يتذكر متحف المجوهرات الملكية على صفحته الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعى، سلطانة مصر (في الفترة ١٩١٩ -١٩٢٢)، وملكة مصر (في الفترة ١٩٢٢-١٩٣٦) وهي صاحبة الجلالة الملكة الأم بوصفها زوجة الملك فؤاد الأول - بعد طلاقه من زوجته الأولى الأميرة شويكار، ووالدة ولى العهد الملك فاروق ، إلى أن صدر قرار ملكي بحرمانها من لقب "الملكة الأم" عام ١٩٥٠، هى الملكة نازلى.
ولدت الملكة نازلي يوم ١٥ يونيو ١٨٩٤ بالإسكندرية في قصر والدها عبد الرحيم باشا صبري بمنطقة سان ستيفانو ، كان جدها الأكبر لأمها توفيقة خاتون هو سليمان باشا الفرنساوي الكولونيل الفرنسي الذي حضر إلى مصر مع الحملة الفرنسية ورفض مغادرتها واعتنق الإسلام وأسّس جيش محمد علي باشا .
إن والدها عبدالرحيم باشا صبري وزيراً للزراعة في مصر كما كان من الرواد الذين سافروا للدراسة في أوروبا ليعود بأفكار مختلفة عن تلك المنتشرة وقتها في المجتمع المصري، لذلك ربّى أبناءه تربية غربية، وأنشأ ابنتيه نازلي وأمينة على التقاليد الأوروبية، و أرسلهما إلى باريس للدراسة وتعلّم أصول الحياة الراقية هناك لمدة سنتين، و هو الأمر غير المعتاد بالنسبة للبنات آنذاك. وكانت نازلي محبة لقراءة الأدب الغربي ذات شخصية ساحرة تختلف عن كل بنات جيلها
اعتادت الملكة نازلي دائماً أن تكون محط أنظار الجميع ، فقد قال عنها مصطفى أمين : "طويلة القامة، رشيقة القد، بشرتها بيضاء كاللبن، شعرها الأسود الطويل ينسدل إلى ما تحت ظهرها، عيناها سوداوان ضاحكتان، وكان وجهها مشرّباً باحمرار في لون ورد الربيع " .
كما ذكر لنا رشاد كامل في كتابه ( الملكة نازلي غرام وانتقام ) أن نازلي نشأت في بيت الأمة بيت الزعيم سعد باشا زغلول، حيث كانت والدتها توفيقة هانم صديقة مقربة لصفية زغلول كما جمعت الصداقة بين زوجيهما عبد الرحيم باشا صبري وسعد باشا زغلول ، لذلك كانت نازلي ضيفة دائمة في بيت سعد زغلول وجالست كبار رجال مصر وعرفتهم عن قرب. ولكن تغير الحال بعد وفاة والدتها توفيقة هانم عام ١٩١٥ بعد أن أوصت صفية زغلول على نازلي قائلة : " أوصيك بنازلي .. اعتبريها ابنتك " .
الملكة نازلى
وعن لقائها الأول بالملك فؤاد هناك رواية تقول أن الملك فؤاد الأول عندما ذهب لافتتاح دار الأوبرا المصرية شاهد فتاة خطفت أنفاسه وعندما سأل عنها كبير الياوران أخبره أنها ابنة عبد الرحيم باشا صبري، فوقع في حبها بالرغم من كونها تصغره بعشرين عاماً . وفي رواية أخرى عن الكاتب مصطفى أمين أن الليدي جراهام زوجة المستشار الإنجليزي لوزارة الداخلية الذي كان يعمل مع والد نازلي هي التي رشحتها للسلطان فؤاد الأول وحينما طلب رؤيتها دعتها لتناول الشاي هي وشقيقيها حتى يشاهدها الملك عن قرب فرآها من وراء ستار فأعجب بها وقرر الزواج منها .
تزوجت نازلي من السلطان فؤاد يوم ٢٤ مايو ١٩١٩ وتمّ الزواج بسرعة كبيرة وبدون مراسم زواج ملكية في حفل بسيط على أضواء الشموع ، وكانت حياتها بعد الزواج محكومة ومحدّدة بشدة ، بعيدة عن التواصل مع العامة أو القيام بأي أنشطة اجتماعية، فقد كان الملك فؤاد شديد الغيرة عليها يخفيها داخل جدران القصر فخرجت الشائعات وقتها تقول بأنه كان يعذبها.
