أكد الدكتور مجدى عاشور المستشار العلمى لمفتى الجمهورية أن الاجتماع للذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم أمر مشروع بل قد يكون مستحبًّا ولكنْ إذا تَرَتّب ضررٌ بسبب اجتماع الناس - ولو بالطاعة وفعل الخير - فإنه يصير حرامًا شرعًا مثل الاجتماع وقت الأوبئة وخوف انتشار الأمراض المُعْدِيَة، وقال عاشور ، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت ، "إن الذكر والدعاء أمر مستحب في الأصل ويكون في كل وقت حيث لم يحدد الله تعالى لهما زمانًا أو مكانًا ويزداد الأمر استحبابًا عند الاجتماع عليهما في الكوارث والنوازل والأزمات يقول تعالى عند سيدنا زكريا عليه السلام وزوجته : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)".
وأضاف : "ولكن ليس كل ما كان مشروعًا أو مستحبًّا يصلح في كل وقتٍ أو حال بل يرتبط ذلك بأن لا يكون وسيلة لوقوع الضرر على المجتمعين لعبادة الذكر والدعاء ولو كان بتلاوة القرآن ؛ إذ الخير والطاعة لا يأتيان بِشَرٍّ أو ضررٍ على الفَرْدِ أو المجموع مستشهدا بقول الله تبارك وتعالى : (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَار".
وأشار إلى ما ذكره الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه (بذل الماعون في فضل الطاعون)عن ضرر ما حدث للناس في عصره عند اجتماعهم للدعاء والصلاة في زمن الوباء فقال : "ووقع هذا في زماننا، حين وقع أوَّلُ الطاعونِ بالقاهرة في 27 من شهر ربيع الآخَر سنة (833 هـ)، فكان عددُ من يموتُ بها دون الأربعين فخرجوا إلى الصحراء في 4 جمادى الأولى بعد أن نُودي فيهم بصيام ثلاثة أيامٍ، كما في الاستسقاء، واجتمعوا، ودعوا، وأقاموا ساعةً، ثم رجعوا، فما انسلخ الشهر حتى صار عددُ من يموت في كل يومٍ بالقاهرة فوق الألف، ثم تزايد".
وردا على سؤال هل مَن يُصَلِّي الفجرَ في بيته لِعُذْرِ مَرَضٍ أو لِخَوْفٍ مِن مَرَضٍ مُعْدٍ ثم يجلس يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ، هل له أجر عمرة كما ورد في مَن فَعَلَ ذلك في المسجد ؟..أجاب عاشور بأنَّه مَن كان مُعتادًا لصلاة الفجر في المسجد جماعةً ، ثم أصابه عذر ، كمرض أو خوف من مرض مُعْدٍ ، فصلى الفجر في بيته ، ثم جلس يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس ، فقام فصلى ركعتي الضحى ، كُتِبَ له أجْرُ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ معًا .. (ذَٰلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) .
وقال المستشار العلمي لمفتي الجمهورية : إن صلاةُ الجماعةِ على الراجح فرضُ كفايةٍ أي : لا يَأثَمُ مَن تَرَكَها إذا قام بها غيرُهُ مِن الناس ، وأن لصلاةِ الجماعةِ فَضْلٌ كبيرٌ ، سواء في أدائها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ على صلاةِ الفذِّ (أي : الشخص وَحْدَه) بِسَبْعٍ وعِشرينَ دَرجةً "
وكذلك في الخطوات التي يمشيها المُصَلِّي إلى المسجد ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " وذلكَ أَنَّهُ إِذا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلى المَسْجِدِ ، لا يُخْرِجُه إِلاَّ الصَّلاةُ ، لَمْ يَخْطُ خَطْوةً إِلاَّ رُفِعَتْ لَه بِهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطَّتْ عَنْه بهَا خَطِيئَةٌ ".
وأضاف : أن مَن اعْتَادَ عَمَلَ الخيرِ - ومنه صلاة الجماعة في المسجد - ثم مَنَعه عُذْرٌ ليس بيده ، فله أجرُ ما كان يفعله قبل العذر ، وهنا يأخذ ثوابَ الجماعة كأنها في المسجد ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا " ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ (أي : الصُّبح) فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ » .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة