رمضان شهر الخير والغفران، ارتبطت به كثرة العبادات، كما ارتبطت به مجموعة من العادات، وخاصة المتعلقة بالأكل والشراب والتى يتم إعدادها خصيصاً فى هذا الشهر الكريم، ويمكث المسلم طوال نهاره صائماً ثم ينتظر لحظات الإفطار ليتناول فيها أشهى الأكلات التى يفضلها وتحرص النساء على إعدادها خصيصاً للإفطار فى رمضان.
وفى شتى أنحاء مصر، يتميز كل مجتمع بعادات وتقاليد فى رمضان، ويشتهر كل مجتمع بأكلات معينة ترتبط معظمها بشهر الصيام، وفى أقصى صعيد مصر، عرف الصعايدة أكلة "النشابى" وهى من الأكلات السريعة التى ترتبط برمضان ويتم تجهيز فطائرها قبل حلول رمضان بأيام، ويستعرض "اليوم السابع" معلومات أكثر عن هذه الوجبة الأسوانية:
تزينب صلاح، من أهالى قرية أقليت بمحافظة أسوان، قالت لـ"اليوم السابع": كعادة النساء فى "الخط الغربى" وهى القرى الواقعة ناحية الغرب من مدينة كوم أمبو بمحافظة أسوان ويطل معظمها على النيل، يحرصن على إعداد وجبات اعتدن على تجهيزها وطهيها حينما يحل شهر رمضان المبارك، ومن هذه الوجبات التى توارثتها السيدات من الأمهات والجدات واشتهرت بها هذه المناطق وهى فطائر "النشابى".
وأضافت زينب، أن النشابى عبارة عن فطائر رقاقية يتم تجهيزها قبل رمضان بوقت كاف وبكميات تناسب كل أسرة ليتم تجهيزها وتحضيرها فى رمضان، ومكوناتها بسيطة جداً: دقيق وماء وملح، ويتم عجن الدقيق دون الحاجه إلى تخميره، ثم يتم تقطيعه وفرده وتركه فى الفرن لدقائق، موضحةً بأن هذه الأكلات لا تكلف الأسرة أموالاً لإعدادها ولكنها بسيطة توارثها الأجيال نظراً لبساطة المعيشة لدى الأجداد واعتمادهم بشكل كبير على الدقيق والماء فى معظم الأكلات.
وأشارت أسماء مصطفى، من سيدات قرية أقليت أيضاً بمركز كوم أمبو محافظة أسوان، إلى أن طريقة إعداد النشابى كانت تعتمد فى الأساس على تجمع عدد من النساء جيران بعضهم البعض، وتتطوع إحداهن فى استضافة النساء وإعداد الفرن أو "الطابونة" وهى عبارة عن موقد بلدى يعتمد على النار وليس اسطوانات البوتاجاز كما هو الحال فى الأفران، لافتةً إلى أن الظروف الحالية لا تسمح بوجود تجمعات بسبب مخاوف انتشار فيروس كورونا المستجد، ويكتفى نساء البيت الواحد بإعداد الكميات المناسبة لاحتياجات المنزل.
وعن الأدوات المستخدمة فى تجهيز النشابى، أوضحت أسماء، بأن النشابى لا يحتاج لأدوات كثيرة إنما هى فقط بعض الأوانى الخاصة بعجن الدقيق والماء، بجانب وجود "طبلية" أو "صوانى" لفرد النشابى عليها، وأخيراً "عصا النشابى" وهى عبارة عن عصا خشبية يبلغ طولها متر تقريباً وتستخدم لفرد العجين على شكل فطائر رقيقة قبل وضعها فى الفرن.
وتتابع أم مصطفى، من نساء قرية أقليت أيضاً، بأن النشابى أكلة سريعة التحضير يمكن استخدام فطائرها مع "الشربة" وتوضع عليها اللحمة لتناولها فى الإفطار، أو يمكن استخدام فطائرها مع الحليب فى السحور، وهذه الوجبة تستخدم غالباً فى الأيام العادية بخلاف رمضان للضيف لأنها سريعة التحضير لا تحتاج إلى وقت كبير فى حالة إذا كان الضيف غير مقيم وقبل أن يغادر، وتتبرع السيدات بالعديد من شرائح النشابى لجيرانها وأقاربها.
وقالت أم مصطفى: كثير من النساء ما يستخدم الكرتونة فى طريقة تخزين النشابى، ويمكن إهداءه لأقاربهم وذويهم فى القاهرة ومحافظات وجه بحرى كنوع من المشاركة المجتمعية والإشعار بجو وطقوس أهالى الصعيد فى مجتمعات الوجه البحرى، لافتةً إلى أن هناك سيدات يصنعن النشابى ويبيعونه جاهزاً فى الأسواق لأكل العيش والاسترزاق منه ومساعدة النساء اللولاتى لا يستطعن القيام بعمل النشابى خلال المواسم وشهر رمضان.