مهندس الضحك الراقى وصاحب مدرسة خاصة فى الكوميديا تخرج منها الكثيرون، عملاق من عمالقة الفن الذين رسخت أعمالهم فى أذهان الكبار والصغار على مر الأجيال، الفنان الكبير فؤاد المهندس ، أو عمو فؤاد.
قدم الفنان الكبير فؤد المهندس الذى كان معجبا بالعملاق نجيب الريحانى و عمل فى بداياته بفرقته عشرات الأعمال المسرحية التى تعتبر علامات فى تاريخ المسرح والكوميديا ومنها السكرتير الفنى ،أنا وهو وهى، سيدتى الجميلة، روحية اتخطفت، أنا فين وانتى فين، إنها حقا عائلة محترمة، سك على بناتك، هالة حبيبتى ، علشان خاطر عيونك ، وغيرها"، وكون أشهر وأنجح دويتو فنى مع حبيبة عمره وزوجته الفنانة شويكار ، كما قدم العديد من الأعمال السينمائية التى شاركته فيها شويكار وحققت نجاحات كبيرة وعشقتها كل الأجيال ومنها:" اعترافات زوج، شنبو فى المصيدة، مطاردة غرامية، أرض النفاق ، الراجل ده هيجننى،مستر إكس، فيفا زلاطة ، أخطر رجل فى العالم ، خمسة باب،خلى بالك من جيرانك، البيه البواب ، وغيرها".
و كان العملاق الراحل فؤاد المهندس أحد أيقونات الإذاعة حيث شارك فى بداياته بفرقة ساعة لقلبك، وقدم البرنامج الإذاعى الشهير كلمتين وبس لأكثر من 30 عاما، كما كان قدم أشهر المسلسلات الإذاعية التى رسخت فى أذهان الملايين من كل الأجيال ، ووخاصة فى شهر رمضان و شاركته فيها شويكار وأصبحت أحد علامات الإذاعة المصرية فى رمضان.
وكان من أهم أعمال العملاق فؤاد المهندس التى ارتبط بها أجيال عديدة فوازير عمو فؤاد التى قدمها للتلفزيون على مدار أكثر من 10 سنوات خلال شهر رمضان، حتى اشتهر بلقب عمو فؤاد، وقبلها قدم المهندس أشهر وأقوى الاسكتشات المرتبطة بشهر رمضان مع الفنانة شويكار وهو أغنية "الصيام مش كدة"، والذى أصبح من أشهر الأعمال الفنية المرتبطة بشهر رمضان.
وقد لا يعرف الكثيرون أن عمو فؤاد الذى أسعد الملايين بفنه وما قدمه من كوميديا راقية لعقود طويلة انهى حياته حزيناً بسبب واقعة ضاع فيها كل ما يحتفظ به من مقتنيات وذكريات وجوائز.
وفى تصريحات خاصة لليوم السابع قال محمد فؤاد المهندس ابن عملاق الكوميديا عمو فؤاد لليوم السابع أن الفنان الكبير ولد فى 6 سبتمبر من عام 1924 فى حى العباسية، واسمه فؤاد زكى المهندس ، وهو الابن الثالث بين أبناء العالم اللغوى وأستاذ اللغة العربية زكى المهندس ، وهم صفية المهندس المذيعة الشهيرة، و درية، ثم أصغر الأبناء سامى الذى كان شديد الشبه بشقيقه فؤاد.
تميز كل أفراد العائلة بخفة الظل وحب الكوميديا، وتزوجت الإذاعية صفية المهندس شقيقة الفنان فؤاد المهندس من الإذاعى الشهير محمد محمود شعبان الشهير ببابا شارو.
وأشار ابن عملاق الكوميديا إلى أن مواهب والده الفنية منذ طفولته فعشق التمثيل وشارك فى المسرح المدرسى، وكان رئيسا لفريق الأناشيد فى المرحلة الابتدائية، والتحق بكلية التجارة وعمل بفرقتها ، وعين فى مسرح الجامعة، وشارك فى فرق التمثيل بها.
كان فؤاد المهندس مغرما بنجيب الريحانى الذى شاهده وهو يمثل مسرحية «الدنيا على كف عفريت» على المسرح الجامعى ،فأعجب به وضمه لفرقته المسرحية، وقال له عبارة ظلت تتردد دائما فى أذن المهندس ، حيث قال له الريحانى :«مش عاوزك تقلدنى عاوزك تكون فؤادالمهندس»وسرعان ما توفى الريحانى، فانضم فؤاد المهندس لفرقة «ساعة لقلبك»،التى تأسست مطلع الخمسينيات، وشارك فى العديد من الأعمال والفرق المسرحية ومنها فرق التلفزيون المسرحية وفرقة الفنانين المتحدين، وقدم للمسرح العديد من المسرحيات الهامة التى حققت نجاحات واسعة وأثرت فى الحركة المسرحية.
وكانت بداية فؤاد المهندس فى السينما فى النصف الأول من الخمسينات وبدأ بالأدوار الثانوية،وبعد ذلك حظى بأدوارالبطولة المطلقة، وقدم أكثر من 70 فيلما.
ويحكى محمد فؤاد المهندس عن أصعب المواقف التى مر بها والده عملاق الكوميديا مشيرا إلى أنه تأثر بشدة فى اواخر سنوات عمره بمرض رفيق عمره عبدالمنعم مدبولى وكان أخر من تحدث معه قبل أن يدخل مدبولى فى غيبوبة قبل وفاته، وبعد هذه المكالمة بكى المهندس على صديق عمره وأدرك أنه يقرب من الموت حيث لم يفهم من كلامه شيئا فى أخر مكالمة، وبالفعل توفى مدبولى بعدها وحزن المهندس حزنا شديدا وتوفى بعده باشهر قليلة.
ويحكى الابن عن الحادث الكبير الذى عجل بوفاة عمو فؤاد وكسر قلبه، حيث جلس الفنان الكوميدى الكبير بعد أن جاوز الثمانين شاردا على سريره الذى لا يغادره إلا قليلا بعد أن أنهكه المرض وتقدم به العمر .
وكان المهندس قد جمع فى غرفته الخاصة بمنزله كل ذكرياته ومقتنياته وجوائزه وصور طفولته وطفولة أبنائه، وصور أعماله وذكرياته الخاصة ، ويحتفظ فيها بالملابس التى ارتداها فى أعماله، حتى الطربوش القديم الذى كان يرتديه فى أوائل هذه الأعمال، وفى ركن أخر من الغرفة يضع بعض المقتنيات التى اشتراها من عدد من المزادات ومنها سرير الخديوى اسماعيل.
صنع الفنان الكبير من هذه الغرفة عالما خاصا به ووضع فيها كل ما هو عزيز على نفسه وقال لأبنائه ميراثى وعمرى وتاريخى هنا.
نظر الفنان الكبير إلى صوره مع رفيق عمره عبدالمنعم مدبولى الذى تحدث معه قبل ساعات تليفونيا فأدرك أن صديقه يوشك على الموت حتى أنه لم يستطع أن يميز ما يقوله وانطلقت الدموع من عينيه ، فى هذه اللحظة اكتملت مأساة النجم الكبيروانطلقت النيران بسبب ماس كهربائى لتلتهم محتويات الغرفة ومعها تاريخه وأغلى ذكرياته ، جحظت عينا الفنان الكبير وهو يرى تاريخه يحترق أمامه، لم يصرخ، ولم يتكلم، ظل صامتا لا يصدق من هول الصدمة ، إنسابت الدموع من عينيه، ولم يستنجد ،حتى انطلق الدخان من غرفته فشعرت زوجة ابنه فى الطابق الأرضى من الشقة بأن حريقا نشب فى غرفة والد زوجها، فصرخت وصعدت مع عدد من أقاربها الذين كانوا فى زيارة لها، وحملوا الفنان الكبير بعيدا عن النيران واتصلوا بالنجدة ، التى وصلت بعد أن التهمت النيران كل محتويات الغرفة ومعها كل ذكريات الفنان الكبير ومقتنياته.
بهذا الحادث اكتملت فصول مأساة نهاية حياة الفنان الكبير عملاق الكوميديا فؤاد المهندس ولم يستطع أن يعيش بعده إلا قليلا خاصة بعد أن فقد فى هذا الحريق ذكرياته التى كان يعيش معها ويأنس بها وبعدها فقد رفيق عمره عبدالمنعم مدبولى، وبعدها رحل عمو فؤاد فى 16 سبتمبر عام 2006 تاركا ميراثا فنيا ضخما ليسعد الملايين فى حياته وبعد مماته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة