طلبت الجمعيات الماسونية فى مصر تسجيل تنظيماتها بوزارة الشؤون الاجتماعية، فطلب منها المسؤولون تطبيق قانون الجمعيات عليها، لكنها رفضت، مما أدى بالدكتورة حكمت أبوزيد وزيرة الشؤون الاجتماعية بإصدار قرارها بحل الجمعيات والمحافل الماسونية فى مصر يوم 18 إبريل، مثل هذا اليوم، عام 1964، حسبما يذكر الدكتور على شلبى فى كتابه «الماسونية فى مصر».
شمل القرار وفقا لما نشرته جريدة الأهرام فى عددها الصادر يوم 19 إبريل 1964 «حل الجمعيات الماسونية وهى، المحفل الماسونى اليونانى، ومحفل خوفو فى القاهرة، والمحفل الأكبر الوطنى لوادى النيل بالإسكندرية وفروعه بالإسماعيلية وهى، محافل، إسماعيل، وزيتون، والمساواة، وجمعية الشرق الأكبر المصرى، وفروعها فى بورسعيد والقاهرة والإسماعيلية وهى، محافل التوفيق، وسولون، وفيتكس، ولايركيبون، والتحرير وأوزوريس، وفترايتوس، والجمعية الخيرية الماسونية بالمنصورة».
نص القرار على أن تقوم مديريات الشؤون الاجتماعية بتعيين من يقوم بتصفية الجمعيات التى تقع فى دائرة اختصاصها، وتوجيه أموال الجمعيات الماسونية جميعها بعد التصفية إلى اللجان الفرعية لمعونة الشتاء فى المحافظات التى تقع فى دائرة اختصاصها.. يعلق شلبى: اتضح من هذا القرار أن عدد المحافل الكائنة فى ذلك الوقت بمصر بلغ 26 محفلا، وأن معظمها محافل يونانية، كما اتضح أن المحفل الأكبر الوطنى نقل مقره من القاهرة إلى الإسكندرية قبل 23 يوليو 1952».
تلا هذا القرار قيام الصحف المصرية بنشر تحقيقات صحفية عن الماسونية وتجارب أعضائها السابقين، حسبما يذكر «شلبى» مضيفا: كان مما نشرته الأهرام أن سبب وقف نشاط الماسونيين هو أن اجتماعاتهم كانت سرا مغلقا حتى على الدولة»، أما مجلة «آخر ساعة» فنشرت تحقيقا بعنوان «سر خطير وراء حل الجمعيات الماسونية»، جاء فيه: «عندما طلبت الجمعيات الماسونية بالجمهورية العربية المتحدة «مصر» تسجيل تنظيماتها بوزارة الشؤون الاجتماعية، طلب منها المسؤولون تطبيق قانون الجمعيات عليها، وهذا القانون يحتم خضوع كل الجمعيات داخل الجمهورية لإشراف وزارة الشئون الاجتماعية، ويكون للمسؤولين فى الوزارة حق التفتيش على أعمال الجمعية للتأكد من عدم مخالفتها للقانون، ورفضت الجمعيات الماسونية ذلك لأنه يتعارض مع السرية التامة التى تعيش فيها، فقررت الحكومة إلغاءها فى مصر».
غير أن «آخر ساعة» كشفت عن أنه لم يكن رفض هذه الجمعيات الخضوع للقانون وفقط، وإنما ذكرت ماهو أهم، حيث قالت: «أمن الدولة وسلامتها اقتضيا إلغاء هذه الجمعيات أيضا، فقد قررت الصهيونية استغلال المحافل الماسونية فى جميع أنحاء العالم لمزاولة نشاطها بضمان سرية ما يجرى داخل هذه المحافل».
أحدث القرار ردود فعل فى البلاد العربية هائلة، وكان الحديث عن المخاوف من السيطرة الصهيونية على هذه المحافل هو الذى يطرح نفسه بقوة. يؤكد شلبى أن البلاد العربية التى كانت محافلها تحت رعاية المحفل الأكبر المصرى مثل سوريا ولبنان وفلسطين والعراق هى التى أثر فيها القرار المصرى، مضيفا: «قررت سوريا إغلاق المحافل الماسونية فى شهر أغسطس 1965، وفى نفس الشهر ألغت لبنان عقد المؤتمر الماسونى العالمى الذى كان من المقرر عقده فى مدينة بيروت خوفا من تسلل العناصر الصهيونية، وأصدر الماسونيون فى الأردن بيانا اعترفوا فيه باستغلال الصهيونية للماسونية العالمية استغلالا مجرما فى أبشع صورة عرفتها الإنسانية، وقرروا إنشاء منظمة ماسونية باسم «الحركة الماسونية العربية» للبعد عن الاستغلال الصهيونى».
جاء القرار المصرى بعد نحو 166 عاما من دخول هذه المحافل إلى مصر، وينقل شلبى عن جورجى زيدان فى كتابه «تاريخ الماسونية العام» الصادر عام 1898، أن الماسونية دخلت مصر مع الحملة الفرنسية عام 1798، ويذكر: «اتفق نابليون بونابرت وكليبر وبعض قواد تلك الحملة وبعض ضباطها من الماسونيين الفرنسيين على تأسيس محفل «ايزيس» على طريق «ممفيس» ولعلهم، كما يقول زيدان، قصدوا بذلك مقصدا سياسيا لأنهم أدخلوا فيه كثيرا من عمد البلاد ورجالها، ثم توقف نشاط المحفل بعد رحيل نابليون ومقتل كليبر».
مضى وقت طويل قبل أن تتكرر المحاولة، ووفقا لشلبى، فإنه فى سنة 1830 أسس بعض الإيطاليين فى الإسكندرية محفلا، وتلاه محفلا آخر سنة 1838 تحت رعاية المجلس العالمى الممفيسى الفرنسى، وفى سنة 1845 شهدت الإسكندرية تأسيس محفلا تحت رعاية الشرق الأعظم الفرنسى اسمه «الأهرام» وفى سنة 1867 بدأ الإنجليز فى دخول الحلبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة