ضخامة الهرم وعظمته جعلت البعض ينظر إليه على أنه رمز للطغيان والاستبداد، وأن من قاموا ببنائه فعلوا ذلك قسرًا وظلمًا بالسياط والسخرة والاستعباد، وهذا التصور منتشر بعيدًا عن الإبداع الهندسى والمعمارى للمهندس "حم إيونو"، مع عدم وجود دليل واحد على وجود عبيد مصريين فى هذا الزمن، ونستعرض خلال التقرير حال عمال البناء لنرى هل كانوا عبيدًا؟ هل كانوا سخرة؟ و كان حالهم؟
فى كتاب "إعادة قراءة التاريخ" للدكتور والباحث ياسر شحاتة والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كان بعرف الجميع أن نظام الزراعة فى مصر القديمة وحتى بناء السد العالى، كان يمارس مرة واحدة فى العام مع الفيضان، ويقعد الفلاح بعد ذلك طوال العام بدون عمل، فجاء العمل فى الهرم فى هذا الوقت من السنة ليزيد من دخل الفلاح.
وأضاف الباحث الدكتور ياسر شحاتة، كما أن هناك دليل على أ، كان يوجد متابعة طبية ذات مستوى عال للعمال كدليل على الاهتمام بهم وبأحوالهم، وهو العثور على آثارًا لوحدات صحية متخصصة لعلاج العمال المصابين فى العمل أو الذين يمرضون، كما وجدت آثار تدل على مخابز قديمة للخدمة على العمال، مما يدل على أن الدولة كانت تهتم بتوفير الغذاء للعمال.
وأشار كتاب "إعادة قراءة التاريخ" إلى أنه من أهم ما وجد هو كشوف مقسمة إلى خانات متعددة، فيها خانة للأسم، وخانة لعدد أيام الغياب، وخانة إن كان سبب الغياب مقبولاً أو غير مقبول، مما يعنى أن الغائبين كانوا يسجلون ويسجل عدد أيام غيابهم، وأن بعض أسباب الغياب كانت تقبل أى يدفع لها أجر وأسباب كانت ترفض أى لا يدفع لها اجر.
ولفت الكتاب إلى أن أجمل الأسباب، التى ذكرت لغياب أحد العمال كان الاحتفال بعيد ميلاد ابنه، وللأسف لم تكشف القائمة التى وجدت إن كان هذا العذر قبل أم لا، ولكن ما يلفت النظر فى هذا العذر، وهو أن الاحتفال بعيد ميلاد الابن لا يكون فى تقاليد العبيد، بل هى من تقاليد طبقة على درجة جيدة من العيش والفكر، واللافت للنظر أن يذكر العامل فى الهرم هذا العذر وأن يأخد به بشكل جدى ويسجل فى الدفاتر فهذا يعنى أن ذلك التقليد كان متبعًا ومعروفًا ومعتبرًا.
وأكد الباحث ياسر شحاتة، أنه ليس من المنطق إطلاقًا أن نتصور أن الهرم فى ظل هذه المعطيات بنى بالسخرة أو من عبيد، بل كان عملا مجزيًا لأحرار يعاملون معاملة لا نستطيع انتقادها إنسانيًا أبدًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة