القلب كالوطن والسكن، فلا تجعل أحدًا يسكنه ويعيش فيه إلا إذا كان يستحق، نعم، اجعل قلبك كالقصر العالي، لا يسكنه إلا من يمنحك حُبه واهتمامه وصدقه وإخلاصه، فلا تجعله للإيجار، كل من يمر عليه يستطيع أن يعيش فيه، ثم يمل منه ويتركه، بل اجعله ملكية خاصة، لشخص واحد، يُخلص لك بلا حدود، ويُحبك بلا شروط.
فضعْ أنت شُروط الملكية، فقلبك لابد أن يكون أغلى ما عندك، فلو استهترت به، سيُلقي بك في أعباء لن تتحملها، فهو وطنك، ووطن من يُحبك، والوطن لا يقبل أن يعيش فيه ويسكنه سوى الأوفياء الصادقون، فهو يلفظ الخونة والأفَّاقين، لو كان قلبًا صادقًا وحقيقيًا.
كثيرون يسعون للوصول إلى قُلوب من حولهم، ولكن شخصًا واحدًا هو الذي يصل ويتربع على عرش القلب، ليس لأنه الأجمل أو الأغنى أو الأقوى، ولكن لأنه الأصدق والأوفى والأخلص، وما أجمل أن تجد من يجعلك تشعر بالأمان والثقة، ويُريح قلبك وبالك، فهذا يستحق أن تجعله ملكًا متوجًا على عرش قلبك.
والأهم من ذلك، أنه سيمنحك هو أيضًا قصره العالي؛ لكي تعيش فيه، فقلبه سيكون سكنك ووطنك، فلو ضاقت بك الدنيا، ستجده فاتحًا ذراعيه لك بمنتهى الحُب والكرم، ولو سـالت دمعتك على وجنتيك، لن تمسحها سوى يداه.
وكُل هذا لن يتوافر إلا فيمن يمنحك الأمان، وتشعر معه بالدفء والسكينة، وتتنمى لو طال العمر حتى تسعد بوُجوده في حياتك، وتحلُم بأن تنتهي حياتك على صدره؛ لأنك ستكون مُوقنًا أن لا أحد سيتذكرك، ويُخلص لك مثله.
للأسف، كثيرون سيظنون أن تلك المشاعر قد انتهت، ولم يعد لها وُجود، ولكنها موجودة بالفعل، إلا أنها نادرة للغاية، وغالية بشكل كبير، ولا تتوافر إلا في أشخاص لهم مُقومات نفسية وعقلية وروحية خاصة جدًا، فإذا وجدت أحدهم، فتنازلْ عن قصرك وأنت مُطمئن.