خلافاً لكثيرين، لا يشمئز رسام الجرافيتى البريطانى، بانكسى من الفئران، ويعتبرهم أصدقاءه ويضمنهم في معظم أعماله حتى وهو يلزم بيته بسبب الحجر الصحي لكورونا ما أغضب زوجته التي لا تشاركه الرأي في الإعجاب بالفئران.
ونشر بانكسى وفق جريدة الرؤية الإماراتية أحدث أعماله على إنستجرام ، والتى تصور فئراناً تعبث في حمامه وتجتاحه، تنثر ورق التواليت على الأرض، وتريق معجون الأسنان، وتغرق المقعد بفضلاتها.
ويعترف الفنان، أن زوجته تكره عمله من المنزل، وتعد الأيام التي يرفع فيها الحجر الصحى ليخرج إلى مكتبه مرة أخرى ومعه مخلوقاته التى تكرهها ولا تطيق وجودها في بيته حتى ولو كانت مجرد رسوم وخيال.
ويعترف بانكسي أن إلهامه في فن الغرافيتي واستخدام الفئران يعود للفنان الفرنسي بليك لو رات، الذى نشر صور ورسومات تلك الكائنات على الجدران وفي شوارع باريس وعلى ضفاف نهر السين بداية من عام 1981.
وتتشابه بداية الفنانين، لأن بانكسي شرع في رسم الفئران ونشرها في شوارع بريطانيا، مصحوبة بتعليقات ساخرة أو موحية مثل "سيجيء وقتنا".
والحقيقة أن فئران بانكسي خارجة عن نطاق السيطرة، مطحونة بائسة لحوحة تعبر عن مناهضته للتوحش الاقتصادي والحرب وطغيان بعض الحكومات والمؤسسات.
فئران تقف بجوار مراكز الشرطة أو الجنود أو الأطفال أو القرود، هي القاسم المشترك في كل لوحة تقريباً، وهو ما أبهر الزوار اليابانيين عندما أقام معرضه في يوكوهاما في شهر مارس أوج انتشار كوفيد-19.
ورغم غموض شخصية بانكسي وعدم الكشف عن هويته الأصلية إلا أن البعض يعتقد أنه الفنان روبن جونينجهام (47 عاماً)، وهو ما أكدته دراسة أجرتها جامعة كوين ماري في لندن.
وظهر بانكسي في العام الماضي في تسجيل لمقابلة أجريت معه في عام 2003 وكان مختفياً وراء قميصه، وقد أمسك بلوحة تجسد طفلاً يلعب بحروف تشكل جملة «اقتل أكثر» في احتجاج على زيادة جرعة العنف في التعليم والألعاب ووسائل التواصل الاجتماعي.
فئران بانكسي ليست كفئران الوباء تهرب عند الخطر ولكنها تشاركنا الحياة بحلوها ومرها، وتقضي معنا أيضاً أيام الحجر الصحي، وهي أيضاً فئران تجلب الثروة لصاحبها الذى تباع لوحاته بملايين الدولارات ويتهافت عليها جامعو اللوحات في أسواق الفن.
وفى العام الماضى بيعت لوحة للفنان الغامض تصور البرلمان البريطاني وبداخله قرود بمبلغ 12.2 مليون دولار.
والحقيقة ، أن شخصية الفأر المحب لبانكسي ظهرت كرسم غرافيتي في أحد شوارع ليفربول قبل أن يعيد استخدامه بتنويعات أخرى في عام 2004، ويطبع منه 150 نسخة موقعة منه، ويبدو الفأر في بعض لوحات الفنان البريطاني وكأنه يشاركه في رسم اللوحة ووضع تفاصيلها أو تلوينها وطبعها.
والحقيقة أن قلب فأر بانكسي ليس شغوفاً بالحب أو الخيانة أو اللعب وليس مهتماً بنشر الحب أو التبشير به في الشوارع التي يتواجد فيها، لأنه ينزف ألماً واحتجاجاً على ممارسات خاطئة تضر الشعوب والبيئة.
وتشارك القرود، على استحياء، الفئران كأيقونة للاحتجاج وصرخة ضد كل ما هو خاطئ ظالم، وهي كائنات بملامح بشرية تتصرف بسلوكيات مضحكة ساخرة تفضح مساوئ البشر.
الفأر أيضاً يرمز لبانكسي في أنه مثله مطارد من السلطات، وفي كثير من الأحيان لا يجد سوى السماء سقفاً يظلله ويحتمي به، وهو يؤكد أن فئرانه تتواجد من دون تصريح أو استئذان، تعيش في إحباط وكآبة وسط مجموعة من المحتالين المنافقين.