الانقسام وأزمة هيئة المكتب
لكن بقراءة متأنية لنتائج انتخابات مارس 2020، نخرج بعدة نتائج لعل أهمها أن أزمة مجلس 2009 تعود من جديد، عندما فاز حمدي خليفة مدعوما من تيار الإخوان، ولكن الأغلبية لـ"مؤيدى عاشور"، وتعطل تشكيل هيئة المكتب لبضعة أشهر أيضا لولا تدخل سياسي وإجراء مقاربات وتنازلات من بعض الأطراف.
وهذه المرة تقريبا قد يكون ذات السيناريو، فالنقيب هذه المرة أيضا معه عدد أقل من النصف، والباقي لقائمة عاشور وأغبلهم كانوا أعضاء المجلس السابق بدون نقيبهم، إلا أن المبشر أن جميع الأعضاء الحاليين تقريبا خبرات نقابية عملوا معا، ولا يوجد بينهم خلاف عقائدى أو فكرى كما كان الحال فى مجلس 2009 ، فقط فرقتهم القائمة ولكنهم على أرضية وقماشة نقابية واحدة تقريبا، إلا أنه غاب الشباب رغم دورهم الكبير فيما حدث من تغيير، إلا أن نقص الخبرة لديهم وعدم التنظيم كان الحاسم فى خسارتهم.
النقيب رجائى عطية عقب إعلان نتائج الانتخابات
![](https://img.youm7.com/large/20200321020025025.jpg)
![](https://img.youm7.com/large/202003180750535053.jpg)
المرأة فى مجلس المحامين
وإن كان من الإيجابيات هو وصول العنصر النسائي لمجلس المحامين بعد غياب لأكثر من 30 عاما منذ انتخاب تهاني الجبالي في مجلس أحمد الخواجة في الثماينيات، حيث فازت هذه المرة فاطمة الزهراء المحاميه بالنقض على قائمة الإصلاح بعضوية المجلس فاطمة الزهراء غنيم بعدد 17599صوتا، لكنه كشف قصور واضح في دعم الهيئات المسئولة عن المرأة فى مصر عن دعم السيدات فى العمل النقابى والخدمي.
فاطمة الزهراء عضوة مجلس نقابة المحامين
تهانى الجبالى
تاريخ المواجهات بين عطية وعاشور
في المواجهات الأربع التى خاضها عطية أمام عاشور كانت الغلبة لعاشور في المرات الثلاث الأولى، ففي 2001 انتهت بفارق 1900صوت فقط، لصالح عاشور، إلا أن انتخابات 2005، حملت هزيمة ثقيلة لعطية، بفارق الضعف تقريبا، فحصل عاشور على 44 ألف صوتا، مقابل 22 ألفا لعطية، وفى يونيو 2009، استطاع حمدي خليفة، أن يقصى الاثنين رجائى وعاشور معا، واستفاد من معركة تكسير العظام لسنوات بينهما ليدخل من الباب الهادئ، نتيجة تأييد الإخوان من جانب وقيادات الحرس القديم فى الحزب الوطنى، فى حين نال عاشور تأييد الحزب الوطنى ممثلا فى أمين التنظيم وقتها أحمد عز .
![](https://img.youm7.com/large/smal820105165213.jpg)
حمدى خليفة نقيب المحامين الأسبق وبجواره سعيد عبد الخالق عضو المجلس الحالى
إلا أن الوضع أنقلب في 2011 لم يدخل عطية المواجهة بعودة عاشور من جديد لسدة النقابة، أيضا واعتبر وقتها خسارة كبيرة أيضا للإخوان ،خاصة مع وجود شخصيات مثل د.محمد كامل المؤيد من الإخوان ومختار نوح.
![](https://img.youm7.com/large/s920112413711.jpg)
![](https://img.youm7.com/large/1120152816357784hesham-sayed-(5).jpg)
![](https://img.youm7.com/large/202003181239173917.jpg)
![](https://img.youm7.com/large/s5200930142243.jpg)
وبهذا تكون الأسباب العشرة التى تسببت فى إقصاء عاشور عن موقعه هي ..
أولا : التنقية العنيفة للجدول
ما من مسئول يتولى أو لديه معرفة بأحوال نقابة المحامين وأعضاءها إلا ولديه رغبة في تنقية الجدول، بما فيهم نقيب المحامين الفائز في هذه الدورة رجائى عطية ، وهذا ما قام به عاشور، ولكن دائما ما ينظر إلى من يقوم بهذه المهمة أو تتم في عهده من مبدأ ( حق يُراد به باطل)، وعليه كانت الطريقة التى اتبعها عاشور قد وصفها البعض بأنها "عنيفة"، فكانت السبب في إغضاب وتذمر العديد من القطاعات والفئات فى النقابة، ولعل على رأسهم عناصر جماعة الإخوان الذين خرج جميع من سافروا خارج مصر من الجدول، ومنهم من كانوا نقباء نقابات فرعية أو أعضاء مجلس نقابة عامة لسنوات طويلة، بجانب جميع من تم سجنه او اتهامه فى قضايا جنائية وخاصة القتل لم يتم عدم تجديد عضويته أو تم تعليقها، كذلك عناصر كثيرة من غير المشتغلين أو من لا يمارسون فعليا المحاماة تم حذفهم من الجدول.
ثانيا: مركزية أداء الخدمة
من أهم المزايا في الانضمام لنقابة هو الجانب الخدمى الذي قد يستهين به البعض لكنه عند الغالبية هو معيار التقييم للمسئول في كفاءة أو عدم كفاءة الإدارة واستحقاق المنصب ، وعليه حدثت السنوات الأخيرة أن أصبحت الخدمة او الاستثناءات أو التوقيعات مرتبطة مباشر بالنقيب شخصيا ، أو من مدير عام النقابة ، وهو ما تسبب في مشقة على البعض، واعتبرها البعض أنها محاولة للإذلال وإخضاعهم للنقيب، خلافا إلى أن البعض اعتبرها نوع من أنواع المركزية المرفوضة خلافا للمشقة التى كان يتكبدها البعض في أن يصل للنقيب أو مدير عام النقابة فعليا للحصول على الخدمة.
ثالثا : تقليص صلاحيات النقابات الفرعية وتفتيتها
النقابات الفرعية في نقابة المحامين تحديدا تعد هي الرئة الحقيقية للنقابة العامة، وهي الوجهة الحقيقة والجهة التى يعرفها أو يتواصل معها المحامي في المحافظات والمدن الإقليمية، وإن لم تستطع هذه النقابات تقديم الخدمة أو توفير حقوق الأعضاء ويكون لنقيبها أو مجلسها السلطة في تقديم أو منع الخدمة فتفقد مكانتها وقيمتها لدى المحامين، وما تم السنوات الأخيرة من نزع أدوات وصلاحيات هذه الكيانات، أظهر القيادات النقابية بمظهر الضعيف أمام ناخبيه ، وأنها غير مؤثرة في محيطها وغير مسيطرة ، فأصبح القيادات النقابية بدون تأثير طالما لا تلبى متطلبات والخدمات.![](https://img.youm7.com/large/S1220135145745.jpg)
رابعا : الأعداء التقليديين
عاشور ليس وافدا جديدا على النقابة ولا مرشح لأول مرة لمنصب النقيب ، فهو في عضوية المجلس أكثر من 15 عام ونقيب لأكثر من 15 عام تقريبا لأربع دورات منفصلة ، أي أن لديه أعداء قدامى ، وهؤلاء عملوا على تشوية صورته وسمعته أيضا طوال الوقت ، وكانوا من وقت لآخر نتيجة الأخطاء التى يرتكبها النقيب أو من يحسبون عليه يزيد كتلة الأعداء والرافضين له ، يضاف إلى ذلك أن هناك أعداء تقليديين وأولهم الإسلاميين وإن كان الإخوان في صداره هؤلاء ولكنهم ليس لوحدهم ، وهم من وسع نطاق العداء والكراهية ضد عاشور واستغلوا ذلك بشكل أكبر في الانتخابات الأخيرة ، وهؤلاء عملوا بشكل منظم بدعم من الشخصيات النقابية المقيمة فى الخارج أيضا على إسقاط عاشور ، خلافا إلى أنه كما تردد كانت هناك محاولات وساطة بينهم وفشلت فى أن تعيد هؤلاء لمكانتهم عبر عاشور، ومنهم من شخصيات عملت فى العلن ضده وعلى رأسهم محمد طوسون أمين عام ووكيل النقابة العامة لسنوات ،وخالد بدوى عضو النقابة العامة السابق، ونقباء سابقين لنقابات فرعية مثل بهاء عبد الرحمن وعاصم نصير وآخرين.
سامح عاشور ومحامين الإسكندرية
أضيف إلى ذلك مختلف الشخصيات في التيار الإسلامي في النقابة، ومنهم أعضاء الجماعات الإسلامية والسلفيين ، ولم يتراجعوا عن العداء لعاشور يوما ، ووجدوا فرصة سانحة للتخلص من عاشور بعدما وجدوا من يوحدهم ضده .
خامسا : خسارة الأصدقاء والمؤيدين
الدورة النقابية الأخيرة للنقيب سامح عاشور التى بدات في منتصف 2015 ، كانت وبالاء على عاشور ، فقد كانت شاهدة على خسائر عاشور العديد من الأصدقاء والشخصيات النقابية المؤثرة في قطاعات مختلفة في النقابة ، ولأسباب مهنية أو نقابية أو خاصة كانت هناك قائمة طويلة من أصدقاء الأمس والذين خاصوا العديد من المعارك دعما وتأييدا لعاشور ولم يتركوه أبدا رغم أن منهم من لم يكسب شيء من هذا الدعم ولكنهم كانوا يرونه كشخصية نقابية صاحبة مبادئ لا يمكن إنكارها ، لكنهم تحولوا إلى الجانب الآخر في الدورة الأخيرة لأسباب عدة ، ومنهم من له تأثير كبير في قطاعه، على سبيل المثال لا الحصر هناك من كانوا على قائمة عاشور فى المجلس القديم، ولكن هذه الانتخابات ترشحوا فى قائمة المنافس رجائى عطية، مثل سيد عبدالغنى، وصلاح سليمان، وإسماعيل طه، فقد خاضوا الانتخابات، وفازوا بالفعل .
