(وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيد (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، هكذا ذكر الله عبده الحكيم لقمان، صاحب الوصايا والحكم والمواعظ الحسنة، والذى كرم بتسمية إحدى سور القرآن باسمه، لقمان الحكيم الرجل الحكيم، رغم سيرته، لكن ربما ثمة اختلافات حول شخصيته وعصره وهويته.
اختلافات وأقاويل كثيرة حول الحكيم لقمان، وهويته، هل هو عربى من النوبة، أم عبدا تقى حبيشى عاش فى السودان، وهل هو من نسل النبى أيوب أم أحد أقاربه، فيما يذهب البعض بأنه هو الفيلسوف سقراط، كلها اختلافات ربما فى السطور التالية نحاول أن نعرف من هو الحكيم لقمان.
هويته.. من هو لقمان الحكيم؟
بحسب موقع موسوعة التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، -أحد الموسوعات الدينية على الإنترنت- هناك قولان فى الحكيم لقمان الأول أنه: لقمان بن لقمان بن باعوراء بن ناحور بن تارخ، وهو آزر، وقيل: كان ابن أخت أيوب عليه السلام، وقيل: كان ابن خالته، وهذا ما ذهب إليه جمهور المفسرين، واعتمدوا في ذلك على ما ورد عن ابن إسحاق حيث قال: "وهو لقمان بن باعوراء ابن ناحور بن تارخ، وهو آزر أبو إبراهيم، وقال وهب: كان ابن أخت أيوب عليه السلام وقال مقاتل: ذكر أنه كان ابن خالة أيوب عليه السلام" وكذلك ذكره الإمام البيضاوي والخازن بأنه: "لقمان بن باعوراء بن ناحور بن تارخ، وهو آزر، وقيل: كان ابن أخت أيوب عليه السلام، وقيل: كان ابن خالته، وقيل: إنه عاش حتى أدرك داود عليه السلام، وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعثه".
أما القول الثاني أنه: قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية: "هو لقمان بن عنقاء بن سدون، ويقال: لقمان بن ثاران، حكاه السهيلي عن ابن جرير والقتيبي، قال السهيلي: وكان نوبيا من أهل أيلة، قلت: وكان رجلا صالحا ذا عبادة وعبارة، وحكمة عظيمة، ويقال كان قاضيًا في زمن داود عليه السلام"، وقال الإمام القرطبي: "وقيل: هو لقمان بن عنقاء بن سرون، وكان نوبيًا من أهل أيلة، ذكره السهيلي".
فيما يقول الدكتور جواد على فى كتابه "المفصل فى تاريخ العرب": "وجعلوا للقمان نسبًا هو "لقمان بن عاد"، وصيّروه "لقمان بن ناحور بن تارخ"، وهو "آزر" أبو "إبراهيم". وقال بعضهم: بل هو ابن أخت "أيوب"، أو ابن خالته، وجعله آخرون من حمير، فقالوا له: "لقمان الحميرى"، وصيّره آخرون قاضيًا من قضاة "بنى إسرائيل"، وقد اشتهر عند المسلمين بالقضاء، ويظهر أن هذا السبب هو الذى جعل الواقدى يقول: إنه كان قاضيا فى بنى إسرائيل. ولم يفطن الأخباريون إلى هذه الأخبار المتناقضة التى تخالف رواياتهم فى عاد، وأنها من أمم العرب البائدة، إلا إذا جعلناه من الطائرين على قوم عاد الداخلين فيهم، فهو غريب بين قوم عاد.
هل كان لقمان هو الفيلسوف سقراط؟
بينما ذهب الدكتور عبد الرحمن الصالح إلى أن لقمان هو نفسه الفيلسوف سقراط (399 ق م)، واعتمد فى ذلك على أدلة منها: شَكلُ سقراط، بإلقاء نظرة على تمثال سقراط والاطلاع على أوصافه يبدو الشبه الظاهر بين اشتقاق كلمة لقمان (عظيم اللقمة) وبين هذا الرجل، الأصل الاجتماعى لسقراط والصورة التى رسمها المفسرون لتخيلهم للأصل الاجتماعى للقمان، كذلك اشتهار لقمان فى التراث العربى بالحكمة واشتهار سقراط بذلك حتى إن أرجح الأقوال فى استخدام فيلسوف أى محب الحكمة يعود إلى سقراط، فقد قالها تواضعاً حين قيل له أنت حكيم فقال لا بل محب للحكمة (فيلسوف).
أصله.. لقمان عربى أم أعجمى؟
اختلف المفسرون في اسم لقمان هل هو اسم عربي أم أعجمي؟ على قولين: أحدهما: أنه اسم أعجمي، منع من الصرف للعجمة والعلمية، قال الفيروزآبادي: أنه اسم أعجمى ممنوع من الصرف، قيل: عبرانى، وقيل: سريانى، وثانيهما: أنه اسم عربي، قال الإمام ابن عاشور:"ولقمان: اسم علم مادته مادة عربية، مشتق من اللقم، والأظهر أن العرب عربوه بلفظ قريب من ألفاظ لغتهم على عادتهم كما عربوا شاول باسم طالوت وهو ممنوع من الصرف لزيادة الألف والنون لا للعجمة والأول أولى".
ما هى مهنة لقمان الحكيم؟
بحسب ما ذكره الإمام ابن كثير فى الجزء الخاص فى كتابه "البداية والنهاية" تحت اسم "قصة لقمان" هو لقمان بن عنقاء بن سدون، ويقال: لقمان بن ثاران، وقال السهيلي: وكان نوبيا من أهل أيلة، قلت: وكان رجلا صالحا ذا عبادة، وعبارة وحكمة عظيمة، ويقال: كان قاضيا في زمن داود عليه السلام.
وقال سفيان الثوري، عن الأشعث، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان عبدا حبشيا نجارا، وقال قتادة، عن عبد الله بن الزبير قلت: لجابر بن عبد الله ما انتهى إليكم في شأن لقمان؟ قال: كان قصيرا أفطس من النوبة.
وقال يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب قال: كان لقمان من سودان مصر، ذو مشافر أعطاه الله الحكمة، ومنعه النبوة، وقال الأوزاعي: حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال: جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله فقال له سعيد: لا تحزن من أجل أنك أسود فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان: بلال ومهجع مولى عمر ولقمان الحكيم، كان أسود نوبيا ذا مشافر.
لقمان.. حكيم تقى أم نبى من عند الله؟
ووفقا لموقع دار الإفتاء المصرية، اختلف العلماء حول صنعته، فقيل كان خياطا، وقيل حطابا، وقيل: كان راعيا، وقيل: كان نجارا كما اختلف فى شكله فقيل: كان أسود مشقق الرجلين ذا مشافر، أى عظيم الشفتين وكل ذلك كـلام لا دليل عليه يطمئن إليه القلب، والمتفق عليه أن الله آتاه الحكمة وسجل وصيته فى القرآن إشادة بها وتقريرا لها، وجمهور العلماء على أنه كان وليا ولم يكن نبيا ، وقال بنبوته عكرمة والشعبى لأنها هى الحكمة التى آتاها الله إياه، ولكن الصواب كما ذكره القرطبى فى تفسيره لل " ج 14 ص 59 " أنه رجل حكيم بحكمة الله تعالى.
عصره.. فى العصور عاش لقمان؟
أما فلم تذكر المصادر الصحيحة زمان لقمان الحكيم الذي عاش فيه، ولكن اختلف المفسرون في زمان لقمان على قولين: أن لقمان الحكيم كان في زمن داود عليه السلام11، وهذا يؤيد ما ذكره المفسرون، القول الثاني: أنه كان فيما بين المسيح ومحمد عليهما السلام.
أين عاش لقمان الحكيم؟
فيما كان هناك ثلاث أقوال فى المكان الذى عاش فيه، الأول فى مصر حيث قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه وسعيد بن المسيب: كان لقمان أسود من سودان مصر، أي: أنه كان من أهل النوبة من سودان مصر، الثانى إنه كان عبدًا حبشيًا، قاله ابن عباس، وروى الإمام ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد أنه قال: "كان لقمان الحكيم عبدًا حبشيًا، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، قاضيًا على بني إسرائيل"، والثالث إن لقمان الحكيم كان من أهل أيلة، وهي: مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام، وتعرف اليوم باسم "العقبة" وهي ميناء المملكة الأردنية الهاشمية حاليًا.