مشهد تزداد مأساويته، وجسد تتعمق آلامه، وسط ضعف فى الإمكانات، وتأجج صراع مسلح وأوبئة تتفشى.
هذا ملخص المشهد الحالى فى اليمن، ذلك البلد الذى يدخل عامه الخامس من حرب فرضتها أطماع ميلشيات الحوثى، ولكن هذا العام ربما يكون مختلفا، حيث أضيفت إليه حرب من نوع آخر، إنها "وباء كورونا"، فبعد مرور 3 أسابيع من إعلان الحالة الأولى للإصابة فى مدينة الشحر فى محافظة حضرموت، ظهرت خمس حالات أخرى فى البلد، وسجلت الصحة اليمنية أول حالتى وفاة، وتتزايد الإصابات فى ذلك البلد الذى يفتقر للإمكانات الطبية التى تعانيه على مواجهة مثل هذا الوباء.
يأتى هذا المشهد الحالك فى ظل تحذيرات أممية من نقص شديد بتمويل منظمات الإغاثة، حيث قالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن هناك حاجة ماسة إلى 89.4 مليون دولار في الأسابيع المقبلة لمواصلة برامج المساعدة، التي تساهم في إنقاذ حياة النازحين، وإلا سيتوقف عمل تلك المنظمات فى غضون أيام قليلة، ليس هذا فحسب بل حذرت من أن مليون نازح على مشارف التشرف بعد أن أطاحت السيول بالمتبقى من مأوى لهؤلاء .
البرنامج العالمى للأغذية
وفى الوقت الذى يتمادى الحوثى فى سرقة المساعدات الغذائية، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، تقليص المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية، إلى النصف.
وقال البرنامج في بيان له، إن عملياته تواجه نقصًا حادًا في التمويل إثر العمل في بيئة بالغة الصعوبة في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات في صنعاء (الحوثيين)،و لم يعد أمام البرنامج في الوقت الراهن خيار آخر سوى تقليص المساعدات الغذائية إلى النصف لتفادي توقف المساعدات بشكل كامل في المستقبل.
وأكد أن ذلك سيبدأ من أواخر إبريل الجاري، وستحصل الأسر على مساعدات غذائية على أشهر متناوبة بدلاً من المساعدات الشهرية.
وبحسب البيان،وفق العربية، فإن المحافظات يجري تقسيمها إلى مجموعتين: المجموعة الأولى منها ستشمل محافظات البيضاء والمحويت وعمران والحديدة وإب وريمة وصنعاء وصعدة.وأضاف أن المجموعة الثانية تشمل محافظات الضالع والجوف وذمار وحجة ومأرب وأمانة العاصمة وتعز.
وأشار إلى أن العمل سيجري بالتناوب بين هاتين المجموعتين وذلك إلى حين الحصول على تمويل إضافي يتمكن من خلاله البرنامج استئناف عملياته بشكل كامل، ودعا البرنامج ميليشيا الحوثي، إلى احترام الاتفاقات وتطبيق تدابير الثقة اللازمة لاستئناف التمويل والعمليات الكاملة، وذلك حتى يتمكن البرنامج من الاستجابة للاحتياجات الماسة في اليمن.
وتخوض ميليشيات الحوثي حرباً شاملة ضد المنظمات الدولية في المحافظات التي تسيطر عليها، وبدأت مبكرة مع برنامج الأغذية العالمي والذي وصفهم في إحدى بياناته أنهم: "يسرقون الطعام من أفواه الجائعين"، وتطورت إلى خلافات ظهرت للعلن خلال العام الماضي مما أجبر البرنامج على إيقاف مساعداته ومن ثم استئنافها.
أوضاع متردية
ومن جانبه قال محمد المقرمى، رئيس مركز الدراسات والإعلام الأنسانى اليمنى والمسئول الإعلامى لائتلاف الإغاثة باليمن، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، إن خفض المساعدات الإنسانية قبل توقف الحرب وعودة المؤسسات وتدمر البنية التحتية وتوقف الخدمات في ظل انتشار الأوبئة ينذر بكارثة إنسانية على مستوى الأمن الغذائي والصحي ومراكز الإيواء.
محمد المقرمى
واشنطن تخفض مساعداتها
ومنذ نهاية مارس الماضي بدأت الولايات المتحدة بقطع الملايين من المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، وقال متحدث باسم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، "إن واشنطن بدأت في خفض مساعدتها لشمال اليمن بسبب التدخل غير المقبول من قبل المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران".
