وائل السمرى يكتب.. سر المقال الذي أوصى الشهيد أحمد المنسي أصدقاؤه الضباط بقراءته..غاز المتوسط كلمة السر في الصراع "المصرى ـ التركي"..ولولا المنسي ورفاقه لتحول البحر المتوسط وخيراته لمحمية أردوغانية خالصة

الأربعاء، 29 أبريل 2020 08:50 م
وائل السمرى يكتب.. سر المقال الذي أوصى الشهيد أحمد المنسي أصدقاؤه الضباط بقراءته..غاز المتوسط كلمة السر في الصراع "المصرى ـ التركي"..ولولا المنسي ورفاقه لتحول البحر المتوسط وخيراته لمحمية أردوغانية خالصة الشهيد المنسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
في مشهد عابر من مشاهد مسلسل "الاختيار" الذي يجسد قصة حياة الشهيد البطل أحمد المنسي جاء ذكر مقال عن "غاز المتوسط" على لسان الفنان أمير كرارة الذي يقوم بتجسيد دور البطل الشهيد، وفي المشهد يحث "المنسي" ضباطه على قراءة المقال الذي يوضح حقيقة الصراع الحديث في الشرق الأوسط بين مصر وحقوقوها وأحلامها وتركيا وأطماعها ومؤامراتها، فيأمر المنسي ضباطه بقراءة هذا المقال وسط دهشة البعض حيث يظن أحد الضباط أن وظيفته كضابط هي "الحرب" فحسب وليس "القراءة" وهو ما ينفيه المنسي قائلا أن وظيفة الضابط أن يكون ملما بما يحدث حوله لا أن يحارب فحسب، موضحا الفارق بين العسكرية الكلاسيكية التي لا تعبأ بالأحداث والملابسات والعسكرية الحديثة التي تعتمد على المعلومة والوعي والذهن اليقظ جنبا إلى جنب مع المعدات والزخيرة والخطة التكتيكية، لكن ترى ماذا حوى هذا مقال وماذا أراد المنسي أن يتعلمه زملائه من الضباط.
 
الشهيد البطل أحمد المنسي  (4)
 
الشهيد البطل أحمد المنسي  (1)
 
هنا الإشارة واضحة وضوح الشمس برغم أنها جاءت عابرة في المسلسل بلا تفاصيل، وهي تنصب على الأهداف الكبرى لتركيا التي تقف وراء من أسماهم المنسي "شوية الصيع دول" ويقصد بهم التكفيريين، فقد اشتعلت مؤخرا حرب ضروس بين مصر من جهة وتركيا من جهة أخرى حول غاز البحر الأبيض المتوسط وذلك بعد أن كشفت الأبحاث العلمية مؤخرا أن البحر المتوسط يكاد أن يكون بحرا للغاز الطبيعي، ولا يخفى على أحد أهمية "الطاقة" في حياة الشعوب والدول، فالطاقة هي ما صنعت "النهضة الحديثة" وهي ما قلبت الخارطة العالمية بعد الحرب العالمية الأولى، وهي ما وضعت دولا كانت لا تذكر بجانب دولا أخرى كانت هي المهيمن والمسيطر على الأحداث في العالم كله. 
 
الشهيد البطل أحمد المنسي  (2)
 
ما يزيد من تعقيد الأمر هو حاجة مصر الملحة إلى الطاقة نتيجة زيادة عدد سكانها الكبير واعتزامها الدخول إلى عالم الدول الصناعية الكبرى بعد أن وضعت البنية الأساسية الملائمة من طرق وكباري وإنشاءات وتعدين وخدمات أساسية مثل الكهرباء والمياه وغيرها، وفي ذات الوقت تعاني تركيا من فقر حقيقي في مصادر الطاقة، ولذلك تعسى جاهدة إلى الاستيلاء على أي مصدر من مصادر الطاقة بالحق أو بالباطل، ولذا نراها لا تترك أي فرصة للاستيلاء على الطاقة إلا واقتنصتها، ويظهر هذا في عدائها الواضح لقبرص التي تشترك معها في الحدود لكنها لا تشترك معها في الأهداف، فتركيا تريد الاستيلاء على قبرص بأكملها، ولا تكتفي باحتلال جزء منها، أما قبرص فتريد الاستقلال عن تركيا جملة وتفصيلا، وقد أدركت تركيا مبكرا حتمية الصراع القادم فقامت بدعم الجماعات الإسلامية التكفيرية في العالم العربي ظنا منها أن تلك الجماعات ستتحول إلى ماكينات ضخ الغاز والبترول وبذلك تضمن ازدهار مستقبلها وإفقار جيرانها لتتحول تلك الدول إلى أسواق فحسب لا إلى منافسين. 
 
تركيا الآن تريد أن تزيد احتياطياتها من الغاز والبترول لتهيمن على العالم من حولها، مصر تريد أن تكتفي ذاتيا من الطاقة أولا وأن تستثمر الفائض في التنمية الصناعية، مصر لديها إنتاج من الغاز وإن كان لا يكفيها، تركيا فقيرة في للغاية في مجال إنتاج الطاقة ولا تريد أن تكتفي فحسب، بل تريد أن تتوسع، ولذلك سعى أردوغان إلى محاولة فرص سطوته على البحار المجاورة مثل بحر إيجة والبحر الأسود، وأراد أن يضم إلى ملكيته البحر المتوسط أيضا عبر طريقتين، أن يستولى على حق قبرص واليونان من ناحية، وأن يستولى على أنظمة الحكم في العالم العربي من ناحية أخرى، ولهذا دعم حركات الإسلام السياسي في مصر ليبيا وتونس وفلسطين وسوريا، وبهذا يكتمل هلال السيطرة على خارطة البحر المتوسط ليضم كلا من اليونان وقبرص وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر وليبيا وتونس، أما إسرائيل فقد احتفظ أردوغان بعلاقة ودية للغاية معها، بل امتد الود ليتحول إلى ما يشبه الشراكة، حيث يمثل ميناء جيهان التركي نقطة الانطلاق الرئيسية بالنفط إلى ميناء عسقلان الإسرائيلي ومن خلال هذا الميناء يتم شحن مئات الآلاف من براميل النفط يومياً من نفط إقليم كردستان العراق إلى إسرائيل.
لا سبيل هنا إلى فهم التاريخ ما لم نفهم الجغرافيا، فقد كادت تونس أن تقع في يد أردوغان عبر استيلاء جماعة الإخوان على الحكم، ليبيا مازالت تصارع ما بين لفظ المستعمر التركي وخضوع بعض أطراف الصراع له، ومصر دانت إلى الإخوان في غفلة من الزمن لكنها انتفضت ضدهم وطردتهم شر طرده، في الوقت الذي كان فيه أردوغان يستعمل حماس في فلسطين كيفما أراد، وله سوريا جيوش ومليشيات تعمل لصالحه وتأتمر بأمره، عاش أردوغان حلم حياته الجميل في لحظة، لكن هذا الحلم تحول إلى كابوس مؤلم في 30 يونيو حينما استعاد الشعب المصري مصيره، وأفسد الجيش المصري العظيم بقيادة "الفريق عبد الفتاح السيسي" وقتها هذا المخطط المسموم.
 
الشهيد البطل أحمد المنسي  (3)
 
تحولت مصر بعد 30 يونيو من "درة تاج الحلم الأردوغاني" إلى شوكة في ظهره، وباتت المواجهة العسكرية وشيكة، وهنا أتى دور "شوية الصيع" على حد تعبير "أحمد المنسي" في مسلسل الاختيار، لا لكي يستولوا على مصر كما يظن البعض، لكن لإضعافها داخليا وخارجيا، عبر تهديد استقرارها الدائم، وزعزعة أمنها، وبالتالي لا تستطيع أن تبني أو تعمر، ولا تستطيع أن تتحول إلى نقطة جاذبة للاستثمارات، ولا تستطيع أن تجد قوت يومها، وبالتالي يسهل الانقضاض عليها في أي وقت إن احتدمت المواجهة ودقت طبول الحرب. 
 
الشهيد البطل أحمد المنسي  (5)
 
هنا تتجلى عظمة الدور الذي أداه الشهيد أحمد المنسى، ورفاقه، فقد حافظوا على مصر قوية صامدة عبر التصدي لـ"شوية الصيع" فلم يتمكنوا من تنفيذ مخطط الإضعاف الذي كانوا يريدونه لمصر، وبدلا من أن تغرق مصر في مشكلاتها الصغيرة، تحولت مصر إلى قوة لا يستهان بها، ساعية بكل الطرق إلى تحديث جيشها وتزويده بأهم الأسلحة وأكثرها فتكا، ومن ناحية أخرى مدت يد البناء في كل شبر في أرض مصر حتى تغير شكل الخارطة في سنوات قليلة، ولهذا يجب أن نتذكر الشهيد أحمد المنسي ورفاقه بكل الحب والاحترام والعرفان، فلولاهم لبقينا لقمة سائغة في يد تركيا، ولولاهم لتحولنا إلى خرابة يجلس على عرشها "شوية صيع".









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة