ساعات قليلة هى التى فصلت بين خبر رؤية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، داخل أحد محلات التسوق، وبين إعلان عزلها صحيًا، فقد رآها المواطنون صباحًا تشترى احتياجاتها المنزلية وحدها، وتدفع بالبطاقة الائتمانية، لتجعل نفسها قدوة للمواطنين الألمان الذين تهافتوا على الأسواق واشتروا أكثر من احتياجاتهم، بما هدد بنفاذ السلع، بالإضافة إلى تحذيرات الصحة العالمية بعدم استخدام النقود فى عملية البيع والشراء والاكتفاء بالبطاقة الائتمانية.
كما التقت المستشارة الألمانية مساء اليوم، برؤساء حكومات الولايات الألمانية، للاتفاق على وسيلة لمنع المواطنين الألمان من الخروج والتزام تعليمات الصحة العامة، خاصة بعد أن اختلف البعض حول آلية فرض الحظر، واعتبار البعض الآخر هذا القرار من قبيل تقييد حرية الإنسان.
وخرجت المستشارة بعدة قرارات وإجراءات أكثر صرامة تطبق بحزم على مدار أسبوعين فى كافة الولايات، حيث أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، أنّ التجمعات في الأماكن العامة، والتي يزيد عدد الحاضرين فيها عن اثنين، ستمنع في ألمانيا لمدة "أسبوعين على الأقل" في محاولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأضافت في مؤتمر صحفى لها قبل دقائق من إعلان عزلها، أنّه يتوجب احترام مسافة 1,5 متر على الأقل في الأماكن العامة"، موضحة انّ المطاعم وصالونات الحلاقة ستغلق أبوابها.
وناشدت ميركل الناس في ألمانيا الامتثال لقيود التواصل الجديدة. وقالت "من فضلكم شاركوا جميعا فى الالتزام بهذا الأمر. اظهروا تعقلا وتعاطفا".
وأشارت ميركل إلى أن الشرطة ستراقب كيفية التقيد بهذه التعليمات ومن يخالف هذه التدابير سيواجه عقوبات، منها 25 ألف يورو غرامة مالية و عقوبات بالحبس تصل من سنة إلى 5 سنوات.
وهكذا لم يتم فرض حظر التجول العام في البلاد.، باعتبار أن مغادرة البيت ليست هي الخطر، "بل التواصل الاجتماعي المباشر"، كما قال رئيس وزراء ولاية شمال الراين ووستفاليا ارمين لاشيت.
وكنهاية لليوم المآسوى المتعب للمرأة الحديدية فى ألمانيا، فقد أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية، مساء اليوم الأحد، وضع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في الحجر الصحي، بعدما تم التأكد من إصابة أحد الأطباء المعالجين لها بفيروس كورونا المستجد.
وتجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في عموم ألمانيا حتى آخر إعلان رسمى مساء السبت 22 ألفاً (22.213)، في حين بلغ عدد الوفيات 84 شخصًا، بينما تعافى من الفيروس ما يقارب 207 قاطن في البلاد. وارتفع عدد الحالات خلال يوم واحد في البلاد بـ2.365 حالة، بينما زاد عدد الوفيات بـ16 حالة، وذلك حسب مصادر مختلفة مكلفة إحصاء ضحايا فيروس كورونا حول العالم.
ورغم الخطاب الاستثنائى للمستشارة الألماني، أنجيلا ميركل، للشعب الألمانى عبر التليفزيون الذى أعلنت فيه ان الأمر أشبه بالحرب العالمية الثانية، وأنه يحتاج الكثير من الحسم مع النفس، والالتزام بالتعليمات الصحية، ومنع الخروج إلا للضرورة القصوى، إلا أنهم تفاجئوا بالكثير من المواطنين يلهون فى المتنزهات والحدائق العامة، ويتجولون فى الشوارع دون اعتبار للكارثة.
وكان القرار الأول متمثلًا فى فرض حظرَا للتجوال فى إحدى المدن الكبرى بألمانيا، انتظارًا لمتابعة المواطنين يوم السبت، ومن ثم اتخاذ قرار آخر بفرض الحظر فى كافة الولايات.
وفرضت مدينة فرايبورج، في ألمانيا حظرا للتجول بعد أن استهان المواطنين هناك بالموقف، واستغلوا إجازاتهم فى النزول إلى الحدائق والمتنزهات.
وأعلن عمدة مدينة فرايبوج في جنوب غربى ألمانيا، فرض حظر عام للتجول فى كامل المدينة، حيث يسري بدءًا من يوم السبت 21 مارس، حظر التجول فى "الأماكن العامة"، حسب ما أعلنت إدارة المدينة.
ويستثنى من الحظر الخروج من البيت لقضاء "الأعمال الضرورية" مثل مراجعة عيادة الطبيب أو الذهاب إلى العمل أو لشراء المواد الغذائية، كما يسمح للمرء بالخروج لممارسة الرياضة في الهواء الطلق لكن بمفرده أو أفراد عائلته، حسب ما أعلن عمدة المدينة مارتين هورن، في حوار مع القناة الألمانية الأولى (ARD).
وبرر العمدة فرض الحظر، لقرب المدينة من مناطق فى فرنسا وسويسرا تفشى فيها فيروس كورونا بشكل كبير، ولم يتم الالتزام من قبل السكان بما يكفى بالنداءات المطالبة بتجنب التواصل مع الآخرين.
وتعتبر فرايبورج أول مدينة كبيرة في ألمانيا تفرض حظرا للتجول، وقد سبقتها إلى ذلك ثلاث بلديات صغيرة فى ولاية بافاريا وبلدة هاينسبرغ بولاية شمال الراين ويستفاليا التى كانت المنطلق لانتشار منها فيروس كورونا في ألمانيا
وعلى صعيد آخر، ذكر رئيس ديوان المستشارية، هيلجه براون، أن غدا السبت سيكون يوما حاسما في اتخاذ قرار محتمل بحظر التجوال بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.
وقال براون في تصريحات لمجلة "دير شبيجل" الألمانية المقرر صدورها غدا: "سننظر كيف سيتصرف المواطنون فى عطلة هذا الأسبوع، السبت سيكون يوما حاسما سنضعه في الاعتبار".
كما أن عددا من رؤساء حكومات الولايات هددوا بفرض حظر التجوال حال عدم التزام المواطنين بإجراءات العزل الذاتى. وقال براون: "في أيام السبت يلتقى الناس سويا عادة لأنه يوم عطلة"، موضحا أن المطلوب الآن هو التوقف حتى عن اللقاءات العائلية، وهو ما لا يحدث حاليا للأسف، وقال: "إذا لم يحدث ذلك من الممكن أن تقرر الولايات إجراءات موسعة، رغم أننا نريد تجنب ذلك".
وذكر براون أن الرهان الآن على المواطنين لاستيعاب هذه الإجراءات والاستعداد للحد من حياتهم الاجتماعية.
كما أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية أنيجريت كرامب كارنباور، أن الجيش الألماني يجري استعداداته للمساعدة في جهود التعامل مع أزمة فيروس كورونا المستجد في حالة تعرض المؤسسات المدنية الأخرى لضغوط تفوق طاقتها في التعامل مع تفشى الفيروس.
وقالت الوزيرة: نستعد لأسوأ الاحتمالات إذا أصيب عدد كبير جداً من الناس، ولدينا الموارد البشرية للمساعدة. ووصفت مكافحة فيروس كورونا (كوفيد-19) بأنه ماراثون، وقالت إنه يمكن الاستعانة بالجنود في حال استنفدت قدرات قوات الدفاع المدنى.
وأضافت: نستطيع أن نفعل، بل وسنفعل ما هو مطلوب منا”.
وأضافت كرامب - كارنباور أن الجيش أجرى اتصالات بالفعل مع مئات من ضباط الاحتياط الطبيين بالقوات المسلحة وسيكون الجيش قادراً على حماية البنية الأساسية الحيوية وتوزيع المعدات الطبية والأدوية إذا لزم الأمر.
وأضافت أن 2336 جندياً احتياطياً في الجيش الألماني سجلوا أسماءهم للاستعانة بهم في مكافحة أزمة فيروس كورونا في حال الضرورة.
وأوضحت أن إجمالي عدد جنود الاحتياط في الجيش الألماني يبلغ 75 ألف فرد، ونوهت إلى أن الوزارة يمكنها الوصول إليهم.
ويبلغ عدد الجنود النظاميين في الجيش الألماني أكثر من 180 ألف جندى. وتضم رابطة الاحتياطيين التابعة للجيش الألمانى 115 ألف عضو، منهم 28 ألفا قيد الاستدعاء، حيث يقومون بتدريبات منتظمة كجزء من الجيش.
وذكر موقع "شبيجل اونلاين" نقلاً عن وزيرة الدفاع، أن النظام الصحي في الجيش هو شريك للنظام الصحي في ألمانيا، ويعمل في الجيش نحو ثلاثة آلاف طبيب.
وكانت الحكومة الألمانية تعتزم الكشف عن خطة إنقاذ اقتصادي بقيمة 822 مليار يورو هي الأكبر في ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية، لتمويل مكافحة فيروس كورونا المستجد، بحسب ما ورد في مسودة قانون اطلعت عليه وكالة فرانس برس السبت.
ووفقًا لوكالة فرانس برس، فإن الحكومة ستتجه إلى طلب إذن من البرلمان لرفع السقف القانوني لاقتراضها السنوي، وذلك لأجل تدابير استثنائية منها مساعدة العاملين المرغمين على العمل الجزئي في مواجهة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد - 19.
وستطلب الحكومة الألمانية اقتراض 156 مليار يورو للعام 2020، ما يفوق الحد الدستوري للاقتراض وقدره 100 مليار يورو، حيث سيتم بحث الخطة داخل الحكومة غدًا الإثنين قبل طرحها على البرلمان لاحقا خلال الأسبوع.
وكانت المستشارة أنجيلا ميركل قد صرحت قبل أيام: "سنبذل كل ما في وسعنا لتخطى هذه الأزمة بشكل جيد، وسنرى في نهايتها ما سيكون وضع موازنتنا"، مشددة على أن التغلب على الفيروس "يأتى في المرتبة الأولى".
وتعتزم الحكومة تخصيص 400 مليار يورو لضمان ديون الشركات أو عرض إعادة رسملة قد تؤدي إلى استحواذ جزئى للدولة عليها، بحسب مسودة القرار.