تناول الكُتاب في الصحف الخليجية العديد من القضايا العربية والعالمية، ولكنهم خصصوا مساحات آرائهم لاتفاقية "أوبك بلس" الخاصة بأسعار النفط وحجم الإنتاج، وأيضا اهتموا بطرح آرائهم في أزمة وباء كورونا المتفشي في العديد من دول العالم، وتتزايد حالات الوفيات والإصابات بشكل لحظي، ودعا عدد من الكتاب إلى عدم التنمر على المصابين بفيروس كورونا، واليكم أبرز ما جاء:
دروس معركة النفط
عبد الرحمن الراشد
الذي قاد للاتفاق التاريخي، قرار السعودية بالعودة إلى إنتاج حصتها الكاملة، وإغراق السوق بنحو 3 ملايين برميل أخرى كل يوم، بعد رفض المنتجين الروس والأميركيين التشارك في التخفيض.
في البترول والسياسة أيام مهمة في التاريخ، مثل قرار «أوبك» رفع السعر، وكذلك قطع العرب النفط في عام 1973 الذي غيّر خريطة عالم النفط إلى اليوم. حينها، كانت الولايات المتحدة أكبر دولة مستوردة للبترول، واليوم هي أكبر منتج له. لسنين، كانت تنتقد «أوبك» عند تخفيض الإنتاج ورفع الأسعار، واليوم العكس، ضد زيادة الإنتاج وخفض الأسعار. مرّت 47 عاماً على تلك السنة، ولا يزال النفط سلعة استراتيجية يديرها السياسيون، هذه الأزمة أديرت من قِبل ولي العهد السعودي والرئيس الروسي والرئيس الأميركي.
في مطلع هذا العام وقعت مذبحة بترولية تاريخية؛ سال النفط في كل مكان، حتى انحدر سعر البرميل إلى 20 دولاراً. السبب أن الرياض لم تعد تتحمل وحيدة العبء الأكبر، استمرت تنتج أقل من حصتها آملة في تحقيق التوازن والسعر المعقول. لكن المنتجين، خارج «أوبك»، كانوا يستغلون الوضع ويزيدون إنتاجهم. روسيا، هي الأخرى، انسحبت من اتفاقها مع «أوبك» عازمة رفع إنتاجها. بعد ذلك قررت الرياض أن تنتج حصتها الكاملة، ما أشعل الجدل. الروس رفضوا التراجع، والأميركيون قالوا إنهم لن يقلصوا إنتاجهم. الذي زاد النفط بلة تداعيات أزمة «كورونا»، الفيروس الذي اجتاح العالم بسرعة وعطل الحياة العادية؛ توقفت السيارات والطائرات وهوى سعر البرميل إلى 20 دولاراً، سعر لم يخطر ببال أحد وكان في طريقه إلى 10 دولارات. النتيجة، زلازل في أسواق الأسهم وصناديق الاستثمار، وشركات بترول على باب الإفلاس. «القطاع النفطي يتعرض للتدمير»، قالها الرئيس الأميركي في تغريدة له، داعياً للتفاهم مع السعودية وروسيا.
لم يكن هناك بد من التعاون لتحقيق استقرار سوق النفط. وافقت روسيا والولايات المتحدة على اقتراح السعودية السابق. قرروا تخفيض 10 ملايين برميل. تشاركت الدول في المهمة، مع احتمال تخفيض بـ10 ملايين برميل من منتجين آخرين. وقد تمر أشهر، وإلى نهاية العام، حتى نرى تحسناً كبيراً في سعر النفط، لكن الاتفاق يبقى حبل النجاة الوحيد للجميع.
الجانب السياسي في الصراع البترولي لا يقل أهمية، فالبترول سلعة استراتيجية ترتبط بمصالح الدول العليا. وكما نلاحظ، فإن كل ما كتب في السنوات الأخيرة، بل في الأسابيع الماضية، أن اكتفاء الولايات المتحدة من إنتاج بترولها يجعلها متحررة من منطقة الشرق الأوسط ليس صحيحاً بشكل دقيق. كما أن اعتقاد روسيا، هي الأخرى، بأنها معصومة من اضطرابات النفط، اكتشفت أن انخفاض الروبل وانخفاض مداخيلها من النفط، مع تداعيات وباء «كوفيد - 19» كان أكبر من أن يحتمل. معركة النفط الأخيرة، أيضاً ذكّرت الرياض بخيار مشروع «رؤية 2030»، وهو تقليص الاعتماد على موارد النفط قدر المستطاع.
مرضى وليسوا مجرمين!
يوسف الشريف
أما في صحيفة البيان الإماراتية، انتقد الدكتور يوسف الشريف فكرة التعامل مع مرضى كورونا بالتنمر، قائلا :" منذ أن بدأ فيروس «كورونا» في الانتشار بمعظم دول العالم ونحن نلاحظ حالةً غريبةً في التعامل مع مرضاه، فالبعض راح يتعامل معهم وكأنهم مجرمون، والبعض الآخر يزدريهم أو يتنمر عليهم.
وكأن حالهم هذا وليد إرادتهم، أو بمحض اختيارهم، في حين أن الحقيقة تقول إن هؤلاء مرضى لا ذنب لهم، وأن ما أصابهم ليس سوى مرضٌ خطيرٌ ينتشر بالعدوى.
وهذه العدوى تنتشر بسرعة جداً، صحيح أنه يجب عزلهم، ولكن يجب ألا ننسى الجانب الإنساني لهؤلاء المبتلين بهذا المرض، وأن نقف إلى جانبهم ونشجعهم على الخلاص من الفيروس والرجوع إلى حياتهم، فيكفيهم الآلام التي يتعرضون لها، فلا نريد أن نكون سبباً في معاناتهم النفسية.
الفيروس كان قد وصل لمعظم هؤلاء المصابين نتيجة إهمال في جانب معين من الجوانب، ونستثني من هؤلاء خط الدفاع الأول في مكافحة هذه الجائحة من أطباء بذلوا أنفسهم لحماية غيرهم.
وكذلك رجال الأمن الذين يبذلون قصارى جهدهم ومجهوداتهم لحماية الأرواح من عبث بعض المستهترين في التعامل مع هذه الأزمة، ونعود لصميم القول في من يهمل الحيطة وتوخي الحذر في التعامل مع هذه الحالة، فنقول إنه يجب علينا الاعتراف بأن فيروس «كورونا» سهل الانتقال وسريع الانتشار، لذلك يجب أن نعلم أن المصابين بالفيروس.
وعلى الرغم من عدم اتّباعهم الإجراءات الصحية، إلا أنه قد أصابهم وأنهم مرضى وليسوا مجرمين أو منبوذين، وعلينا أن ننظر إليهم كما تنظر لهم الفرق الطبية على أنهم مصابون يحتاجون لعناية فائقة لاستعادة صحتهم.
شاهدنا خلال الأيام الماضية العديد من التعليقات والمنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تنم عن عدم احترام للظروف الصحية التي يعاني منها هؤلاء المرضى.
وقد طالب البعض بعزلهم، ولا أقصد هنا العزل الصحي، إنما العزل بمعنى النفي، والبعض الذي طالب بتركهم ليواجهوا مصيرهم أو العمل بنظرية «مناعة القطيع»، وترك الفيروس يتفشى بين الناس ليخرج منه من هو قوي والضعيف يترك ليموت.
ولكن للأسف لم يدرك أصحاب هذه التعليقات والمنشورات أن هذا الفيروس لا يعرف حدوداً، ويمكن أن يصل للجميع، فلا داعي لمثل هذه التعليقات أو المطالبات. ولنظهر تعاطفنا ونقدم كافة أشكال الدعم إن استطعنا ذلك، فالقاعدة الأولى لمكافحة الفيروس هو أن نعمل سوياً، وأن نقف بجانب بعضنا البعض في هذه المحنة، خاصة إذا ما تابعنا تصريحات قياداتنا الكريمة ونداءها المستمر بحماية الأرواح بالذات كبار المواطنين لأنهم غوالٍ وبركة هذه البقعة التي نعيش عليها.
على كلٍّ يجب أن أشير إلى أنني في حديثي السابق لا أقصد عدم محاسبة من خالفوا الحجر الصحي، وتسببوا بنقل العدوى لأشخاص أصحاء، فهؤلاء مجرمون تسببوا بضرر للمجتمع وعرضوا حياة الآخرين للخطر، ولكن حديثي كان عمّن كان ملتزماً بالتعليمات إلى حد ما ولم يقصد أو يتعمد نقل الفيروس لغيره، إما لجهله بالمرض، وإما لعدم ظهور أعراض واضحة، أو حتى للمصابين من الكوادر الطبية والذين عرضوا حياتهم للخطر لتقديم الدعم الصحي لغيرهم من المصابين، فهؤلاء سيبقون مرضى وضحية فيروس سريع الانتشار قد ينهي حياتهم، أو يسبب لهم معاناةً كبيرةً.
إن من النقاط الإيجابية التي ظهرت في هذه المرحلة؛ مرحلة مواجهة فيروس «كورونا» هي التشاركية والعمل المشترك والتضامن الاجتماعي بين العديد من شعوب العالم، وهؤلاء المصابون هم جزء من مجتمعاتنا بصرف النظر عن أصولهم أو منابتهم، وبصرف النظر أيضاً عن كيفية وصول الفيروس لهم.
تخاريف الحجر الصحي
ملحة عبد الله
أما في صحيفة الرياض السعودية، كتبت الدكتورة ملحة عبدالله عن صمود الدولة المصرية وغيرها من الدول أمام فيروس كورونا في الوقت الذى انهارت فيه دول ذات أسماء رنانة، قائلة :"اتضح لنا أن الدول التي لها عمق حضاري شرق آسيا أو جنوب غربها أو حتى بعض الدول الإفريقية ومنها مصر كيف أنها استطاعت الصمود بالمقارنة بتلك الدول التي انفرط عقدها أمام كوفيد، بالزعم من حجمها العالمي والذي روجت له آلاتهم الإعلامية وسوقت له حتى ترسخ بدواخلنا تلك النزعة (اليوتيبية) بأنها أرض الأحلام.
في تأملات فردية جعلت الواحد منا يسترجع ما كان يدور بخلده من تاريخ الحضارات التليدة وعن هوية وتكوين شخصيات هذه البلدان وكيف تبينت، ومن ماذا اكتسبت صلادتها. وكانت هذه التساؤلات تجوب بالخلد حينما تفشى كوفيد 19 في كل أنحاء العالم. فيروس لا يُرى سوى بأدق الميكروسكوبات تخضع له رقاب المسؤولين والمنظرين وملاك الأسلحة بشتى أنواعها ورأينا أن عظميات الدول - والتي يخشى العالم كله الحديث عن أسلحتها البيولوجية وأنها تمتلك الجمرة الخبيثة وغاز السارين المحرم دولياً وغاز الأنثراكس الذي قيل عنه: إن لو نُثرت منه زجاجة في سماء ليلة ربيعية فسيموت نصف سكان الأرض وغير ذلك من الحديث الذي لا يتسع له المقال عن هذه الأسلحة – نجدها لا تمتلك حتى الكمامات الكافية لحماية أفرادها ولا تستطيع توفير أجهزة التنفس الصناعية وهذا أقل ما في الأمر.
حقيقة أن هذا الوباء قد كشف لنا (كرتونية بعض الدول) وهي عديدة، وأن الإنسان هو حطب الوقود كالمعتاد في أي من هذه الأمور!.
ماذا يفعل الإنسان الذي أسلم قياد عنقه تلك الدعوات بأنها هي من تدافع عن حقه في حياة كريمة حرة أبية على وجه الأرض، وفي أي مكان، وهو لا يعلم أن ما يُحكم سيطرته على هذا الفضاء العالمي هو تلك المحاولة المستفيضة في السيطرة على رأس المال العالمي من شركات ورؤس أموال وعمالقة جيوب لا تتسع لما تحويه من مقدرات قد تحل أزمات العالم بأسره، فإذا ما اقترب كوفيد كان الهاجس الأول ليس الإنسان كما كانوا يدعون، بل إنقاذ الاقصاد وهذا أمر مشروع ولا ننكر ذلك حفاظاً على هذا الاستقرار العالمي؛ ولكن في الجانب الآخر وعلى الكفة الأخرى من الميزان هو الإنسان، فبعد أن أمضى الناس في بيوتهم حجراً طويلاً متعاونين ومنفذين نجد أن هناك دعوات تنادي بخروجهم للعمل مع الاحتفاظ (بوضع الكمامة) وهنا سوف يقف الإنسان متأرجحاً لا يعلم أين سترسو رمانة ميزانه فإن طال الحجر واحتجب في بيته بكى أولئك المتحكمون في دائرة الاقتصاد وإن خرج من بيته فربما يصافح السيد كوفيد! وهنا هو لب التراجيديا الإنسانية: الإنسان مقابل الاقتصاد!
وإذا ما كان ذلك كذلك فلماذا لم نهتم بهذا الإنسان الذي اتضح أنه العمود الفقري لكل دول العالم الإنسان هو القائد وهو المنقذ بعد الله وهو من يرفع دولاً ويخفض أخرى؟
لم يأتِ كوفيد إلا في زمن منفلت من الاستهانة به وقتله وتشريده وتجويعه ونهبه وهو بطبيعة الحال خليقة الله وصنيعته وبدا لنا أن من لا يحب الله لم يحب صنيعته وهذا هو بيت القصيد، فقبل ظهور كوفيد بأيام معدودة رأيت مشهداً لن يغادر ذهني وهو حينما فتحت تركيا حدودها وطردت اللاجئين وهم هاربون من النار وضجيج المدافع لتستقبلهم الدول المجاورة بخراطيم المياه وقنابل الدخان ونشر الأسلاك الشائكة وهم شيوخ ونساء وأطفال وبعضهم مرضى؛ وهنا أدرك أن الإنسان أنه قد أصبح بضاعة رائجة يُتاجر به وتُطلب الأموال الجائرة لحمايته وحينما يقبض الثمن يطرد في العراء والثلوج تغطى كل مكان!.
أصبح الإنسان هو البضاعة وهو الثمن وعليه يقع الرهان في زمن تفشى فيه الجهل والمرض والبيروقراطية والتعسف الدولي قليل الحيلة والعاجز عن إسكان دوي المدافع في كل بلد وخاصة العربية منها على مدار ما يقرب من تسع سنوات.
كان أهلونا يقدرون صنيعة الله وخلقه، شديدي الحرص والخوف عليه مهما كان صنفه أو نوعه، فتربينا على ذلك.
كانت أمي رحمها الله حينما يتجمع النمل حول بيتنا تمنعني عن أذاه، وتأمرني بأن أجمع سبع نملات ثم أذهب بها إلى مكان بعيد فيه يتوفر لها الغذاء وأقسم لها أن هذا المكان لها أفضل. هذا مفهوم من التراث الشعبي تربينا عليه، فتعلمنا أن صنيعة الله يجب أن نقدرها حتى لو كانت نملة ما دامت لم تسبب لنا أذى.
ومن هنا اتضح لنا أن الدول التي لها عمق حضاري شرق آسيا أو جنوب غربها أو حتى بعض الدول الإفريقية ومنها مصر كيف أنها استطاعت الصمود بالمقارنة بتلك الدول التي انفرط عقدها أمام كوفيد، بالزعم من حجمها العالمي والذي روجت له آلاتهم الإعلامية وسوقت له حتى ترسخ بدواخلنا تلك النزعة (اليوتيبية) بأنها أرض الأحلام والتي كان عنواناً لفيلم الفنان الكبيرة فاتن حمامة رحمها والفنان الكبير يحيى الفخراني منذ عشرين عاماً والقضية تناقش لكننا لا نسمع ولا نرى.
أما فيما بعد كوفيد وحينما ينجلي بإذن الله عاجلاً أم آجلاً فسيتغير العالم لأن الإنسان نفسه سيتغير وسيعرف قدره، وأن العالم أيضاً سيعرف مقداره وسوف يعطيه حقه لأنه قد فقه أنه محور جيبه ودولته وتقدمه وتأخره، وفي هذا الوقت ستستقر كفتي الميزان المتأرجة بين المال والإنسان لأنه أصبح هو الأقوى. وقد شرفت عظيم الشرف عندما أعلنت المملكة العربية السعودية في بداية هذه الجائحة وقبل انتشارها بهذا الشكل في معظم الدول بشعار سوف يحمله العالم في الأزمنة الآتية وهو أن: (الإنسان أولاً).