عقب خبير الاتصالات والإعلام الرقمي حسام صالح على مقال الأستاذ خالد صلاح، رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة اليوم السابع .
"الفيروس قادنا إلى ثورة فى سلوك المؤسسات والشركات من خلال العمل من المنزل والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة فى الاتصالات والاجتماعات بالفيديو، نحن يمكن أن نحول المحنة إلى منحة، من خلال تطوير هذه الثورة وترسيخها مؤسسياً بما يوفر على العمال والموظفين والشركات «طبعاً»، مصروفات هائلة فى انتقالات ومقار ونفقات متعددة".
كانت هذه هى مقدمة مقال للكاتب الصحفى خالد صلاح رئيس تحرير جريدة اليوم السابع، بعنوان :"الفيروس والإنترنت وثورة العمل فى مصر"، والتى نالت إشادة وتأييد واسع من خبراء تكنولوجيا المعلومات ومسؤولو شركات الاتصالات، ومن بينهم حسام صالح، والذى يملك خبرات تقارب 30 عاما فى مجالات تكنولوجيا الاتصالات والإعلام الرقمى.
فى البداية اتفق حسام صالح، مع ما ذكره المقال حول تغيير فيروس كورونا استخدام التكنولوجيا، موضحا أن ما يزيد عن نسبة 50% من المؤسسات يعمل موظفيها حاليا من المنزل، ولم تتأثر إنتاجها سلبا بل العكس كانت إيجابية للغاية، حيث ارتفعت إنتاجية الموظفين، ونجحوا فى استخدام أدوات تكنولوجية، كانت توظف قبل ذلك فى استخدامات شخصية، إلى استخدامها للتواصل مع مدرائهم وزملائهم، وبالتالى لم يعد مستغربا لدى المؤسسات استخدام هذه الأدوات فى إجراء الاجتماعات اليومية "أونلاين" عبر التطبيقات المختلفة.
وأضاف صالح، فى حوار هاتفى ل"اليوم السابع"، أن نجاح المؤسسات فى العمل عن بعد وتطويع التكنولوجيا لخدمة ذلك، يعطي مؤشر بأن المؤسسات سوف تواصل البحث والتفكير بشأن تثبيت تجربة العمل من المنزل، مع توفير الإمكانيات التقنية من برامج وإنترنت لتطوير آليات العمل، متابعا :"العمل عن بعد ليس بجديد، وأنا شخصيا عملت لدى شركة عالمية عن بعد منذ 16 عام باستخدام الأدوات التكنولوجية اللازمة للعمل".
وتوقع حسام صالح، أن تستمر نسبة من 15 إلى 20% من المؤسسات فى تطبيق سياسة العمل من المنزل عقب انتهاء أزمة كورونا، وقد ترتفع إلى 30%، ولكن ليس أكثر من ذلك، لأن ثقافة العمل عن بعد ليست جزء فى طريقة الإدارة، بالإضافة إلى أن التقاليد الاجتماعية تعتبر وجود الموظف بمكان العمل جزء من وظيفته واحترامه لها، ولذا يحتاج تطبيق العمل من المنزل، إلى إدارة مستقبلية مختلفة تتقبل هذا الوضع، إضافة إلى إعادة دراسة نظام الموارد البشرية لاستيعاب العمل من المنزل.
وعن سبب زيادة إنتاجية الموظفين بعد العمل من المنزل، أرجع حسام صالح، سبب ذلك إلى توفير الموظف الكثير من الجهد والوقت فى الانتقال من المنزل للعمل والعودة، والتى قد تضيع يوميا من 3 إلى 4 ساعات من وقت الكثيرين، وهو ما كان يمثل عبء نفسي وبدنى على الموظف، ولم يعد موجودا فى ظل العمل من المنزل، بل تحولت طاقته المهدرة لصالح العمل، غير أنه أشار إلى إيجابيات أخرى فى العمل داخل المؤسسات خاصة لبعض الموظفين، الذين يستمدون طاقتهم من الآخرين، منوها إلى أن استخدام التكنولوجيا لم يعد مقتصرا فى العمل عن بعد فقط ولكن فى الدراسة أيضا.
وحول الصعوبات التى تواجه العمل من المنزل، قال "صالح"، إن تجربة العمل من المنزل بسبب الأزمة الحالية تسببت فى ضغط شديد على شبكات الإنترنت ووسائل الاتصال، ويمكن حل هذا الأمر من خلال استخدام المؤسسات الكبرى للسعة المحلية للإنترنت بدلا من الدولية، وهذا يتطلب تغيير القائمين على نظم المعلومات فى المؤسسات الكبرى تغيير طريقة استخدام نظام الإنترنت الخاص بهم بالاعتماد على السعة المحلية مما سيوفر فى أسعار خدمة الإنترنت المقدمة، وتأمين عالى جدا للبيانات.
وتابع وفى الوقت نفسه يجب على شركات الاتصالات تطوير خدمات الإنترنت بزيادة السعة والسرعة المستخدمة على الشبكة لمواجهة الضغط المتزايد من تداعيات تواجد المواطنين فى منازلهم لساعات طويلة، واستخدام كافة أفراد الأسرة للإنترنت فى استخدامات مختلفة.
وأشار "صالح"، إلى مخاطبة جمعية النظام العالمى للاتصالات المتنقلة، (جى اس ام ايه)، منصات عرض الفيديوهات والأفلام مثل نتفليكس و watch it لتخفيض جودة الفيديوهات، وذلك لتخفيض استهلاك الإنترنت بسبب الضغوط على شبكة الإنترنت فى أعقاب أزمة تفشي فيروس كورونا عالميا، متوقعا أن تقوم شركات الاتصالات بعد انتهاء أزمة كورونا بتوزيع نقاط البث بشكل مختلف وذلك بعدما تبين لها خريطة بالمناطق كثيفة الاستخدام لتوفير أعلى تغطية لتلك المناطق.
حسام صالح
وانتقد حسام صالح، تأخر شركات الاتصالات فى مصر فى تطبيق خدمات القيمة المضافة، وتركيزها بشكل كبير على تحقيق أرباح من خدمات الاتصالات الصوتية، إلا أن الأمر أصبح مختلفا مع الاتجاه لتقديم العديد من الخدمات البنكية والمالية وحتى الخيرية "اونلاين"، وهو ما أجبر شركات الاتصالات على التعاون معها لتطوير خدماتها، مشيرا إلى وجود فرص ضخمة أمام الشركات لأن المستخدمين للإنترنت لم يستغلوا سوى من 30-40% من التكنولوجيا المتاحة، حيث توجد دراسات وأبحاث تطالب بتغيير سلوك المستخدم بشكل مختلف بدلا من التركيز على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن عليهم ضخ استثمارات ضخمة لتطوير الإنترنت.
واختتم حسام صالح، تصريحاته لليوم السابع، مؤكدا أن الدولة قطعت شوطا كبيرا في الرقمنة بداية من توفير شبكة بنية تحتية قوية، وتأمينها بشكل جيد للغاية، وتحاول حاليا إطلاق خدمات تكنولوجية لتسهيل أداء الخدمات الحكومية بشكل ميسر للمواطنين فى إطار استراتيجية للتحول الرقمى، غير أن القطاع الخاص يبقى أمامه دور آخر لمواكبة هذا التطور.
يذكر أن المهندس حسام صالح، أحد ذوي الخبرة الواسعة فى الإدارة فى مجالات تكنولوجيا الاتصالات والإعلام الرقمى، فقد قضى أكثر من 28 عاما في مناصب قيادية فى مؤسسات ذات سمعة طيبة، فقد شغل منصب رئيس الكاتيل لوسنت مصر، والمدير الإقليمي في سيسكو و المدير الإقليمي في ساندفين، وتولى سابقا رئيس قطاع الاستراتيجية والتجاري لشركة تي داتا، إضافة إلى أنه قاد العمل في العديد من الشركات المحلية والمتعددة الجنسيات، وقد شارك من خلال عمله فى تلك الشركات فى تنفيذ العديد من المشرعات القومية.