شاب من أسرة ميسورة، التحق بالمدارس الفرنسية وحصل على شهادة الحقوق الفرنسية، ويمتهن وظيفة مرموقة، دفعه حبه للفن فى أن يترك كل هذا،ويجرى وراء حلمة وولعه بالوقوف على خشبة المسرح، هو الفنان الكبير بشارة واكيم "5 مارس 1891م ـ 30 نوفمبر 1949م"، صاحب الآداء المتميز فى جيل العمالقة فى الزمن الجميل.
فى بداية مشواره الفنى ذهب إلى تحقيق حلمه وفاتح جورج أبيض برغبته فى العمل بفرقته، وجاء الرد بالرفض ناصحا إياه ومشفقًا عليه بالالتفات لمستقبله والاهتمام بعمله، لكن الشاب المسكون بالفن لم يكترث بما ألقى عليه، فلو كان الأمر بهذه البساطة فلماذا تكبد كل هذا العناء، ولم ييأس من المحاولة، حسب ما جاء فى كتاب "أبيض وأسود" للكاتب أشرف بيدس، وذهب لفرقة عبد الرحمن رشدى، وهناك وجد ضالته المفقودة، وبدأ الحلم يتحقق بدوران العجلة من فرقة إلى أخرى حتى اشتد عودة وقويت عزيمته وأدرك خبايا العمل الفنى وتفاصيله وصقلت موهبته، فتزداد خبرته التى تمكنه من الانتقال لفرق فوزى منيب وأمين عطا الله وبديعة مصابنى وفاطمة رشدى ومنيرة المهدية.
وأوضح كتاب "أبيض وأسود"، أن بدايته بالسينما جاءت مبكرة عندما أسند له المخرج محمد بيومى دورًا فى فيلم "الباشكاتب" عام 1923م، والذى يعتبره النقاد البداية الحقيقة للسينما المصرية، وفى عام 1934م يدخل بشارة مجال الإنتاج ويكون شركة أطلق عليها "شركة فيلم النصر"، لتقديم فيلم "ابن الشعب" أمام مارى منيب وسراج منير، ثم يتبعه بفيلم آخر وهو "الغندورة" أمام منيرة المهدية، وجسد فى الفيلم شخصية جحا والتى جسدها على المسرح فى بداياته وربما يكون الوحيد الذى جيد الشخصية بالمسرح والسينما.
بشارة واكيم
لم يقتصر عمل الفنان بشارة واكيم فى الفن على التمثيل فقط، بل قام بترجمة العديد من المسرحيات التى قدمتها فرقة رمسيس، واشتغل بالإخراج، وعمل ملقنًا بإدارة الفرق الفنية، وقام بإنتاج فيلمين.
ولفت كتاب "أبيض وأسود"، إلى أن شخصية بشارة لم تختلف عما تعهد الناس فى أفلامه، فقد كان مرحًا يعشق الفكاهة، شديد الطيبة والتواضع، لكن ظل هناك قلق دفين يعتصر صدره وهو الخوف من أن يحدث له مكروه ولم يجده من يعنونه، خصوصًا أنه عاش حياته وحيدًا دون أن يتزوج، وبالفعل يمرض وبدلا من أن يسكن الراحة والهدوء يقبل على العمل بشغف، وعندما يحاول صديقة نجيب الريحانى إثناءه عن العمل حتى لا تتدهور صحته يغضب منه ويواصل عناده بالاندماج بالعمل، والغريب أن يموت الريحانى قبله بعد شهور.
بشارة واكيم
يصاب بشارة بالشلل لتتضاعف آلامه مع الوحدة والعزلة، ويضطر لملازمة البيت مجبرًا بعد أن حط المرض من قواه، لكن عشقه للفن يجعله يطلب من المحيطين به أن يذهب للمرح كمتفرج لآخر مرة فى حياته، ويذهب إلى المسرح ولكن هذه المرة بين مقاعد المتفرجين، ولم يستطع أن يتحمل ذلك، وتملا الحسرة قلبه، ليدخل المستشفى ويرحل عن عالمنا.