رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية اليوم الجمعة إن قرار ترامب الدرامى بوقف التمويل الحاسم لمنظمة الصحة العالمية فى وسط تفشى الوباء فى دول العالم ثبت عدم شعبيته.
وبحسب وكالة "أ ش أ"؛ استهلت الصحيفة تقريرا لها فى هذا الشأن (نشرته على موقعها الالكتروني) إن هناك أسباب مفهومة لغضب ترامب من منظمة الصحة العالمية، التى أعطت الكثير من المصداقية للرسائل الأولية للصين حول تفشى المرض. فضلا عن أن تعاون منظمة الصحة العالمية مع بكين لم يُثير حفيظة مؤيدى ترامب فى الولايات المتحدة وحدهم، ولكن أثار أيضا غضب النقاد فى أماكن أخرى. حيث أطلق نائب رئيس الوزراء اليابانى مؤخرًا على منظمة الصحة العالمية اسم "منظمة الصحة الصينية".
وأضافت الصحيفة: "أن قرار ترامب الدرامى بوقف التمويل الحاسم لمنظمة الصحة العالمية فى وسط تفشى الوباء فى دول العالم ثبت عدم شعبيته. فقد وضعه فى خلاف مع مسئولى إدارته داخل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ووزارة الخارجية والوكالات الرئيسية التى تدرك أهمية دعم منظمة الصحة العالمية والتأثير عليها فى وقت الأزمات المشتركة. كما أكد، مرة أخرى، ولع ترامب بمعاقبة أو إضعاف المؤسسات الدولية متعددة الأطراف، حتى لا تتضح المكاسب التى يمكن أن تعود على الولايات المتحدة من وراء مثل هذه القرارات، وما تصاحبه من اضطرابات عديدة".
وأوضحت الصحيفة:" أن هذا القرار ربما لم يكن صعبا بالنسبة لترامب نفسه. فبغض النظر عن حاجته إلى العثور على كبش فداء خارجى لجميع الخطوات الخاطئة التى اتخذتها إدارته فى التعامل مع الوباء، فإن الرئيس ينظر إلى المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية على أنها عبء على القوة الأمريكية بل وتضع العوائق أمام المصلحة الوطنية. ومنذ دخوله إلى البيت الأبيض، تعدى ترامب على الأمم المتحدة، وحلف شمال الأطلسى "الناتو"، ومنظمة التجارة العالمية، والاتحاد الأوروبي، والأركان الأخرى لما يصفه صناع السياسة بشكل فضفاض بالنظام الدولي".
وتابعت الصحيفة تقول:" إن هذا النظام كان قد تلاشى بالفعل بعد سبعة عقود من بروزه فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، فى عملية شهدت صعود نجم زعماء الدهماء غير الليبراليين فى بعض الديمقراطيات الليبرالية الرئيسية فى العالم. لكن جائحة الفيروس التاجى أكدت اختبارًا وجوديًا حقيقيًا للوضع القائم الذى أنشأته الولايات المتحدة من خلال سياساتها القديمة تجاه النظام الدولي".
وتعليقا على ذلك، نقلت "واشنطن بوست" عن ستيوارت باتريك، الزميل فى مجلس العلاقات الخارجية، قوله:" إن تيارات الشعبوية كبيرة جدًا الآن لدرجة أن الزعماء لم يعودوا يميلون أو يكافئون على التصرف فيما يتعلق بالتعاون الدولي". مضيفا:" هناك خطر متزايد من أن هذه المنظمات يمكن أن تضعف حتى تزول. وليس هناك ما يكفى من القادة ممن يمتلكون نظرة مستنيرة تجاه المصلحة الدولية".
ورأت الصحيفة الأمريكية "أن ترامب قد يكون هو المسئول الأبرز الذى يسعى لأجل تعزيز هذا الضمور المؤسسي، لكن الأزمة فى السياسة العالمية تمتد لأبعد من ذلك. حيث يشير المدافعون عنه إلى نظام دولى عفا عليه الزمن بشكل متزايد، ويعتبرون أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من بقايا الحرب العالمية الثانية، حيث غالباً ما أعاقت سلطات النقض للأعضاء الخمسة الدائمين "الفيتو" إجراءً جماعيًا ذا مغزى؛ وأن التحالفات أو الكتل الأحدث ليست أقل ضعفاً أو فعالية".
كما أكد مسؤول أوروبى رفيع المستوى للواشنطن بوست، بشرط عدم ذكر اسمه، أنه بدلاً من انتقاد ومعاقبة مؤسسة مثل منظمة الصحة العالمية، يجب على الولايات المتحدة "أن تتكاتف" وأن تعمل بنشاط أكبر لتحديث نظام الأمم المتحدة، حيث ينمو النفوذ الصينى بشكل مطرد. لكن ترامب، بينما يتلهف لمواجهات جيوسياسية مع الصين ويتصدى لـ "العالمية"، ترك شركاء الولايات المتحدة التقليديين فى أوروبا فى وضع صعب!.
