سكان جدد في الشوارع وزوار آخرين.. هذا ما خلفه انتشار وباء كورونا العالمي القاتل، بعدما فرضت قوة انتشاره قواعد صارمة بمقدمتها حظر التجوال والإغلاق، وعزوف الملايين عن النزول إلى الشوارع، وهو ما دفع زوار جدد للانتشار في شوارع كانت مملوءة بالزحام فيما قبل، ألا وهم الحيوانات.
وبالتزامن مع انتشار عمليات الإغلاق والحجر الصحي حول العالم، ومناشدة الحكومات للمواطنين بالتزام منازلهم باتت الشوارع الفارغة تجذب الحيوانات التي تعيش على مقربة من المناطق الحيوية.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، تبين أن عددا من المعتقدات السائدة، خاطئة فمثلا لا يوجد دلافين في قنوات مدينة البندقية الشهيرة في إيطاليا كما لا يوجد فيلة تتجول في مقاطعات الصين، ولكن مع تفشي الأزمة وتغير إيقاع الحياة في المدن الكبيرة ظهرت بعض علامات الجرأة على الحيوانات التي تعيش في محيط المدن والضواحي الكبيرة علي استكشاف تلك الأماكن.
Spotted on the playground at the elementary school next door, which has been closed for several days ... wild turkeys! That’s a first. #coronavirus #westoakland pic.twitter.com/tGA4y1l09c
— Charlotte Simmonds (@CharSimmonds) March 20, 2020
وفي مدينه نارا اليابانية، تجول الغزلان عبر الشوارع ومحطات مترو الأنفاق وتم رصد حيوان الراكون على الشاطئ الفارغ في بنما. فيما قدم الديك الرومي عرضًا قويًا في أوكلاند، بولاية كاليفورنيا في منزل أحد محرري الجارديان.
وقال سيث مانجل، الذي يدير معهد الحياة البرية الحضرية في حديقة حيوانات لينكولن بارك في شيكاغو الأمريكية: "عادة ما تعيش الحيوانات فى أجزاء من مدننا التي لا نستخدمها وهو ما يجعل وجودهم غير مرئي، نوعًا ما مثل الأشباح".
عصابات الديوك الرومية البرية ليست مشهدًا غريبا ولكن يبدو أن لديهم مساحة أكبر قليلاً للتجول في الأحياء التي لا يزورونها عادةً، ومن المعروف أن الخنازير تنحدر إلى المدن الأوروبية - لكن سكان برشلونة عند إغلاقها تعجبوا من كيفية قفز الحيوانات البرية في الشوارع الهادئة المهجورة.
وفي المدن الأمريكية يعد المشي والجري واحد من الأسباب القليلة التي تدفع الناس للخروج، وقال مانجل: "سيكون وقتًا رائعًا حقًا لاكتشاف الحياة البرية".
وفي سان فيليبي بتشيلي، حيث أغلقت المطاعم والبارات والسياحة شبه معدومة، لاحظ مات لارسن بعض الزوار الجدد على الشاطئ بالقرب من منزله. وقال لارسن ، مدير معهد سميثسونيان للأبحاث الاستوائية في بنما: "كان هناك ثلاثة حيوانات من الراكون على حافة الأمواج، لقد عشت هنا ست سنوات ، وهو شيء لم أره من قبل.
وقال لارسن إن الشاطئ الذي يقع مباشرة بجانب القصر الرئاسي، عادة ما يتم إبقاؤه خاليا من قبل حراس الأمن. "ولكن هناك ناس في كل مكان؛ الشوارع مزدحمة دائمًا تقريبًا بالزوار الأجانب والسياح"
وأضاف لارسن الذي كان يعمل عن بعد من المنزل مع زوجته ، سعيد لرؤية "الطبيعة تحافظ على نفسها.. كان من الجميل رؤية شيء خارج عن المألوف."
ومن جانبه، قال بيج وارن ، عالم البيئة بجامعة ماساتشوستس أمهيرست ، إن الحجر الصحي يمكن أن يستمر في التأثير على الحياة البرية بطرق غير متوقعة. وقال: "سأهتم بما إذا كانت مخلوقات مثل الثعالب تبدأ في التصرف بشكل أكثر جرأة في المدن الأمريكية".
هذا هو الحال في نارا بارك باليابان، حيث اعتاد غزال سيكا - الذي يشبه بامبي - على وجود السائحين على مدار السنة لإطعامهم، والآن بعد أن أصبحت الحديقة خالية من الزوار من البشر ، بدأ الغزلان تتجول في المدينة بحثًا عن الطعام حيث تم رصدهم وهم يعبرون شوارع المدينة ويمشون عبر محطات مترو الأنفاق.
وفي آسيا في لوبوري بتايلاند، ترك غياب السياح ووجباتهم الخفيفة القرود المحلية تتشاجر حول ما يبدو أنه كوب من اللبن.
وقال وارن إنه مثلما تكيفت العديد من الحيوانات الحضرية مع البشر، فستجد طرقًا للتكيف أثناء الحجر الصحي.
وفقا للتقرير قال الباحثون إن التغييرات ربما تكون خفيفة فمثلا قد يغامر الثعالب والطيور في المناطق الحضرية بالخروج من مخابئهم أكثر قليلاً وقد تتجول الطيور في الحدائق الجديدة.
وعن الأساطير التي تقول بأن سكان الأحياء البرية سيستولون على المدن الحضرية، قال مانجل : "كل شيء وارد.. هذه الأوقات قد تكون بمثابة تذكير بأن الحيوانات عاشت دائمًا في منطقتنا قد لا نفكر في مدننا كجزء من الطبيعة ، لكنها كذلك"
