طلب الرئيس السادات أن يأتوا إليه بالموسيقار محمد عبد الوهاب، وجاء عبد الوهاب، فعرض الرئيس فكرته عليه وهى، إعادة النظر فى نشيد «بلادى، بلادى» ليكون نشيدا وطنيا جديدا لمصر، حسبما تذكر مجلة «أكتوبر، أسبوعية، القاهرة» فى عددها الصادر يوم 25 مارس 1979 بعنوان «النشيد الوطنى الجديد لمصر»، وتضيف: «لاحظ الرئيس السادات فى لقاءاته بالشعب فى مصر وفى أوربا وأمريكا أنهم يرددون نشيدا واحدا هو «بلادى.. بلادى»، من تلحين الموسيقار سيد درويش، وكان ذلك دليلا على أن هذا النشيد فى ضمير كل مصرى، إذن فمن الطبيعى أن يكون هذا النشيد الوطنى الذى تردد فى مصر فى ثورة 1919».
هكذا طرحت مجلة «أكتوبر» سبب اختيار «السادات»، لأن يكون «بلادى» نشيدا وطنيا لمصر بدلا من «والله زمان يا سلاحى/ اشتقت لك فى كفاحى» كلمات «صلاح جاهين وألحان كمال الطويل وغناء أم كلثوم أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وتم العمل به يوم 20 مايو 1960 بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر، على أثر فوزه فى مسابقة نظمتها الإذاعة لاختيار نشيد وطنى، وتقدم إليها 170متسابقا وفقا للدكتور محمد رفعت عبد العزيز فى كتابه «النشيد الوطنى المصرى – دراسة تاريخية»، الصادر عن دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية – القاهرة، مؤكدا أنه مع رأى الدكتور عبد الوهاب المسيرى الذى يربط بين كامب ديفيد وبين نشيد بلادى، وأن مصر – حسب المسيرى – تتعرض لحرب اختراق صهيونية شرسة بدأت بتغيير النشيد الوطنى إلى المقررات المدرسية حتى ينتزعوا من المصريين فكرة الكفاح ضد الاستبداد والنضال من أجل الحرية، ويذكر «عبد العزيز»، أن هناك أشياء تعزز رأى «المسيرى» وهى، إصرار الرئيس السادات على أن يذاع نشيد السلام الجديد لأول مرة لحظة عودته من واشنطن بعد توقيعه على اتفاقية السلام مع إسرائيل، ثم تغيير مسمى وزارة الحربية المصرية إلى وزارة الدفاع.
تذكر مجلة أكتوبر فى عددها 25 مارس 1979 «المراحل التى تلت المقابلة الأولى بين «السادات» و«عبد الوهاب»، وفيها، أن عبد الوهاب عرض تسجيلات لعدد من الأناشيد القومية، وقارن بينها وبين نشيد «بلادى، بلادى»، وكانت الموسيقى تحتاج إلى إعادة توزيع، وفى نفس الوقت إلى أن يكون أقوى وأهدأ، وأجرى «عبد الوهاب» التعديلات، وفى مقابلة ثالثة عرض عبد الوهاب ثلاث صيغ للنشيد الجديد، واستمع إليها السادات، ثم سأله عبد الوهاب: ماذا ترى يا سيادة الرئيس؟ فسأله السادات: أنت تفضل ماذا؟ فقال عبد الوهاب: «الصيغة الثانية»، هى الأفضل والأروع، فقد تصورتك ومصر كلها معك».
تضيف «أكتوبر»، أنه بعد أن انطلقت الأحداث، للتوقيع على المعاهدة «كامب ديفيد» فى واشنطن، أوقظ السادات، عبد الوهاب من نومه على تليفون يقول: «يا محمد، ستعزف النشيد هنا فى القاهرة، عليك أن تقوم بالبروفات الضرورية مستعينا بكل موسيقات الجيش العسكرية»، وأصدر أمرا بالتكليف لعبد الوهاب، وأن يكون برتبة اللواء وهى رتبة شرفية، كما صدر أمر بتفصيل بدلة التشريفة للواء محمد عبد الوهاب، ويقود جميع موسيقات الجيش يوم عودة الرئيس السادات من واشنطن بعد توقيع كامب ديفيد، أما الكورال فسوف يكون من المدنيين رجالا ونساء.
أجرى «عبد الوهاب» بروفة فى نادى ضباط القوات المسلحة، وكان يرتدى الملابس المدنية وقاد الأوركسترا الكبير، ثم أجرى بروفة فى الساحة المواجهة للنصب التذكارى للجندى المجهول، وفى يوم 28 مارس 1979 أجرى بروفة نهائية وكان يرتدى زيا عسكريا برتبة اللواء، وحسب جريدة «الأهرام- القاهرة» فى عددها الصادر يوم «29 مارس 1979»: «اشترك فى البروفة 600 عازف من الموسيقات العسكرية بإشراف العميد حسن شلبى قائد موسيقات القوات المسلحة، وكل ذلك استعدادا للعزف لحظة نزول السادات من الطائرة فى مطار القاهرة، غير أن جريدة الأهرام وفى عددها الصادر يوم 21 مارس 1979، قالت: ابتداء من اليوم سوف يختم التليفزيون المصرى، إرساله بعزف السلام الوطنى الجديد الذى أعده الموسيقار محمد عبد الوهاب عن نشيد بلادى، للفنان خالد الذكر سيد درويش، وسوف تبدأ الإذاعة إرسالها اعتبارا من يوم غد بعزف النشيد الجديد الذى يستغرق 40 ثانية، وهكذا كان إذاعة نشيد بلادى لأول مرة يوم 21 مارس، مثل هذا اليوم 1979 فى ختام إرسال التليفزيون المصرى.
انقسمت الآراء حول النشيد الجديد بين مؤيد ومعارض، وكان الدكتور عبد الوهاب المسيرى من أشد منتقديه، وينقل كتاب «النشيد الوطنى المصرى» عنه: «نشيد وطنى خرع وإيقاعه بطىء، ويبعث على النوم والتثاؤب».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة