تناولت أقلام الكتُاب في الصحف الخليجية اليوم الخميس، العديد من القضايا العربية والدولية، وقد طغى كل ما هو جديد عن فيروس كورونا المستجد على مساحات آراء الكتاب، في هذا الظرف الدقيق الذي نمر به مع كل شعوب ودول العالم، ومع الجهود الكبيرة التي تقوم بها الإمارات للتخفيف عن الناس وأصحاب الأعمال من تداعيات انتشار فيروس كورونا، يضرب فيروس من نوع آخر بعض النفوس، وهو فيروس الاستغلال الذي من أهم أعراضه فقدان مناعة صاحبه لأي شعور بالمسؤولية الانشغال فقط بجمع أكبر مبالغ من المال بحسب ما يؤكد كتاب مقالات صحف الخليج.
كورونا «احتل» العالم
هدى الحسيني
وفى صحيفة الشرق الأوسط كتبت هدى الحسيني عن احتلال فيروس كورونا للعالم، قائلة :"يوم الأحد الماضي، قال السفير الصيني لدى الولايات المتحدة كوي تيانكاي، إنه مصرٌّ على اعتقاده بأن فيروس «كورونا» نشأ من مختبر عسكري تابع للولايات المتحدة.
واضافت أعرب كبار المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم الرئيس دونالد ترمب، عن غضبهم لمحاولة المسؤولين الصينيين نشر نظرية المؤامرة، لذلك يصر ترمب على تسمية «الفيروس الصيني»، خصوصاً أنه لا يوجد عالِم وبائي موثوق به في العالم أشار إلى أن الفيروس نشأ في أي مكان باستثناء الصين ومن الحيوانات التي تباع في سوق «ووهان».
ورغم الثناء على الصين بأنها نجحت خلال شهرين في السيطرة نسبياً على الوباء في «ووهان» بسبب الحجْر الكامل على المواطنين في منازلهم، فإن هذا لن ينقذها من تكلفة اقتصادية مرتفعة جداً. تضع البيانات آفاق الانتعاش الاقتصادي في موضع الشك وأسوأ بكثير من التوقعات.
الأكثر إقلاقاً لأصحاب القرار السياسي في الصين بسبب الفيروس الذي اجتاح العالم وأغلق اقتصادات كثيرة وحجْر مليارين و300 مليون إنسان في بيوتهم، أن الضربة الاقتصادية الصينية بدأت. فوفقاً للمكتب الوطني للإحصاءات في الصين انخفض الناتج الصناعي بنسبة 13.5% خلال الشهرين الأولين من السنة، وهو أعمق انكماش مسجّل في مثل هذه الفترة، وانخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 20.5%، ولا يتوقف «الحبر الأحمر» عند هذا الحد، إذ انخفض قطاع البناء بنسبة 45%، وكذلك بيع المنازل 40%، والاستثمار العقاري والتجاري 16.3%، كما ارتفعت نسبة البطالة في المناطق الحضرية، وهو مقياس تتم مراقبته عن كثب من المسؤولين كونه يشكّل احتمالاً لاضطرابات اجتماعية، والبطالة وصلت إلى 6.3% في شهر فبراير الماضي، أي ما يعادل فقدان 5 ملايين شخص لوظائفهم خلال شهرين.
البيانات مجتمعة تشير إلى انكماش حاد بنسبة 13% في الناتج المحلي الإجمالي خلال الشهرين الأولين من العام. تعطي هذه البيانات دلالات مهمة: أولاً، أنها أسوأ بكثير مما توقعه معظم المحللين، وثانياً، أنها أيضاً أسوأ بكثير مما اعتادت السلطات الصينية إبلاغه للرأي العام. يشرح محدِّثي مدى عمق هذا السوء، يقول: «كان الاعتقاد أن معظم الأثر الاقتصادي لفيروس (كورونا) سيكون محسوساً في الربع الأول، لكن الانتعاش سيصبح راسخاً بحلول الربع الثالث من هذا العام». يضيف: «ظن كثيرون أن الصين ستشهد انتعاشاً سريعاً على شكل حرف (V)، لكن عدة عوامل تخفف مثل هذا السيناريو، فهناك مسألة اللوجستيات، وهي إعادة الجميع إلى العمل على الرغم من أن البلاد عادت إلى طبيعتها خلال الأسابيع الماضية، وذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية أن عشرات الملايين من العمال معزولون عن عملهم، وقدّر أحد مديري الشركات أن المصانع لا تزال تعمل بنصف طاقتها».
ثم هناك مشكلة الاستهلاك، من المؤكد أن المستهلكين الصينيين سيبتعدون عن عبء الديون وسيعتريهم الخوف من احتمال فقدان وظائفهم أو الاضطرار إلى دعم أفراد من أسرهم فقدوا وظائفهم. وهذا لا يمثل إطار العقل الذي يُفضي إلى عودة صاخبة للنمو من خلال المستهلك في النصف الأخير من عام 2020.
إنها المأساة التي تجعل العيون مفتوحة ليل نهار والقلوب مستنفَرة على الأعداد من البشر التي ستسقط كل دقيقة لا كل ساعة.
فيروس الاستغلال
علي العمودي
بينما تناول الكاتب علي العمودي في صحيفة الاتحاد الإماراتية استغلال ظروف كورونا، قائلا :" في هذا الظرف الدقيق الذي نمر به مع كل شعوب ودول العالم، ومع الجهود الكبيرة التي تقوم بها الإمارات للتخفيف عن الناس وأصحاب الأعمال من تداعيات انتشار فيروس كورونا، يضرب فيروس من نوع آخر بعض النفوس، وهو فيروس الاستغلال الذي من أهم أعراضه فقدان مناعة صاحبه لأي شعور بالمسؤولية والانشغال فقط بجمع أكبر مبالغ من المال.
الدولة مشكورة قدمت كل التسهيلات وتبنت العديد من المبادرات التي من شأنها تخفيف الآثار السلبية المترتبة على تقنين حركة البشر والأسواق، وكل ذلك من أجل حماية البشر أنفسهم من وباء فتاك سريع الانتشار. ومع هذا يوجد بين ظهرانينا بعض التجار والموردين ممن يستغلون الظروف الراهنة ليبالغوا في رفع الأسعار. نتفهم أنه مع تراجع حركة الشحن الجوي وكذلك البري والبحري وارتفاع التكاليف والأسعار في بلدان المصدر، يمكن أن ترتفع الأسعار، ولكن ليس بالشكل المبالغ فيه من قبل حاملي فيروس الاستغلال.
«حماية المستهلك» يجب أن تكون لها كلمة مسموعة ودور فعال بدلا من الظهور الكرنفالي في وسائل الإعلام والبيانات التي لا يلمس أثرها المستهلك في الأسواق ويتابعها كما لو كانت في كوكب آخر.
ويبدو أن المصابين بفيروس الاستغلال جاءتهم هذه الفرصة لإجراء بروفتهم الكبرى قبل حلول شهر رمضان المبارك الذي اعتادوا أن يحولوه إلى مناسبة للمبالغة في الأسعار بصورة جنونية، مستفيدين من حالة الاستهلاك غير المسؤول التي تصيب شرائح واسعة من الأسر.
وفي مقابل هذه الفئة من التجار والموردين المصابين بفيروس الاستغلال، نحيي نماذج طيبة من تجار المواد الغذائية والخضار والفواكه وغيرها من السلع الأساسية الذين ومنذ اللحظة الأولى لإعلان التدابير والإجراءات لمواجهة تداعيات فيروس كورونا أعلنوا عن وقوفهم إلى جانب الدولة وفتحوا مخازنهم ووضعوا إمكانياتهم تحت تصرف الجهات المختصة لضمان توافر المواد الاستهلاكية في الأسواق ومنافذ البيع الخاصة بهم، وتوافرها بكميات كبيرة وبأسعار في متناول الناس. كما أعلن آخرون عن تقديم مبادرات في مجال تجارتهم لدعم جهود الدولة في هذا الظرف، تعبيراً عن تكاتف الجميع للخروج بسلام من الأوضاع الحالية المفروضة علينا وعلى غيرنا في مختلف دول العالم.
نتمنى أن تُتخذ إجراءات رادعة بحق المصابين بفيروس الاستغلال، وأن يتم حرمان أي تاجر أو مورد يثبت تلاعبه بالأسعار من التسهيلات والحوافز التي تقدمها الدولة.
البقاء بالمنازل.. طوق نجاة من كورونا
طلعت حافظ
وفى صحيفة الرياض قال الكاتب طلعت حافظ :"أصدر خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمرًا يقضي بمنع التجوال خلال الفترة الزمنية من الساعة السابعة مساءً وحتى الساعة السادسة صباحاً ولمدة 21 يوماً، ابتداء من يوم الاثنين الماضي بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا الجديد.
أمر الملك سلمان جاء مواتياً في ظروف تقتضي مصلحة الوطن والمواطن والمقيم على حدٍ سواء، سيما في ظل الانتشار المتسارع لفيروس متلازمة الشرق الأوسط كورونا الجديد 2019-nCoV ، الذي أُثبت أن أحد أسباب انتشاره الرئيسة، هي: المخالطة وارتياد الأماكن العامة والتواجد بالتجمعات سواء العامة أم الخاصة، مثل المناسبات الرسمية واحتفالات الأفراح وأماكن العمل وغيرها.
إن حظر التجوال، دون أدنى شك سيسهم بفاعلية في الحد من انشار فيروس كورونا، وبالذات حين الأخذ بعين الاعتبار تشديد وزارة الداخلية على الالتزام وتغريم المخالفين بغرامة 10 آلاف ريال، مع مضاعفتها في حال تكرار المخالفة، والمعاقبة بالسجن لمدة لا تزيد على 20 يوماً في حال عودة المخالف إلى ارتكاب المخالفة.
إن منع التجوال الجزئي في المملكة، سيتوج جهود الحكومة الجبارة التي بذلتها لمكافحة الفيروس والحد من انتشاره، منذ أن تم اكتشافه في مدينة أووهان الصينية في شهر نوفمبر من العام الماضي. كما أن منع التجوال سيساهم بفاعلية في ضبط السلوكيات والتصرفات غير المنضبطة والمستهترة التي لا تراعي متطلبات السلامة والوقاية الصحية.
وقد ناشد وزير الصحة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، في وقتٍ سابق المواطنين والمقيمين بضرورة الالتزام بالبقاء في المنازل حفاظاً على سلامتهم وعلى سلامة الصحة العامة للمملكة، وللحد في نفس الوقت من تفشي الفيروس، ولكن وللأسف الشديد لم تستجب فئة كبيرة من المجتمع لهذه المناشدة، مما أضطر الأمر إلى تدخل القيادة الرشيدة لحسم الأمر حفاظاً على الناس وسلامتهم الصحية.
أتطلع أن يأتي أمر حظر التجوال بثماره وأن يحقق الهدف المنشود منه، والذي لن يتأتى سوى بتعاون المواطنين والمقيمين بالتزام البقاء في المنازل، فكلنا مسؤولون عن سلامة وحماية الوطن وحماية أنفسنا من شر هذا الفيروس الشرس والمدمر.
إن البقاء في المنازل وعدم الخروج منها حتى خلال الفترة الزمنية المسموح بالخروج (خارج فترة الحظر) سوى للضرورة القصوى، سيكون بمثابة طوق نجاة للوطن والمواطن والمقيم من خطر الإصابة بالفيروس لا سمح الله والحد من انتشاره في نفس الوقت.