وأعلن عدد من المنظمات الدولية، مؤخراً تخفيض المساعدات العينية والمالية، في مناطق سيطرة الحوثيين، بسبب العراقيل التي تفتعلها الميليشيات لسرقة ونهب هذه المساعدات.
أزمة إنسانية طاحنة
دفع جعل هذا الموقف المتأزم المتحدثة باسم المفوضية السامية لشئون اللاجئين، شابيا مانتو، في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا عبر الإنترنت في جنيف، للقول بإن اليمن بالفعل يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم، والبلاد تواجه الآن أيضا التهديد المتداخل لجائحة فيروس كورونا وتأثير الأمطار الغزيرة والفيضانات الأخيرة.
ولا يزال اليمن تشهد أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ويحتاج فيها 80 في المائة من السكان تقريباً لنوع من المساعدات الإنسانية والحماية. وأصبح عشرة ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، ويعاني 7 ملايين شخص من سوء التغذية.
وفى الوقت الذى أعلن تحالف دعم الشرعية باليمن وقف مؤقت للقتال والعمليات العسكرية لتوجيه الغمكانات المتاحة لحرب "كورونا" ، يمضى الحوثى فى خطته غير آبه بكوارث الشعب، بل ينهب المساعدات المحدودة التى ترسلها المنظمات الإغاثية
دفعت عمليات السرقات المتتالية البرنامج العالمى للأغذية لوقف مساعداته للمناطق الواقعة تحت سيطرة الميلشيا .
كارثة السيول
"كورونا" يتفشى بينما يبدأ موسم السيول باليمن ، فهناك أكثر من 100 ألف شخص في أنحاء اليمن، تضرروا جراء الفيضانات، بحسب ما قالت مانتو المتحدثة باسم المفوضية السامية لشئون اللاجئين، إستنادا إلى تقارير أولية، مؤكّدة أن المساعدة المطلوبة أصبحت "عاجلة"، فالمجموعات التي سيتم توجيهها إليها هي أيضا "الأكثر ضعفا" بسبب كوفيد-19.
وأوضحت أنه بدون هذه المساعدات سيكون هؤلاء بدون وسائل للعثور على الطعام والمأوى، مضيفة "بالنسبة إلى الكثير من اللاجئين والأسر المشردة هذه مسألة حياة أو موت".
"كورونا" يزيد الوضع تعقيدا
وأعرب البرنامج عن قلقه البالغ إزاء تأثير فيروس كورونا المستجد على اليمن، حيث أثر الصراع المستمر منذ خمس سنوات على ملايين السكان وتركهم على بُعد خطوة من المجاعة،وأكد أن خطر هذه الأزمة الصحية العالمية أصبح بمثابة كارثة إنسانية للملايين في اليمن.
من جانبها قالت لیز جراندي، منسقة الشؤون الإنسانة في اليمن: "خطر فيروس كوفید-19 مخيف جدا ويجب علينا فعل كل ما نستطيع لإيقاف انتشار الفيروس ومساعدة الأشخاص الذين قد يصابون بالعدوى إنه سباق مع الزمن".
وأضافت ، وفق موقع الأمم المتحدة، "علينا أن نكون صريحين، فالصعوبات أمامنا كبيرة. فنحن ندعم أكبر العمليات الإنسانية في العالم، حيث نصل إلى أكثر من 13 مليون شخص شهريا".
وأشارت إلى أن الظروف التشغيلية مقيدة، وشلت في بعض الأماكن. ولا يوجد لدينا الموارد الكافية. وحتى يرى المانحين بأن السلطات سمحت لنا بالقيام بمهامنا بالطريقة الصحيحة، وفقا لذات المبادئ التي تحترم في جميع أرجاء العالم". في إشارة إلى إجراءات الحوثيين ضد المنظمات الدولية.
ولفتت "سيبقى التمويل محدودا وباستخدام الموارد الموجودة، وتتخذ الوكالات الإنسانية خطوات حاسمة، حتى أثناء محاولتهم حشد الأموال الإضافية، وستكون مواجهة فيروس كوفید-19 صعبة جدا بعد خمسة سنوات من الصراع المستمر والحصار المنهك، وانهيار المرتبات العامة، حيث تعمل ما يقل عن 50 في المائة من المرافق الصحية بكامل طاقتها التشغيلية.
وأضافت "لهذا السبب أصبح العمل معا في شراكة حقيقية أكثر أهمية من أي وقت مضى حتى نتمكن من التغلب على هذا الفيروس، نحن بحاجة للظروف المناسبة التي تسمح لنا بالقيام بمهامنا ونحتاج إلى التمويل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة