مجدداً، عاد اسم وزيرة الخارجية الأمريكية في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، كونداليزا رايس إلى الأضواء، فعبر بوابة الإدارة الحالية برئاسة دونالد ترامب، باتت "رايس" محط أنظار الجميع، بعدما تم اختيارها ضمن فريق إدارة أزمة وباء كورونا الاقتصادية.
الإعلان عن الاختيار الذى تم في مؤتمر ترامب اليومي المخصص لتطورات انتشار الوباء، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، لم يكن وليد الصدفة، فالوزيرة الأمريكية التي ارتبط اسمها بأزمات عدة في المنطقة العربية، بداية من الغزو الأمريكي للعراق، وصولاً إلى نظرية ما عرف بالشرق الأوسط الجديد، والتي يحملها كثيرون مسئولية ما عرف فيما بعد بثورات الربيع العربي، غازلت ـ ربما دون قصد ـ الإدارة الأمريكية الحالية عبر مواقف عدة، إلا أن أبرز تلك المواقف، يظل هجومها الحاد على جون بولتون، مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، والذى استقال قبل أشهر، ووضع ترامب في موقف محرج أمام الحزب الديمقراطى داخل أروقة الكونجرس الأمريكي.
ففي ديسمبر الماضي، تحدثت رايس لبرنامج "فيس اوف ذا نيشين"، وقالت عن استقالة جون بولتون "إن دور مستشار الأمن القومي، الرئيسي هو تنفيذ أجندة الرئيس والمساهمة في تحقيق ذلك"، في إشارة إلى أن الأخير لم يؤدى دوره على الوجه الأكمل.
ورغم تصريحها، إلا أن رايس لم تتخلي عن دبلوماسيتها حيث قالت إن بولتون الذى عمل معها في إدارة بوش، "مفكر عظيم، وأدى وظيفة جيدة.. لكن دائما هناك اختلاف في وجهات النظر.. وفى النهاية فمستشار الأمن القومي ينبغي أن يكون مثل المتحكم في حركة المرور الجوي بالنسبة للرئيس ويساعد في تنفيذ أجندته".
ودافعت رايس خلال الحوار عن ترامب، وقالت إن سياساته لا تعكس اتجاها منعزلاً أو نهجاً خارج إطار الحزب الجمهوري، وتابعت: "أوباما نفسه قال في نهاية ولايته ما يشبه مواقف ترامب، حيث عبر عن ندمه من استدراج الولايات المتحدة في الصراع الليبي ومشاعر الغضب وخيبة الأمل تجاه بعض حلفاء الولايات المتحدة والضجر من الضلوع في الحروب".
وفى نوفمبر، وخلال ندوة على هامش مؤتمر "أديبك للغاز والنفط" في أبو ظبي خرجت رايس لتؤكد أن النظام العالمي القائم على العلاقات الدولية بين الولايات المتحدة وحلفائها بعد الحرب العالمية الثانية أصبح خطير ومضطرب بعض الشئ".
وأضافت المسؤولة الأمريكية السابقة: "ليس السبب في وجود أزمات سرية، ولكننا نشهد انهيار النظام العالمي الذي عرفناه من قبل".
وذكرت "رايس": "تم إنشاء الاقتصاد الدولي كاقتصاد يهدف إلى أن يكون إيجابية النتائج لكل الأطراف"، حيث إن" نمو دولة ما لن يأتي على حساب أخرى"، ونظام قائم على التجارة الحرة والمفتوحة حيث كانت هناك مؤسسات كبيرة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واعتمد هذا النظام أيضًا على القيادة والحماية العسكرية الأمريكية".
وقالت "رايس" إن النظام العالمي الذي تم إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها مع أحد مبادئه الأساسية وهي التجارة الحرة والمفتوحة أصبح الآن تحت التهديد.
وتأتي تصريحات "رايس" مع تغيراً كبيراً في العلاقات الأمريكية مع الحلفاء تحت قيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي رفع لواء "أمريكا أولاً" وقام بفرض العديد من التعريفات الجمركية على عدة دول أبرزها الصين.
وإذا كان الهجوم على بولتون، والترويج لأجندة ترامب وأفكاره الشعبوية قد مهدا طريق العودة إلى الأضواء، فإن الهجوم على الصين وطريقة إدارتها لأزمة كورونا كانت النقطة الحاسمة لاختيار ترامب الأخير، فقبل يوم واحد من هذه الخطوة، انتقدت رايس بشدة استجابة الحكومة الصينية لوباء كورونا.
وأجرت رايس في ندوة عبر الانترنت برعاية مؤسسة هوفر، مقارنات بين تجربتها مع تفشي السارس عام 2003 ووباء كورونا اليوم منتقدة ما اشارت اليه بالغموض من الحكومة الصينية في مشاركة المعلومات مع وسائل الإعلام والحكومات الأجنبية.
وقالت رايس "إن طبيعة النظام الصيني والاستبدادى يصدق أن السيطرة على المعلومات قوة ولكن السيطرة على السرد هي القوة، لذلك لا ينبغي أن نفاجأ أنه عندما حدث هذا التفشي في ووهان، قاموا بإسكات الأطباء الشباب وطلاب الطب الذين كانوا يحاولون دق ناقوس الخطر".
وقالت رايس، إن مثل هذا التستر سيكون مستحيلاً في بلد مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا التي لديها صحافة حرة ومؤسسات ديمقراطية، وأضافت أن قيادة الصين قد تواجه عواقب من الشعب الصيني والحكومات الدولية.
وأشات رايس إلى أن على الحكومات المضي قدما وأن تتفاوض بشكل خاص مع الصين لضمان السلامة والوقاية من المخاطر في المستقبل. ووصفت هذه الطريقة بأنها "استدعاء الأسماء وإرسال رسالة مفادها أن ما فعلوه في الصين غير مقبول".