لم تواجه صناعة الصحافة على مر التاريخ تحديا أكبر وأخطر من الذى تتعرض له حاليا من شبكات السوشيال ميديا وعلى وجه التحديد موقعى فيس بوك وجوجل، اللذان يستحوذان على حصيلة الإعلانات التى تعد المصدر الرئيسى لقيام صناعة الصحافة، خاصة بعد انهيار مبيعات الصحف الورقية فى كل مكان.
ورغم المحاولات الكبيرة التى تقوم بها وسائل الإعلام التقليدية لمواجهة ممارسات فيس بوك وجوجل الاحتكارية، إلا أنها لم تنجح حتى الآن فى وقف نزيف الصناعة، إلا أن العديد من الدول لجأت مؤخرا لإجبار هذه المنصات على دفع أموال مقابل عرض المحتوي الإخباري، والتى نرصد أبرزها كما يلى:
- فرنسا تجبر جوجل على الدفع
أمرت هيئة المنافسة في فرنسا جوجل بالتفاوض بشأن المدفوعات مع الناشرين ووكالات الأنباء لعرض مقتطفات على صفحات الأخبار والبحث والاكتشاف، وجاء القرار بعدما طبقت فرنسا قانون "توجيه حقوق الطبع والنشر" للاتحاد الأوروبي الذي أجبر جوجل على الدفع للناشرين لاستخدام مقتطفات من المقالات الخاصة بهم في عمليات البحث.
وقالت الحكومة: "من المرجح أن تشكل ممارسات جوجل إساءة استخدام للمركز المهيمن وتسبب ضرر جسيم وفوري لقطاع الصحافة".
وقالت جوجل في بيان أنها ستلتزم بالأمر، وأنه منذ دخول قانون حقوق الطبع والنشر الأوروبي حيز التنفيذ في فرنسا العام الماضي، تتعامل مع الناشرين لزيادة الدعم والاستثمار في الأخبار، موضحة أنه ستلتزم بأمر هيئة السلوك المالي (FCA) وستراجعه وتواصل تلك المفاوضات".
أستراليا.. الإجبار هو الحل ولا وقت للمفاوضات
في خطوة مماثلة، أمرت وزارة الخزانة الأسترالية هيئة مراقبة المنافسة بوضع مدونة لقواعد السلوك لكل من فيس بوك وجوجل، والتي من شأنها أن تجبر عمالقة التكنولوجيا على الدفع لشركات الإعلام الأسترالية مقابل استخدام المحتوى الخاص بهم.
وفقًا لما أورده موقع ABC News، فقد أمرت الحكومة الفيدرالية الأسترالية لجنة المنافسة التابعة لها بوضع مدونة قواعد سلوك إلزامية للإشراف على الصفقات التجارية بين شركات التكنولوجيا والمؤسسات الإخبارية، بالإضافة إلى قواعد دفع للمؤسسات الإخبارية لاستخدام محتواها على منصات مثل جوجل وفيس بوك.
وقالت لجنة المنافسة والمستهلكين الأسترالية (ACCC) إنه من غير المحتمل أن تتوصل شركات التكنولوجيا إلى اتفاق طوعي بشأن المدفوعات، في غضون ذلك، جادل أمين صندوق الحكومة جوش فريدنبيرج بأنه "من العدل فقط" أن تحصل وكالات الأنباء على أموال مقابل العمل الذي تقوم بإنشائه.
وفي بيان، أوضح المدير التنفيذي لـ فيس بوك فى أستراليا ونيوزيلندا Will Easton، أن الشركة تشعر بخيبة أمل من إعلان الحكومة، إذ قال: "نشعر بخيبة أمل من إعلان الحكومة، خاصة أننا عملنا بجد للوفاء بالموعد النهائي المتفق عليه، وقد أثرت جائحة COVID-19 على كل الأعمال التجارية والصناعية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الناشرين، ولهذا السبب أعلنا عن استثمار عالمي جديد لدعم المؤسسات الإخبارية في وقت تنخفض فيه إيرادات الإعلانات، ونعتقد أن الابتكار القوي والمزيد من الشفافية حول توزيع المحتوى الإخباري أمر بالغ الأهمية لبناء نظام إخباري مستدام".
مصر تسعى لفرض ضرائب
أعلن وزير المالية المصرى فى 2018 أن وزارة المالية تعكف على الانتهاء من مشروع القانون الخاص بفرض ضرائب على إعلانات "جوجل" و"فيس بوك"، و"انستجرام" والمنصات الإلكترونية المختلفة المتحصلة من السوق المصرية، وذلك من قبل فريق متخصص من وزارة المالية ومصلحة الضرائب، وفي مايو 2019 أكد النائب أحمد بدوى، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أن مشروع قانون التجارة الإلكترونية "تنظيم المعاملات التجارية أون لاين"، سيكون أمام البرلمان خلال 30 يوما، مؤكدا أن الحكومة أخطرت اللجنة بإرسال القانون خلال شهر من الآن.
وشدد على أن التشريع ليس ماديا بحتا كما أشيع عنه، بل يستهدف حماية بيانات المواطنين ومصالحهم أيضا، مؤكدا أن فرض ضريبة على إعلانات "جوجل وفيس بوك " خطوة مهمة لتعويض خسارة الصحف الالكترونية وأن يكون هناك مساواه فى سوق العمل حتى لا تكون هناك مواقع إلكترونية تدفع ضريبة مقابل الإعلانات عليها وأخرى لا تدفع باعتبارها خارج النطاق المحلى، قائلا " فهو يحمى حقوق الدولة فيما يتعلق بتحصيل الضرائب من مواقع التسويق الإلكترونى غير المقننة حيث تسيطر السوشيال ميديا على نسبة كبيرة للغاية من سوق الإعلان وتحقق العديد من الصفحات لأرباح كبيرة" .
البحرين تطالب بفرض ضرائب
فيما طالبت عهدية أحمد رئيس جمعية الصحفيين البحرينية، بفرض ضرائب على إعلانات "جوجل" و"فيس بوك"، و"انستجرام" والمنصات الإلكترونية المختلفة ووجود تشريع يفرض ضرائب على التجارة الإلكترونية والإعلانات التى يتم بثها على مواقع التواصل الاجتماعى.
وشددت عهدية أحمد فى تصريحات لها، على أن يكون لاتحاد الصحفيين العرب دور كبير فى ذلك ومطالبة الحكومات بوضع قوانين الأقوى لرقابة وسائل التواصل الاجتماعى وخاصة، مشيرة إلى أنه فى الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة نشر الأخبار الكاذبة وأدت إلى الكثير من التحركات ضد أمن واستقرار البلدان العربية، مؤكدة أن الصحافة كسلطة رابعة تواجه أزمة كبيرة جدا وهى إن كثير من الصحفيين يخسرون وظائفهم بسبب الأوضاع المالية للصحف ولجوء المواطن العربي لوسائل التواصل الاجتماعى وأحيانا يصل له أخبار كاذبة.
وتابعت:" الصحافة هى السلطة الرابعة التى تمارس كمهنة ولكن إذا ظل الوضع هكذا ستنتهى الصحف وسيظل العالم العربى رهن إشارة أصحاب الأجندات، لابد من حملة لحماية الصحفى والمهنة من خلال محاربة التصدى لمن يدعون أنهم صحفيين ومن يدعون أنهم صحفيين على وسائل التواصل الاجتماعى، حال صرنا رهائن لوسائل التواصل ستضيع البلدان العربية “.
جوجل وفيس بوك يسيطران على سوق الإعلانات
وقال موقع "فويس أوف أمريكا" إن الأزمات الاقتصادية التي تسبب فيها وباء كورونا لاقتصاديات دول وشركات عالمية، طالت المؤسسات الصحفية المحلية والعالمية على حد سواء، مشيراً في تقرير له إلى أن تلك الأزمة فاقمتها ممارسات موقع فيس بوك وجوجل، واحتكارهما سوق الإعلانات.
وأضاف الموقع في تقريره أن القارئ الأمريكي بات في حاجة ماسة إلى وسائل الإعلام المحلية للتعرف على تطورات انتشار كورونا وحجم الإصابات والوفيات في مناطق سكنهم، وأماكن مراكز اختبارات كورونا وغيرها، إلا أن ذلك بات مهدداً في ظل الخسائر التي باتت تتكبدها الصحف.
وأشار "فويس أوف أمريكا" إلى أن بعض الصحف رفعت قيمة اشتراكاتها عبر الانترنت وللنسخ الورقية، لوقف نزيف الخسائر، وأمام اتساع دائرة الازمة الاقتصادية التي خلفها كورونا، اضطرت بعض الصحف إلى تقليل ساعات العمل وتسريح بعض الموظفين والصحفيين والتخلص من الإصدارات المطبوعة وفي بعض الحالات يتم إغلاقها بالكامل.