بعد رحلة طويلة من الترميم وتطوير المنطقة المحيطة امتدت لما يقرب من 14 عام تخللها بعض التعثر والتوقف، يفتح هرم زوسر المدرج أبوابه من جديد للزوار، عاشقى أسرار الحضارة الفرعونية، حيث أول هرم حجري ضخم في مصر القديمة.
ويفتتح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى والدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار صباح اليوم الهرم بعد مسيرة التطوير، كجزء من مشروع ترميم وتطوير منطقة سقارة بالجيزة (غربي العاصمة القاهرة)، حيث يعد مشروع ترميم هرم زوسر واحدا من أهم مشروعات الترميم التي نفذتها الوزارة خلال الفترة الماضية، وافتتاحه سيكون حدثا عالميا، نظراً لمكانة منطقة سقارة التاريخية وأهمية الهرم الأثرية.
وبلغت تكلفة أعمال نحو 90 مليون جنيه، واشتملت على أعمال التوثيق المساحى لجميع وحدات الهرم والمقبرة الجنوبية، وأعمال الترميم الهندسى، وتدعيم سقف البئر الرئيسى للهرم المدرج، وتدعيم حوائط البئر بالأحجار من أسفل العمود الصخرى للبئر، وتدعيم ممرات المستوى الأول والخامس بالأحجار بعد إزالة الرديم وتنظيف الممرات وتهذيب الحوائط المنفصلة.
كذلك تضمنت أعمال تطوير مسارات الزيارة المؤدية للهرم والممرات الداخلية المؤدية لبئر الدفن وأعمال ترميم التابوت الحجري إضافة الى أعمال الترميم الدقيق للحوائط، وبدأ المشروع فى عام 2006 وتوقفت الأعمال عام 2011 واستأنف في نهاية 2013.
وشُيد هرم زوسر في جبانة سقارة الواقعة شمال غرب مدينة ممفيس القديمة، وبني خصيصا لسلالة الفرعون زوسر الثالث، وتم تقسيم المقبرة ذات الشكل الجديد بطريقة الغرف تماما كالمنزل.
وتعود فكرة تشييد هرم زوسر المدرج إلى المهندس والطبيب "أمحتب" المعروف في مصر القديمة بمهندس المجموعة الجنائزية في أهرامات الجيزة، والذى كان يعمل وزيراً لدى الملك زوسر وقام بتشييد الهرم من أجله.
ولاقى البناء الجديد نتيجة غير متوقعة وإعجاب كل من رآه، حيث وصفه العديد من العلماء بأنه سبب التطور المعماري للعمارة المصرية، حيث تعد هذه المقابر بالأهرامات التي تعلوها سوابق معمارية في العالم، وصمم إمحوتب هرم زوسر بطريقة مذهلة، حيث نصب جدارا ضخما من الحجر الجيري يبلغ ارتفاعه 10.5 مترا، ويمتد بطول 1645 مترا، ويغطي مساحة ضخمة تعادل ما يقرب من حجم بلدة صغيرة خلال القرن الثالث قبل الميلاد، ويضم العديد من الغرف، البعض منها غرف دفن وهمية لتضليل اللصوص.
ويتميز هرم زوسر بمعماره المميز بشكل المدرجات والمصاطب، وبداخل بردية توين سُجل اسم زوسر الملك الثاني في الأسرة الفرعونية الثالثة باللون الأحمر، كإشارة منهم إلى تميز هذا الملك، الذي حكم نحو 29 عاما، وعرفت الدولة المصرية وقتها بالاستقرار وازدهار البناء في عهده (2640- 2611) قبل الميلاد.
وتم بناء هرم زوسر العملاق حينها كأول هرم يعلو مقبرة ملكية، ويؤكد علماء الآثار إن هرم زوسر تم بناؤه على أكثر من 5.7 كم من الأعمدة والغرف والأنفاق، التي صممها البنائين المصريين بطريقة دقيقة للغاية جعلت البنية التحتية لهرم زوسر لا مثيل لها، حيث تم تزويد هرم زوسر بواجهات منحوتة بشكل معقد، وشرفات ضخمة، وكان يوجد به تماثيل بالحجم الطبيعي لفرعون، أما الأمر المذهل به هو بناؤه بـ 3330400 متر مكعب حجري من الطين والحجر.
واكتشف العلماء تحت الهرم هيكل عملاق مبني تحته، ولم يكن معروفا من قبل، حيث أزال العمال مواد لمساحة أكبر من 5.7 كم داخله، ويتكون من ممرات وغرف معقدة تعد الأكثر تطورا وتعقيدا مقارنة بأي هرم آخر، ويوجد أسفله ممر مركزي يمتد لأكثر من 365 مترا ويوجد به ما لا يقل عن 400 غرفة تحت الأرض، وهذه الغرف تم بناؤها كأنها قرية صغيرة.
وابتكر المصريون القدماء في بنائه ما يسمى بالمحور المركزي، وهو عبارة عن غرفة عمقها 28 مترا وطولها 7 أمتار، لدفن الفرعون، والتي وضع فوقها الهرم العلوي، وكانت غرفته منحوتة من الجرانيت الملون ويتم إغلاقها بحجر من الجرانيت يبلغ وزنه حوالي 3.5 طن ، ولكن على الرغم من ذلك لم يتم العثور على رفات زوسر داخل الغرفة، وهى أحد الأسرار التى لم يتم الكشف عنها حتى اليوم حيث كان هذا البناء الضخم خارج وداخل الأرض خالى من جثة الملك الذى شٌيد من أجله.
أما في داخل الهرم، فقد تم العثور على 2 تابوت و بها عظم لمفصل لامرأة تبلغ من العمر 18 عاما، وكشف الكربون المشع أن عمرها أكبر من زوسر،
وتم العثور على أكثر من 40 ألف رسمة منقوشة على جدران الممرات السفلية، والتي اتضح أنها لم تُرسم لزوسر، بل لأسلافه الملوك، مما يعني أن هذا الهرم لسرد الماضي، فضلا عن عمر السيدة الكبير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة