يعيش ملايين الناس حول العالم فى عزل منزلى بسبب حالة الطوارئ التى تشهدها عشرات الدول نتيجة تفشى فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، لكن رغم التباعد الاجتماعى والعزل يقع البعض فريسة للفيروس التاجى داخل المنازل، الأمر الذى يزيد من حالة الهلع والخوف من كل شئ، فالجميع يبحث عن وسائل التعقيم والتنظيف.
كما يحرصون على انتقاء الطعام بعناية تفوق تلك التى يتبعونها فى الظروف العادية، وذلك بسبب حالة الشك والخوف من انتقال الإصابة بالفيروس التاجى عن طريق أى شىء سواء كان طعام أو ملابس أو أى من الأغراض الشخصية.
أمريكية تصاب بفيروس كورونا رغم التزامها بالعزل والتباعد الاجتماعى
وفى واقعة غريبة، أصيبت الأمريكية راشيل برومرت، بعدوى فيروس كورنا المستجد، رغم أنها عزلت نفسها فى المنزل لمدة 3 أسابيع، الأمر الذى أثار حيرتها والأسئلة حول كيفية وصول المرض إلى منزلها.
وأفادت وسائل إعلام أمريكية، بأن راشيل أخضعت مؤخرا لفحص فيروس كورونا، وكانت النتيجة إيجابية، وقالت راشيل، التى تعيش فى ولاية نورث كارولاينا، إنها لم تغادر منزلها منذ منتصف مارس الماضى، عندما ذهبت إلى الصيدلية لشراء دواء، مؤكدة أنها تطبق قواعد التباعد الاجتماعى حتى مع أفراد عائلتها، لكن "شيئا ما" أدى إلى إصابة السيدة الأمريكية بالفيروس، وهذا "الشىء" قيد البحث والتحرى حاليا.
كانت راشيل مرعوبة من الإصابة بالفيروس، خاصة عندما سمعت عن أجهزة التنفس الاصطناعى التى يوضع عليها المرضى، وبعد ظهور نتيجة الإصابة بفيروس كورونا، عزلت راشيل نفسها فى غرفة منفصلة بالمنزل بعيدًا عن أفراد أسرتها، بمن فيهم زوجها.
لكن تشتبه راشيل فى أنها أصيب بكورونا نتيجة لمسها كيس متجر البقالة الذى وضع على عتبة منزلها، وما يرجح هذه الشكوك أن المرأة التى جلبت الكيس مصابة هى الأخرى بالفيروس، وقالت راشيل: "كنت أعتقد أننى أفعل كل شىء بالشكل الصحيح لتفادى الإصابة بكورونا.. بالكاد كان لدى اتصال بالآخرين.. لم ألمسها -أى المرأة التى توزع أغراض البقالة".
وأضافت أنها لم تكن ترتدى قفازات عندما أدخلت أكياس البقالة إلى منزلها، وبعدها عانت السيدة الأمريكية من أعراض "كوفيد 19"، بما فى ذلك الحمى والسعال وفقدان القدرة على الشم، وقالت: "لم يسبق أن اختبرت شيئا من مثل هذا القبيل"، وذلك وفقًا لما نقلته صحيفة "ديلى ميل"، وشبكة "سكاى نيوز" الإخبارية.
72 أسرة هندية فى الحجر الصحى بسبب عامل "ديلفرى" مصاب
لم تكن راشيل الأمريكية الوحيدة التى يصل إليها الفيروس "ديلفرى" حتى باب المنزل، ففى قارة أخرى وعلى بعد آلاف الكيلومترات، تعيش عشرات الأسر حالة من الهلع جنوب العاصمة الهندية دلهى، خوفًا من أن تكون قد تلقت العدوى بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، وذلك بعدما تم الكشف عن إصابة عامل توصيل بيتزا بالفيروس التاجى.
وعن هذه الواقعة، يقول حاكم مقاطعة جنوب دلهى بى إم ميشرا، إن العامل كان يتولى توصيل طلبات البيتزا لأحد سلاسل المطاعم الشهيرة فى منطقة مالفيا ناجار، وقد ثبتت إصابته بالفيروس مما أدى إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان عدم تفشيه.
وأوضح المسؤول أن جميع العاملين فى المطعم خضعوا لفحوصات كورونا، وجاءت نتائج جميعهم سلبية حتى الآن، وفقا لشبكة "آى إيه إن إس" الإخبارية الهندية، أما البيوت التى تولى ذلك الفرع توصيل الطلبات لها، فتم تتبعها جميعا ليتضح أن عدد الأسر التى حصلت على البيتزا من هناك بلغ 72 أسرة.
وأرغمت السلطات جميع الأسر التى تقطن فى تلك المنازل على الخضوع لحجر صحى المنزلى، ويذكر أن خدمة توصيل الطعام المعروفة "زوماتو" تعاملت مع ذلك الفرع، لكن "زوماتو" أصدرت بيانا، قالت فيه إن "فحوصات جميع زملاء المصاب جاءت سلبية، لكن كإجراء احتياطى، فإن المطعم حيث كان يعمل، علّق أعماله"، وذلك وفقًا لما نقلته شبكة "سكاى نيوز" الإخبارية.
خبراء: الطعام الجاهز "آمن" ولا ينقل فيروس كورونا
وفى ظل حالة القلق هذه من وصول الفيروس القاتل عن طريق الطعام والبقالة، وبينما ابتعد عدد كبير من الناس عن الطعام الجاهز خوفًا من حمله للفيروس القاتل من الخارج، خاصة أنه فى هذه الأوقات المخيفة، يتساءل الكثير منا هل تناول الطعام فى الخارج فكرة جيدة؟، وهل يجب علينا طهى جميع منتجات البقالة التى قمنا بتخزينها؟.
وهنا يقول دون شافنر" - وهو أستاذ بجامعة روتجرز فى نيوجيرسى، وتشمل خبرته التقييم الكمى لمخاطر الميكروبات، وعلم الأحياء الدقيقة - "أعرف أن الناس قلقون، ولكن مما نعرفه حاليًا عن الفيروس، فمن الآمن تناول الطعام المعد فى المطاعم طالما أنك تتخذ الاحتياطات المناسبة خاصة غسل اليدين"، وذلك وفقا لما نشره موقع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية "npr" .
ويرى خبراء الأمراض المعدية وسلامة الأغذية، أنه لحسن الحظ بالنسبة للأشخاص الذين لا يجيدون الطبخ، يبدو أن تناول الطعام المحضر فى المطاعم هو خيار آمن، كما ينص التوجيه الحالى من إدارة الغذاء والدواء على أنه "لا يوجد دليل يشير إلى أن الأغذية المنتجة فى الولايات المتحدة يمكن أن تنقل COVID-19".
ويقول خبراء الأمراض المعدية وسلامة الأغذية، إنهم قولهم بأن تناول الطعام الجاهز آمن يعتمد على عقود من البحث فى الفيروسات التاجية الأخرى، والتى تم تحديدها لأول مرة فى البشر خلال مرحلة الستينيات، ويؤكد دكتور ويليام شافنر، أستاذ الطب فى قسم الأمراض المعدية فى كلية الطب بجامعة فاندربيلت فى ناشفيل، أن الفيروس التاجى الذى يسبب COVID-19 ينتشر بشكل أساسى عبر قطرات تطرد من خلال السعال أو العطس".
وقال أستاذ الطب فى قسم الأمراض المعدية، "إذا كنت تقف قريبًا جدًا (حوالى 6 أقدام) من شخص مصاب عندما يسعل أو يعطس، أو ربما عندما يتحدث الشخص أو يزفر، يمكن أن تصل القطيرات الفيروسية إلى ممرات الأنف والأغشية المخاطية.. أو إذا لمست سطحًا به قطرات ثم لمست عينيك أو أنفك أو فمك، فقد يؤدى ذلك أيضًا إلى الإصابة بالعدوى".
وأضاف الأستاذان شافنر، أن "كل هذا يعنى أن انتقال العدوى عن طريق الطعام أمر مستبعد بشكل لا يصدق، ما لم تستنشق طعامك بالفعل"، فيما يقول وليام شافنر: "إن العدوى لا تنتقل حتى فى السيناريو غير المحتمل للفيروس من خلال العطس أو السعال الذى يتلامس مع "سلطة"، على سبيل المثال، والتى تدخل الجسم عن طريق الحلق".
ويشرح وليام شافنر: أن "الفيروس يكون محفوفًا بالمخاطر فى المقام الأول عندما يتصل بالأسطح فى الجهاز التنفسى، وليس عندما نتناوله عن طريق الخطأ"، ويوضح: "يبدو أن الفيروس يلتصق بالخلايا الموجودة فى الروافد العليا للأنف، وهو مكان لا يدخل إليه الطعام.. والفيروس الذى وجد طريقه إلى الجهاز الهضمى سيقتل بواسطة الحمض الموجود فى معدتك."
كما اتفق العديد من خبراء الأمراض المعدية الذين تحدثت إليهم NPR على أن الأبحاث لم تكشف عن أى دليل على انتشار COVID-19 من خلال الطعام، وتقول الدكتورة راشيل بيندر إجناسيو، الأستاذة المساعدة فى الحساسية والأمراض المعدية فى كلية الطب بجامعة واشنطن: "لا توجد تقارير منشورة عن ارتباط الطعام بانتشار الفيروس التاجى الجديد"، وفى فبراير الماضى، قالت منظمة الصحة العالمية نفس الشىء، على الرغم من أنها لاحظت أن سلطات سلامة الأغذية تراقب هذه القضية.
وفى حين أن جميع الخبراء الذين تحدثوا خلال تقرير الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية "npr"، كانوا متفقين على أن وجبات المطاعم آمنة عند الطلب أثناء تفشى COVID-19، فإن إليزابيث ميلز، أخصائية التغذية المسجلة فى كلية التمريض بجامعة فيلانوفا، تقول "إذا كنت تعانى من نقص المناعة أو تشعر بالقلق الإضافى، فقد ترغب فى طلب الطعام المطبوخ فقط بدلاً من العناصر غير المطبوخة مثل السندويشات، لأن الطبخ فى درجات حرارة عالية بما يكفى يقتل الفيروسات".
وأضافت: "لا نعرف الكثير عن بقاء الفيروس على الأسطح، بما فى ذلك الطعام.. لكن ما نعرفه هو أن الفيروس التاجى هو سلسلة من الحمض النووى الريبى محاطة بقشرة بروتينية.. والبروتين يتم تشويهه أو يفقد وظيفته البيولوجية عند تعرضه للطهى."
لكن مثل الخبراء الآخرين، يقول ميلز، إنه نظرًا لعدم وجود دليل على أن الطعام حامل للفيروس التاجى، فلا يوجد حاليًا سبب لتجنب أى أطعمة، بما فى ذلك السلطات، وأضاف ميلز: "فى الوقت نفسه، هناك الكثير من الأدلة على أن اتباع نظام غذائى متنوع يتضمن الفواكه والخضروات يدعم صحة جيدة، بما فى ذلك نظام المناعة الصحى".
من الجدير بالذكر أيضًا أن قواعد التعامل الآمن مع الغذاء المطلوبة من أى مؤسسة تقدم الطعام، ستحمى أيضًا من انتشار الفيروس التاجى، كما يقول دون شافنر، وتشمل ارتداء القفازات، وإقامة العمال فى المنزل حالة إصابتهم بالمرض، وغسل اليدين بشكل متكرر وتعقيم الأسطح فى المطبخ.
ويقول دون شافنر، إنه لا يمكن لأى مؤسسة غذائية أن تعمل ما لم يكن هناك شخص واحد على الأقل فى المبنى تم تدريبه على سلامة الأغذية، وأضاف أن القواعد التى تحكم إعداد الطعام الآمن أثناء تفشى المرض هى قواعد طويلة الأمد يعرفها مديرو خدمات الطعام بالفعل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة