تعد رواية التبر، للأديب الليبى الكبير إبراهيم الكونى، الرواية العربية الوحيدة التى يحظى فيها حيوان أعجم " المهري الأبلق " بكونه بطلا رئيسيا لا يقل تأثيره على مسار الأحداث عن شخصيات الرواية الأخرى، وقد فازت الرواية بجائزة اللجنة اليابانية للترجمة عام 1997م، ويعتبرها العديد من النقاد بمثابة ملحمة روائية نقلنا فيها الكوني إلى عالم الصحراء البهي، هذا العالم المتفرد بقساوته وقيّمه وقوانينه، ولعل أحد أيقونات الأدب الأفريقى المعاصر.
غلاف رواية التبر
تدور أحداث الرواية في الصحراء الليبية، وتتحدث عن جانب من حياة قبائل الطوارق البربريةـ تركز رواية "التبر" على موضوعين أثيرين لدى إبراهيم الكوني: الخطيئة والحرية، وإن كانا لا يستغرقانها. و الخطيئة هنا تتجاوز المعنى الجنسي المباشر لعلاقة الذكر بالأنثى، إنها أقرب إلى المعنى الصوفي حيث الخطيئة هي ارتهان قلب الإنسان لعلائق الدنيا كافة: الأب، الزوجة، الولد، الصديق، الزعامة والمال... الخ.
وإذا كان "المهري الأبلق" قد وقع مريضاً وفقد بهاءه نتيجة عملية جماع وكان لا بد لشفائه واستعاداه لبهائه وطهارته من التفكير عن الخطيئة عبر إخصائه، فإن "اوخيد" الملعون من أبيه وطريد القبيلة بسبب انجذابه إلى المرأة والذي حنث بوعده من أجلها أيضاً والذي استسلم لإغراء التبر (الشرك الأكبر وأس الشر وسبب الصراع بين البشر) على يدي خصمه وعاشق زوجته "دودو" مالك التبر، كان لا بد لطهارته وامتلاك حريته وانعتاقه من العبودية ليس فقط اعتزاله الناس وطلاق زوجته وقتل عاشقها "دودو" والتخلي عن الولد والتبر والقبيلة، وإنما أيضاً التضحية بنفسه وقبوله مستسلماً تقطيع أوصال بدنه من قبل أعدائه محققاً بذلك وصية "الشيخ موسى": "لا تودع قلبك في مكان غير السماء".
وبحسب الأديب جميل السلحوت: " والمهري الأبلق هذا بطل الرواية الرئيس ، فهو يسبق صاحبه في البطولة ، بل انه هو الذي كان يقوده الى تنمية الحدث ، وهذا البعير ظهر في الرواية كما البشر ، فيه من الحكمة والصبر والفلسفة الشيء الكثير ، ويبدو ان الكاتب أراد في روايته هذه ان يزودنا بشيء عن حياة الطوارق التي يمتدون في الشمال الافريقي من ليبيا الى موريتانيا ، وعن قسوة العيش التي يعانيها مواطنو الصحراء الليبية ، من خلال صولات وجولات " المهري الأبلق وصاحبه أوخيّد "