أنجبت نازلي للملك فؤاد ولده فاروق يوم ١٩٢٠/٢/١١ وأطلقت ٢١ طلقة مدفع احتفالاً بميلاده. ومنح يومها موظفي الدولة إجازة كما تمّ العفو عن السجناء احتفالاً بمولده . انجبت نازلي بعده الأميرات فوزية وفايزة وفائقة وفتحية .
نازلي الأم كانت دائماً بعيدة عن أبنائها ولا تجمعها بهم صلات حميمة بسبب المهام الملكية التي تقتضي أن يمضي الأبناء وقتهم مع المربيات في حصص اللغات والموسيقى والإتيكيت لذلك كانت تراهم في أوقات محددة.
توفي الملك فؤاد الأول عام ١٩٣٦ أحست وقتها نازلي بالحرية لأول مرة في حياتها. بعد أن عاشت سنوات طويلة في سجنها الملكي . لعبت نازلي دوراً كبيراً في تولية أبنها فاروق العرش بعد وفاة والده حيث كان وقتها لم يبلغ السن القانونية التي تمكنه من تولي مهام الحكم. حيث عينت لجنة وصاية عليه برئاسة الأمير محمد علي توفيق - الذي كان يرى دوماً أنه الأحق بحكم مصر - وعضوية محمد توفيق نسيم باشا رئيس وزراء مصر الأسبق وشيخ الأزهر الإمام الأكبر الشيخ المراغي . حيث قامت باستصدار فتوى من الشيخ المراغي ليتسلّم فاروق الحكم وعمره ١٧ سنة ميلادية و ١٨ سنة هجرية طبقاً للدستور الذي ينص على احتساب التقويم بالهجري ويقال أن أحمد باشا حسنين لعب دوراً كبيراً في هذا. وكان أول قرارات الملك فاروق بعد توليه الحكم هو تخصيص لقب صاحبة الجلالة الملكة الأم لنازلي مدى الحياة وهو اللقب الذي يمنحها حرية التصرف فيما يتعلق بالتشريفات الملكية والمخصصات والنصيب السنوي من المجوهرات.
نشأت علاقة وطيدة بين الملكة نازلي وأحمد باشا حسنين استمرت لمدة ٩ سنوات انتهت بوفاته في حادث تصادم سيارة على كوبري قصر النيل عام ١٩٤٦. قررت نازلي بعدها الرحيل عن مصر فجمعت ما تسنى لها من الأموال في سرية تامة وأذن لها الملك فاروق بالسفر إلى فرنسا بحجة العلاج من مرض الكلى التي كانت تعاني منه والذي انتهى باستئصالها الكلية اليمني. كان برفقتها ابنتاها فائقة وفتحية وموظف علاقات عامة من الخارجية المصرية يدعى رياض غالي.
قامت ضجّة في مصر وقتها بسبب زواج الأميرة فتحية من رياض غالي بمباركة والدتها الملكة نازلي؛ فأصدر الملك فاروق قراراً بحرمانها من لقب "الملكة الأم" في جلسة مجلس البلاط عام ١٩٥٠ وتمّ الحجر عليها للغفلة .
قامت بعدها نازلي بشراء منزلين في بيفرلي هيلز وهاواي بالولايات المتحدة الأمريكية ، وسافرت للعيش هناك وغيرت ديانتها وقامت بعمل توكيل عام لرياض غالي بإدارة أعمالها عام ١٩٧٦ مما اضطرها في النهاية لإشهار إفلاسها. وبعد مقتل ابنتها فتحية على يد زوجها رياض غالي عاشت نازلي أواخر أيامها حياة شديدة القسوة وتوفيت عام ١٩٧٨ عن عمر يناهز ٨٠ عاماً ودفنت في مقبرة للعامة بأمريكا.
ويعرض متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية مجموعة من مقتنياتها النادرة المعروضة لديه بقاعة الملك فؤاد الأول.