قرأت لك.. "التاريخ الاقتصادى": لماذا دول ثراؤها فاحش وأخرى تعانى الفقر الشديد؟

الجمعة، 17 أبريل 2020 07:00 ص
قرأت لك.. "التاريخ الاقتصادى": لماذا دول ثراؤها فاحش وأخرى تعانى الفقر الشديد؟ غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقرأ معا كتاب "التاريخ الاقتصادى العالمى: مقدمة قصيرة جدًّا" تأليف روبرت سي آلن، وترجمة محمد سعد طنطاوى، مراجعة هبة نجيب مغربى، والصادر عن مؤسسة هنداوى.
 
يسأل الكتاب: لماذا تتمتع بعض دول العالم بالثراء الفاحش ويعاني البعض الآخر الفقر المدقع؟ ويستكشف روبرت سي آلن تفاعل عوامل الجغرافيا والعولمة والتغيرات التكنولوجية والسياسة الاقتصادية والمؤسسات ليوضح كيف حددت هذه العوامل ثراء وفقر الأمم في جميع أنحاء العالم، وذلك باستخدام أمثلة تاريخية لتحليل العوامل التي أثَّرت على النمو، يميط المؤلف اللثام عن الأسباب التي رسمت ملامح العالم غير المتساوي الذي نحيا فيه اليوم.
التاريخ الاقتصادي
 
يمكن تقسيم الخمسمائة عام الأخيرة إلى ثلاث فترات، تمثل الفترة الأولى — التي استمرت منذ عام 1500 إلى حوالى عام 1800 (العصر الاتجارى)، بدأت هذه الفترة برحلات كولومبس ودا جاما، وأدت إلى تكامل الاقتصاد العالمى وانتهت بالثورة الصناعية، وأُقِيمت المستعمرات في الأمريكتين اللتين قامتا بتصدير الفضة والسكر والتبغ؛ وشُحِن الأفارقة كعبيد إلى القارتين لإنتاج هذه السلع، كما صدَّرَتْ آسيا البهارات والمنسوجات والخزف الصيني إلى أوروبا، وسَعَتِ الدول الأوروبية الرائدة إلى زيادة تجارتها من خلال إقامة المستعمرات، وفرض التعريفات الجمركية، وشَنِّ الحروب لمنع الدول الأخرى من الاتِّجار مع مستعمراتها. وقد رُوِّجت الصناعة الأوروبية على حساب المستعمرات، غير أن التنمية الاقتصادية في حد ذاتها لم تكن هي الهدف.
 
تغيَّرت الأوضاع في الفترة الثانية "المواكبة" في القرن التاسع عشر، ففي الوقت الذي هُزِم فيه نابليون في معركة ووترلو في عام 1815، كانت بريطانيا قد حقَّقت الريادة في المجال الصناعي وتفوَّقَتْ على الدول الأخرى، وقد جعلت أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية التنمية الاقتصادية أولوية لها، وسعت إلى تحقيقها من خلال بناء قياسى يتألف من أربع سياسات؛ ألا وهي: إنشاء سوق وطنية موحَّدة من خلال إلغاء التعريفات الداخلية وإقامة بنية تحتية للنقل، ووضع تعريفات خارجية لحماية صناعاتها من المنافسة البريطانية، وتأسيس بنوك للحفاظ على ثبات أسعار العملات وتمويل الاستثمارات الصناعية، وتوفير التعليم العام للارتقاء بمهارات القوى العاملة. 
وقد حقَّقت هذه السياسات نجاحًا في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية؛ حيث انضمت الدول في هذه المناطق إلى بريطانيا لتشكِّل ما صار معروفًا اليوم بنادي الدول الغنية، بينما تبنَّتْ بعض دول أمريكا اللاتينية هذه السياسات بصورة غير كاملة ولم تحقِّق نجاحًا كبيرًا.
 أدت المنافسة البريطانية إلى إعاقة التنمية الصناعية في معظم مناطق آسيا، فيما اكتفت أفريقيا بتصدير زيت النخيل والكاكاو والمعادن عند انتهاء تجارة بريطانيا في العبيد في عام 1807.
 
في القرن العشرين، أثبتت السياسات التي حقَّقت نجاحًا في أوروبا الغربية — لا سيما في ألمانيا وفي الولايات المتحدة — عدم فعاليتها في الدول التي لم تحقِّق التنمية بعدُ. تُبتكر معظم التكنولوجيا في الدول الغنية، وهذه الدول تحتاج إلى رأس مال بصورة متزايدة لزيادة إنتاجية الأيدي العاملة فيها التي تتقاضى أجورًا هي الأعلى على الإطلاق. 
لا تُعتبَر معظم هذه التكنولوجيا الجديدة اقتصاديةً في الدول التي تنخفض فيها أجور الأيدي العاملة، لكنها في المقابل تمثِّل أهم ما تحتاج إليه هذه الدول للَّحَاق برَكْب الغرب. 
تبنَّتْ معظم الدول تكنولوجيا حديثة بدرجة أو بأخرى، لكنها لم تتبنَّها بالسرعة الكافية التي تمكِّنها من تخطي الدول الغنية. أما الدول التي نجحت في رَأْب الصدع مع الغرب في القرن العشرين، فقد نجحت في ذلك من خلال نموذج «الدفعة القوية»، والذي استخدم التخطيط وتنسيق جهود الاستثمار لتحقيق طفرة.
 
قبل أن نتعرف على "كيف" صارت بعض الدول غنية، يجب أن نحدِّد "متى" صارت هذه الدول غنية، بين عامَيْ 1500 و1800، حقَّقت الدول الغنية اليوم تقدُّمًا طفيفًا يمكن قياسه من خلال إجمالي الناتج المحلي لكل فرد.
وفي عام 1820، كانت أوروبا بالفعل هي أكثر القارات ثراءً؛ فكان إجمالي الناتج المحلي لكل فرد في أوروبا يساوي ضعف مثيله في معظم أنحاء العالم. كانت أكثر الدول ازدهارًا هي هولندا التي وصل متوسط الدخل فيها (إجمالي الناتج المحلي) إلى 1831 دولارًا أمريكيًّا للفرد.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة