أعلن القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر قبول التفويض الشعبي لإدارة شؤون البلاد وإسقاط اتفاق الصخيرات السياسي الذي تمخض عنه المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج، متهما الأخير بفتح الباب أمام التدخلات الخارجية وخاصة التدخل التركى فى الشؤون الليبية.
أكد حفتر في كلمة تليفزيونية مساء الاثنين اعتزازه بتفويض الليبيين للقيادة العامة للجيش الليبي لهذه المهمة التاريخية في هذه الظروف الاستثنائية، لإيقاف العمل بالاتفاق السياسي ليصبح جزءا من الماضي بقرار من الشعب الليبي مصدر السلطات.
وأوضح حفتر أن قيادة الجيش الليبى ستكون رهن إشارة الشعب وستعمل بأقصى طاقاتها لرفع المعاناة عنه، وستكون فى خدمة المواطن وحماية حقوقه وتحقيق أمانيه وتسخير المقدرات لمصلحته فى مقدمة الأولويات، مؤكدا أن ايقاف العمل بالاتفاق السياسي يأتى بعد تدمّيره للبلاد ودفعها إلى منزلقات خطيرة، لافتا الى أن هذا الاتفاق السياسى أصبح من الماضي بقرار من الشعب الليبى، مؤكدا حرصه لتهيئة الظروف اللازمة لبناء مؤسسات الدولة المدنية الدائمة وفق إرادة الشعب الليبى وطموحاته مع مواصله مسيرة التحرير حتى نهايتها، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة والتدخلات الخارجية.
ماذا يعني إسقاط حفتر للاتفاق السياسي ؟
وقعت الأطراف الليبية على الاتفاق السياسى فى مدينة الصخيرات المغربية فى 17 ديسمبر 2015 برعاية أممية وشمل أطراف الصراع فى ليبيا لإنها الصراع المسلح فى البلاد، وضمان انتقال سلس للسلطة إلى مؤسسات منتخبة بواسطة الشعب الليبى.
وفشلت بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا برئاسة غسان سلامة – المستقيل – فى تفعيل ملحق الترتيبات الأمنية الوارد فى اتفاق الصخيرات والذى يقضى بحل الميليشيات المسلحة غير النظامية فى ليبيا وتسليم أسلحتها إلى مؤسسات عسكرية نظامية، ما دفع رئيس البرلمان الليبى لعدم اعترافه باتفاق الصخيرات لعدم حصول حكومة الوفاق على ثقة البرلمان وفقا لما ورد فى بنود الاتفاق.
ويعد إعلان حفتر اسقاط الاتفاق السياسى تأكيدا على عدم اعترافه بأى جسم من الأجسام السياسية المتواجدة فى المنطقة الغربية سواء المجلس الرئاسى أو حكومة الوفاق أو المجلس الأعلى للدولة "كيان استشارى"، والعودة إلى ما قبل ديسمبر 2015 بالاعتراف بمجلس النواب الليبى فقط كمؤسسة تشريعية فى البلاد واعتباره الشريك السياسى الوحيد على الطاولة.
ويشكل إعلان حفتر صدمة للبعثة الأممية إذ أن اسقاطه للاتفاق السياسى ستتمخض عنه تداعيات آخرى وهى الانسحاب من مشاورات جنيف التى تشارك فيها حكومة الوفاق كطرف رئيسى فى اجتماعات السياسيين والعسكريين.
ماذا بعد إسقاط حفتر للإتفاق السياسى ؟
قال مصدر مسؤول فى مكتب القائد العام للجيش الليبى إن مشاورات تجرى فى الوقت الراهن لتشكيل حكومة جديدة تضم كافة مكونات الشعب الليبى، موضحا أن الحكومة الجديدة ستنال ثقة البرلمان قبيل ممارسة مهامها فى البلاد.
أكد المصدر المسؤول فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن اسقاط المشير حفتر للاتفاق السياسى يعنى سقوط حكومة الوفاق والحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثنى، مشيرا إلى أنه لا صحة لما تردد من وجود صراع بين البرلمان والجيش الليبى حول آلية حل الأزمة الليبية.
مواقف دولية على إعلان حفتر
أعربت السفارة الأمريكية فى طرابلس عن أسفها لاقتراح القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير حفتر، موضحة أنّ التغييرات في الهيكل السياسي الليبي يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب. ورحبت السفارة بأي فرصة لإشراك القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير حفتر وجميع الأطراف في حوار جاد حول كيفية حلحلة الأزمة وإحراز تقدّم في البلاد، وذلك فى ظلّ استمرار معاناة المدنيين خلال شهر رمضان المبارك ووباء فيروس كورونا الذي يهددّ بحصد المزيد من الأرواح.
وحثّت السفارة الأمريكية فى بيان لها، القوات المسلحة الليبية على الانضمام إلى حكومة الوفاق الوطني في إعلان وقف إفوري للأعمال العدائية لدواعي إنسانية ممّا يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار على النحو المنصوص عليه في محادثات 5 + 5 التي يسّرتها البعثة الأممية للدعم في ليبيا في 23 فبراير في جنيف.
بدوره أعلن مصدر في وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو تفاجأت من إعلان قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر نقل السلطة في البلاد، مشددا على عدم وجود حل عسكري للنزاع.
وقال المصدر: "هذا أمر مدهش. هناك قرارات القمة في برلين، والأمر الرئيس، قرار مجلس الأمن رقم 2510، الذي يجب تنفيذه أولا وقبل كل شيء من قبل الليبيين أنفسهم بمساعدة المجتمع الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة".
واختتم المصدر تصريحه بالقول: "نحن نقف مع استمرار الحوار الشامل بين الأطراف في إطار العملية السياسية، فلا يوجد حل عسكري للصراع".
البعثة الأممية تؤيد مبادرة رئيس البرلمان الليبى
وفى سياق متصل، رحبت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني وليامز، بالمبادرة السياسية التي أعلنها رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح لإنهاء الأزمة الليبية، معتبرة أنها إشارة إيجابية0
وأكدت البعثة الأممية فى سلسلة تغريدات نشرتها البعثة عبر حسابها على "تويتر" إن وليامز تواصلت مع المستشار عقيلة صالح هاتفيا للتشاور في آخر التطورات ضمن جهودها المستمرة لإيقاف الحرب وإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية عبر التواصل مع الأفرقاء الليبيين.
وأبدت ويليامز ترحيبها بجميع المبادرات التي لا تستثني أحدا، والتي تسعى إلى إنهاء حالة الاقتتال والانقسام والعودة إلى الحوار السياسي في إطار مخرجات مؤتمر برلين، مؤكدة أهمية الإنصات لليبيين في نداءاتهم المتواصلة للدخول في هدنة إنسانية تتزامن مع هذا الشهر الفضيل، والعودة إلى العملية السياسية بأسرع وقت لإنهاء حالة الحرب نهائيا بما يتناسب مع مصلحة ليبيا والليبيين.
كان رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح أعلن الخميس الماضي مبادرة سياسية من ثماني نقاط ترتكز على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية الحالية المنبثقة من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات وإعادة اختيار أعضائها، وعلى الأقاليم التاريخية الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان)، وإعادة كتابة الدستور مع استمرار مجلس النواب الليبى إلى حين إجراء انتخابات تشريعية جديدة.
وعبر رئيس البرلمان الليبى في كلمته التي أعلن من خلالها مبادرته السياسية عن أمله في أن تحظى المبادرة بدعم محلي ودولي، أنه على استعداد مع الشخصيات الوطنية والنخب السياسية لتقديم المشورة المخلصة والصادقة للوصول إلى العناصر القادرة على تجاوز وحل مشاكل وقضايا ليبيا، متمنيا من زملائه نواب الشعب أن يكونوا أول الداعمين لهذا المقترح.