جاءت هذه المشاهد فى المسلسل بمثابة النسخة الكربونية مما كان يحدث على أرض الواقع فى مصر وقت حكم جماعة الإخوان الإرهابية ومندوبها فى الرئاسة محمد مرسى، ولأن تاريخ الأحداث لم يمضى عليه سوى سنوات قليلة فإنها مازالت حاضرة فى الذاكرة، ومن يريد تفاصيلها أكثر فعليه أن يضرب بزر البحث على المواقع الالكترونية ليعرف كيف كان يتم إعداد الطبخة لمصر كى تكون "سوريا"، وكان "عشماوي" وأمثاله الأداة الرخيصة لتنفيذ هذا المخطط الذى يقاومه البطل "أحمد المنسي" وأمثاله، ولهذا فإن فكرة المسلسل ومساره القائمة على تضاد ثنائية "المنسى الوطنى و"عشماوى الإرهابي" موفقة ومتألقة تماما، ومن مشاهد تألقها دراميا وواقعيا تلك التى يظهر فيها "عشماوي" وهو يجلس فى سوريا بين الإرهابيين يقدم نفسه لهم ويوظفونه فى مخططاتهم الفاسدة، بينما يقاوم "المنسي" وزملائه ببطولة نادرة الإرهابيين فى إحدى عملياتهم الغادرة فى سيناء، ويجلس بين جنوده ويقود تدريباتهم ليقوى عزمهم على الدفاع عن أرض الوطن.
وأذكر لفظ "التألق الدرامى والواقعى "لأننا أمام حالة درامية فى المسلسل هى فى الأصل وقائع عشنا تفاصيلها، واستعادتها فى هذا الثوب الدرامى يؤدى إلى تنشيط للذاكرة الجماعية الوطنية، التى فيها أن جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية الأخرى كانت ومازالت تؤيد بالشكل المطلق جماعات الإرهاب على الأرض السورية فى حربها لإسقاط الدولة السورية، وذلك وفقا لمخطط تركى عاش حلم إعادة "الخلافة العثمانية" فى نسخة أردوغانية جديدة، وكان تقسيم سوريا هو كلمة السر فى هذا المخطط، حيث يتم القضاء على أحد أهم مفاتيح الأمن القومى العربى ومنه تزداد المطامع فى حلم السيطرة على مصر.
وتأسيسا على ذلك قدمت تركيا كل العون والتسهيلات لتلك الجماعات الإرهابية فى سوريا كى تواصل حربها الإجرامية، وباركت الجماعات الإرهابية وفى طليعتها جماعة الإخوان فى مصر هذا المخطط،بسعيها إلى تكرار نموذج "أفغانستان" المعروف فى بدايات ثمانينيات القرن الماضى حين سمح الرئيس السادات للجماعات الإرهابية بالسفر إلى أفغانستان للقتال ضد الاحتلال السوفيتى، ففى مؤتمر حاشد سمى "نصرة سوريا "حضره العديد من أعضاء الجماعات الإرهابية فى استاد القاهرة يوم 15 يونيو 2013 أعلن "مرسي" قطع العلاقات مع سوريا وطرد السفير السورى، وسحب القائم بالأعمال المصرى فى دمشق، كما تبنى نفس المطلب الذى كان ينادى به "أوردغان" بفرض منطقة حظر جوى فى سوريا، ودعا إلى السفر لسوريا بزعم" الجهاد" فيها، وقبل هذا المؤتمر أعلن خالد القزاز مستشار "مرسي" للشئون الخارجية أن الدولة لن تلاحق من يذهب إلى "الجهاد" فى سوريا.
هكذا تهيأت الأرض تماما لهشام عشماوى وأمثاله من الإرهابيين للذهاب إلى سوريا..سافر عشماوى مطمئنا، ثم عاد إلى مصر لتنفيذ مخططه الإجرامى الذى هو مخطط أكبر يقوده أردوغان وجماعاته الإرهابية فى سوريا، وكانت مشاهد المسلسل التى نقلت سفر عشماوى بدءا من استعداده للسفر ثم وصوله عبر تركيا إلى الأراضى السورية موفقة وطبيعية تماما، حيث أكدت للمشاهد ودون طنطنة أوتحليلات سياسية أن ماحدث فى سوريا كان مخطط أن يحدث مثله فى مصر، والدليل على ذلك طبيعة الحوارات التى جرت بين الإرهابى "هشام عشماوي" مع قائد جبهة النصرة وهى النسخة العلنية من تنظيم القاعدة، وكذلك حضوره لقاء هذا القائد الإرهابى مع قائد إرهابى آخر هو أبوبكر البغدادي.
كانت النظرة منهما إلي"عشماوي" فى حقيقتها نظرة إلى مصر بأمنيات أن تكون نفس النسخة التى صنعوها بإجرامهم فى سوريا، غير أن "المنسي" وكل الأبطال الذين سالت دماءهم على أرض سيناء أفسدوها عليهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة