يفكر الكثير من الناس الذين يشعرون بعدم الجدوى من حياتهم أو فشلهم فى مواجهة أمور الحياة إلى الاكتئاب، وهو مرض نفسى خطير يقود صاحبه إلى الهلاك، وهذا ما حدث مع الكاتبة الإنجليزية فرجينيا وولف، أيقونات الأدب الحديث للقرن العشرين ومن أوائل من استخدم تيار الوعى كطريقة للسرد، وتمر اليوم ذكرى رحيلها، إذ رحلت عن عالمنا فى مثل هذا اليوم من عام 1941م.
أصيب فرجينيا وولف بحالة من الكآبة الحادة أو بمعنى دقيق الهوس الاكتئابى، الذى كان لا علاج لها فى ذلك الوقت، مما قادها إلى أن تحمل فى جيوبها مجموعة من الحجارة وتتواجه به نحو النهر، حتى تلقى بنفسها، ولكن قبل أن تفعل جلست لتكتب رسالتها الأخيرة لزوجها قالت فيها ": عزيزى، أنا على يقين بأننى سأجن، ولا أظن بأننا قادرين على الخوض فى تلك الأوقات الرهيبة مرة أخرى، كما ولا أظن بأننى سأتعافى هذه المرة، لقد بدأت أسمع أصواتاَ وفقدت قدرتى على التركيز. لذا، سأفعل ما أراه مناسبا. لقد أشعرتنى بسعادة عظيمة ولا أظن أن أى أحدًا قد شعر بسعادة غامرة كما شعرنا نحن الاثنين سوية إلى أن حل بي هذا المرض الفظيع. لست قادرة على المقاومة بعد الآن وأعلم أننى أفسد حياتك وبدونى ستحظى بحياة أفضل. أنا متأكدة من ذلك، أترى؟ لا أستطيع حتى أن أكتب هذه الرسالة بشكل جيد، لا أستطيع أن أقرأ. جل ما أريد قوله هو أنني أدين لك بسعادتي. لقد كنت جيدا لي وصبوراَ علي. والجميع يعلم ذلك. لو كان بإمكان أحد ما أن ينقذني فسيكون ذلك أنت. فقدت كل شئ عدا يقيني بأنك شخص جيد. لا أستطيع المضي في تخريب حياتك ولا أظن أن أحد شعر بالسعادة كما شعرنا بها".
وفى نهر اوز، ألقت بجسدها، الذى نشل بعد أسبوعين من الحادثة، ووضع زوجها على قبرها آخر جملها فى روايتها "الأمواج": "سأقذف نفسى أمامكَ، غير مقهورة أيها الموت، ولن أستسلم".
كانت فرجينيا وولف تزوجت فى سنة 1912 من ليونارد وولف، الناقد والكاتب الاقتصادى، ولها مجموعة من الكتب المهمة منها "الليل والنهار" 1919، واتخذت فيما بعد المنهج المعروف بمجرى الوعى أو تيار الشعور، كما فى "غرفة يعقوب" 1922، و"السيدة دالواى" 1925 و"إلى المنارة" 1927، و"الأمواج" 1931، ولها روايات أخرى ذات طابع تعبيرى، منها رواية "أورلاندو" 1928 و"الأعوام" 1937، و"بين الفصول" 1941، واشتغلت بالنقد، ومن كتبها النقدية "القارئ العادى" 1925، و"موت الفراشة ومقالات أخرى" 1943، كتبت ترجمة لحياة "روجز فراى" 1940، وكتبت القصة القصيرة، وظهرت لها مجموعة بعنوان الاثنين أو الثلاثاء 1921.