تقف قارة أوروبا على حافة كارثة جديدة بسبب فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، والتى تكتمل أركانها فى دولة ليست ببعيدة عن أماكن انتشار الفيروس القاتل، بل هى نفسها قد سجلت بعض حالات الإصابة والوفيات بالمرض المتفشى فى كافة أنحاء العالم، هذه الدولة هى بيلاروسيا أو روسيا البيضاء، والتى لم تتخذ أى إجراءات وقائية، مشددة حتى الآن للحد من انتشار الفيروس، والأكثر من ذلك أنها لم تعلن إغلاق حدودها مع دول الجوار وتركت الحياة العامة تسير على طبيعتها.
بيلاروسيا تقع على الخريطة بحدود مشتركة مع روسيا وأوكرانيا وبولندا ولاتفيا وليتوانيا، وجميعها دول سجلت إصابات مؤكدة ووفيات بفيروس كورونا، لكن يبدو أن قادة الدولة الأوروبية لم يتعلموا الدرس ممن سبقهم واستهانوا وتراخوا فى الاستعداد لمواجهة الفيروس القاتل، وقرروا ما يشبه معاندة كورونا، رغم أن الدروس المستفادة من الكارثة التى حلت بإسبانيا ليست ببعيدة.
ويأتى التهاون فى الإجراءت لمواجهة المرض الفتاك من قبل بيلاروسيا، فى وقت تحولت فيه القارة الأوروبية إلى بؤرة لفيروس كورونا المستجد الذى أودى بحياة ما لا يقل عن 26621 شخصاً فى العالم، منذ ظهوره فى ديسمبر الماضى، فى الصين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية، مساء الجمعة، استنادًا إلى مصادر رسمية.
كما ثبُتت رسمياً 572040 إصابة فى 183 دولة ومنطقة منذ بداية تفشى الوباء، غير أنّ هذه الحصيلة للإصابات المثبتة لا تعكس سوى جزء من الحصيلة الحقيقية، نظراً إلى أنّ عدداً كبيراً من الدول لا يجرى فحوصاً إلاّ للحالات التى تستوجب النقل إلى المستشفيات، أما الدول الأكثر تضرراً فهى إيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أعداد الإصابات والوفيات اليومية الهائلة، إلا أن بلداً واحداً فى القارة الأوروبية لم تتجه فيه السلطات إلى تغييرات جذرية، فالحياة فى بيلاروسيا لا تزال تسير بشكل طبيعى، على الرغم من أن البلدان القريبة منها اتخذت إجراءات طوارئ قصوى مثل أوكرانيا وروسيا، وكانت موسكو قد أعلنت - فى وقت سابق من شهر مارس الجارى - إغلاق حدودها مع بيلاروسيا بسبب انتشار فيروس كورونا.
لكن حتى الآن بقيت حدود بيلاروسيا مفتوحة، والأفراد يذهبون إلى أعمالهم، على الرغم من تسجيل عشرات حالات الإصابة بالفيروس فى البلاد، كذلك لم تغلق البلاد دور السينما ولا المسارح، كما لم تحظر أى احتفالات جماعية، ولا تزال مباريات الدورى الممتاز لكرة القدم تُقام وتُبثّ عبر التليفزيون.
ورغم تفشى فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" فى كافة أنحاء العالم ودول أوروبا على وجه الخصوص، وإحداثه اضطراب كبير فى مسابقات كرة القدم حول العالم، إلا أن بيلاروسيا "روسيا البيضاء"، نظمت قبل يوم واحد، مباراة كرة قدم بحضور الجمهور، دون أى مبالاة بالتجارب المشابهة التى أوقعت دول أخرى فى ورطة تفشى المرض بين مواطنيها بأعداد كبيرة بسبب هذه التجمعات الكثيفة.
وزاد من الطين بلة، ما قاله الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، عن مواجهة المرض، حيث أكد أن "المحاريث (أى العمل فى المزارع) كفيلة بعلاج فيروس كورونا"، ما أثار موجة من النقاش والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "إندبندنت".
لكن كثيرين من أبناء بيلاروسيا يبدون قلقاً بالغاً تجاه تفشى الفيروس، فى وقتٍ سجلت البلاد حتى الآن 86 إصابة بالفيروس وحالتى وفاة، على الرغم من أن السلطات لم تؤكد أنهما ناجمتان عن الإصابة بكورونا.
ويهذه الحالة من التساهل فى التعامل مع الفيروس القاتل، فإن بيلاروسيا تسير على خطى إسبانيا التى تعيش الآن واحدة من أحلك اللحظات وأكثرها إثارة فى التاريخ الإسبانى الحديث، وذلك فى ظل الأرقام المتتالية الصادمة للإصابات والوفيات التى تقع بين المواطنين الإسبان بسبب تفشى وباء فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، حيث احتلت إسبانيا موقعًا متقدمًا مقارنة بإيطاليا.
وأصبحت إسبانيا الآن نقطة ساخنة للوباء العالمى، وهو لقب خبيث انتقل من بلد إلى آخر على مدى أربعة أشهر - بدءًا من ووهان، إلى باقى مدن الصين، ثم انتقل عبر إيران وإيطاليا، بينما يتحرك غربًا، دون أن نعرف من سيكون التالى الذى يحمل هذا اللقب، والذى لا يتمنى بالتأكيد رئيس بيلاروسيا أن تحمله بلاده فى المستقبل القريب.