مجلس نقابة المحامين السابق برئاسة النقيب سامح عاشور
سادسا : الثقة الزائدة فى الفوز
شخصية بحجم عاشور نقابيا وفوزه السهل فى أكثر من دورة ، وبخاصة في انتخابات 2015 ، وقيامه بعدد من الإنجازات التى يراها تشفع له لدى المحامين وتجعلهم بوجهة نظرة يعطونه أصواتهم دون تفكير، مثل بدء إنشاء مقر النقابة الجديد والذى يعد واجهة مشرفة لكل محاميي مصر في قلب العاصمة، ويعبر عن هذا القطاع الهام في الدولة، خلافا لمشروع العلاج الذى توسع فى عهده سواء أفقيا أو رأسيا من عدد المستشفيات والمراكز الصحية أو زيادة عدد الخدمات المقدمة للمحامي وزيادة قيمة مشاركة النقابة في العلاج والخدمة الصحية، بجانب زيادة المعاشات الضعفين تقريبا في عهد عاشور في الدورتين الأخيرتين ، وغيره الكثير من مقار وأندية النقابات الفرعية التي تم تشييدها او تجديدها ، بحانب تطوير مكتبات أو مقار واستراحات المحامين في بعضم المحاكم.
الإخوان فى نقابة المحامين فى 2009
![](https://img.youm7.com/large/Untitled-312201024193556.jpg)
سابعا : تعديل القانون وإطلاق مدة النقيب
يعتبر البعض أن تعديل قانون المحاماة رقم 147 لسنة 2019، "القش التي قصمت ظهر عاشور"، فشكل ومضمون التعديل كان مثار غضب المحامين وفي مقدمتهم الشباب ، خاصة أن توقيت التعديل قبل شهور من الانتخابات ، وسرعة التعديل وغياب المناقشة الموضوعية أو الحوار المجتمعي بين المحامين على النقاط الخلافية، أو أولويات النصوص ، كل هذا خلق شعور لدى الكثيرين بأن هناك من يريد أن يسيطر على النقابة ويوجهها لصالحه الخاص .
مناقشات تعديل قانون المحاماة بمجلس النواب - اللجنة التشريعية
فعلى سبيل المثال نص مدة النقيب، فالتعديل الجديد أطلق مدد النقيب بدون سقف محدد عكس السائد في النقابة ، فالمدة القانونية للنقيب كانت دورتين متتاليتين فقط ، وهذا استفز المحامين واعتبروه مخالف ليس للقواعد النقابية بل لقواعد الديمقراطية ، وهذا موقف لم يمر على الكثيرين دون أن يترك غصة لديهم.
ثامنا : منع قيد خريجى التعليم المفتوح
من النصوص القوية في تعديل قانون المحاماة هو وقف قيد خريجي التعليم المفتوح في النقابة وهو النص الذي كان يريد الكثير من النقابيين تعديله بالفعل، إلا أن أي منهم لم يمتلك الشجاعة على القيام بذلك ، وكان يعمل لحساب الأصوات الانتخابية ويريد أن يحافظ على موقعه أو منصبه ليس أكثر ، إلا أن عاشور كان صاحب الشجاعة في أن يوقف خريجي التعليم المفتوح من التدفق بهذا الشكل للنقابة ، وهو من الأسباب القوية التي أضعفت موقع عاشور انتخابية .
وقفة احتجاجية لخريجى التعليم المفتوح اعتراضا على وقف قيدهم فى النقابة
تاسعا: تخفيض عدد أعضاء مجلس النقابة
تعديل النص الخاص بعدد أعضاء مجلس النقابة العامة ، وتخفيضه بحوالى 100% من 56 عضو إلى 28 عضو فقط وإنهاء وضع قديم كان قائما من اختيار ممثلين عن كل المحاكم الإبتدائية ، ليعود الوضع إلى القانون القديم من تمثيل محاكم الاستئناف فقط ، خلق هذا أزمة في غياب عدد كبير من الأعضاء كانوا ضامنين تواجدهم لتمثيل المحاكم الابتدائية ، وبالتالى عمل هؤلاء ضد المسئول عن التعديل ومن قلص أعداد المجلس ، ومن جانب الناخبين اعتبر من ينتمون للمحاكم الابتدائية والجزئيات أنه لم يعد هناك من يمثلهم حقيقة في المجلس وأنهم أصبحوا خارج حسابات النقيب "عاشور" والمجلس ، لذا أخذ الآلاف من المحامين بأن يردوا الفعل للمسئول عن إبعاد التمثيل عبر المحاكم الابتدائية ، وتحالفوا مع أعضاء مجالس نقاباتهم الفرعية وأعضاء مجلس النقابة العامة السابقين في إسقاط أو إبعاد "عاشور" .
مجلس نقابة المحامين فى 2015