينة Bergamo الأكثر ابتلاء بالفيروس في مقاطعة "لومبارديا" بالشمال الإيطالى.
ومن بين الإجراءات التى تم اتخاذها فى إيطاليا بعد توقف الحياة بسبب فيروس كورونا، هو خفض رواتب لاعبى كرة القدم ، حيث أكد الاتحاد الإيطالى لكرة القدم تخفيض رواتب لاعبى كرة القدم بنسبة تتراوح بين 20 و30% فى سياق الطوارئ التى تمر بها البلاد بسبب تفشى فيروس كورونا، والذى أجبر على تعليق النشاط بالكامل.
وأشارت صحيفة "مينوتوس 30" الإيطالية إلى أن جابرييل جرافينا رئيس الاتحاد الإيطالى لكرة القدم ، قال "علينا جميعا أن نجلس ونتفق إنها لحظة طارئة وعلينا أن نثبت أن التضامن ليس مجرد كلمة وعلينا إعادة التفاوض بشأن العقود."
وإذا تم تأكيد تخفيض الرواتب فى كرة القدم الإيطالية ، فقد يتوقف البرتغالى كريستيانو رونالدو الذى يتصدر ترتيب اللاعبين العشرة الذين يحققون أكبر ربح بقيمة 31 مليون يورو سنويًا ، عن كسب حوالى 9 ملايين يورو.
وكشفت تقارير صحفية إيطالية أن أندية الدورى الإيطالى قد تخسر حوالى 700 مليون يورو إذا لم يتم الانتهاء من الموسم الجارى من "الكالتشيو" بسبب فيروس كورونا المنتشر فى كل أرجاء العالم، وأجبر السلطات على إيقاف كل الأنشطة الرياضية فى العالم تقريباً بالفترة الأخيرة.
ومن بين النجاحات والإخفاقات يشرح عدد من الخبراء الإيطاليون فى الطب والاتصالات والسياسة تجربتهم مع الفيروس والاستنتاجات التى توصلوا إليها، والتى من الممكن أن تخدم البلدان الأخرى التى تعانى من الفيروس.
وقال جورجيو بالو، عالم الفيروسات فى جامعة بادوفا، شمال إيطاليا، لصحيفة "الدياريو" الإسبانية، إن "الإيطاليين تعلموا من الصينيين، العزل، فمن الواضح أن الصين أدركت خطر الفيروس سريعا، حيث أن مخاطره ليس على القطاع الصحى فقط بل أيضا على القطاع الاقتصادى والاجتماعى، ولكن "العزل والحجر الصحى" أهم الخطوات للسيطرة على الفيروس، وذلك يتم بتدابير صارمة وقسرية، مصحوبة بعقوبات صارمة، وهذا ما نجح بالفعل فى الصين وإيطاليا".
وأكد بالو، أنه حتى الآن تم القبض على 161 إيطاليا من قبل رجال الشرطة بسبب انتقالهم فى البلد دون سبب، فليس الجميع يحترم أمر البقاء فى المنزل، ولكن فى إيطاليا يتم تطبيق هذا العزل فى حدود دستورنا"، مشيرا إلى أن من بين الأخطاء التى ارتكبتها إيطاليا، الهوجة الإعلامية والهيستيريا التى انتابت المواقع الاجتماعية، حيث أدى إلى نشر المزيد من المعلومات الخاطئة.
وقال الخبير وطبيب فى وحدة العناية المركزة فى مستشفى كبير فى شمال إيطاليا، كارلو، والذى لا يريد ذكر اسمه الحقيقى، للصحيفة الإسبانية، أن "الدرس الذى يجب تعلمه من تجربة إيطاليا مع فيروس كورونا، هو "أهمية زيادة أماكن العناية المركزة لاستقبال جميع الحالات، فالخطأ الذى وقعنا فيه منذ البداية، هو عدم استقبال الحالات غير الخطرة، وهو ما عرض للمزيد من العدوى وتدهور تلك الحالات".
رسائل متناقضة من السياسيين
وعلى الجانب السياسى، فترى الصحيفة أن من الأخطاء التى ارتكبها السياسيون الإيطاليون كانت الرسائل المتضاربة، حيث قال أحد مستشارى الاتصال السياسى من شمال إيطاليا: "سنذهب لتناول مشروب الكحول فى البندقية"، وفى اليوم التالى طالب الجميع بتقييد الحركة، وبعد العزل بيومان طالب بإنهاء الحجر الصحى، وهو ما أربك الإيطاليين.
وقال جيانفرانكو باسكوينو، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة جون هوبكنز SAIS Europe فى بولونيا وأحد أكثر علماء السياسة متابعة فى إيطاليا "التنسيق من أهم الأمور التى تجعل السيطرة على فيروس كورونا أمر سهل، وهو الخطأ الذى وقعت به إيطاليا، حيث كان هناك العديد من الاختلافات فى القرارات، حتى تم الاستقرار على قرار العزل".
وأكد باسكوينو "نحتاج إلى اجراءات حاسمة فى مثل هذه الأمور، فبلدنا سياحية للغاية، وهناك العديد من المزارع والمطاعم ولذلك فإن حسم الحكومة للقرارات تجعل أمر السيطرة سهل المنال".
وحذر ماركو جيرينى، باحث فى مؤسسة برونو كيسلر فى ترينتو، وخبير فى الظواهر الاجتماعية اللغوية على الشبكات الاجتماعية لصحيفة "الدياريو" الإسبانية من "أنه تم استغلال المواقع الاجتماعية لنشر العديد من الأخبار غير الصحيحة، وهو ما أثار جدلا عند الإيطاليين، فهناك من يؤكد تلك الأخبار وهناك من يراها زائفة، ولذلك فإن المواقع الاجتماعية ساهمت بشكل كبير فى تأخير السيطرة على الفيروس