قال الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن مصر في موقع ومركز يمكنها الاستفادة وتحقيق المكاسب من بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا على المستوى الاقتصادي، بتعظيم الإنتاج وإعادة النظر في حجم الاستيراد خاصة من السلع الغذائية والخامات، وتصنيع بعض مما يتم استيراده، خاصة في ظل الاستثمارات الضخمة التي تحققت في مصر من مناطق استثمارية في البيئة التحتية والمناطق الاقتصادية وغيرها.
أضاف، خلال لقاءه مع "اليوم السابع" عبر الفيديو، من الولايات المتحدة الأمريكية، أن هذه الأزمة هي كاشفة ومنشأة، كشفت عن قدرات الدول في التصدي للمشكلات ليس فقط في القطاع الصحي ولكن أيضًا على مستوى القطاع الاقتصادي وغيره، كما انها منشأة لواقع جديد يحتاج لرؤى واستراتيجيات مختلفة.
وذكر أن الأزمة الحالية كشفت عن أهمية إعطاء الأولوية بضخ مزيد من الأموال للقطاع الصحي والتعليمي، والتكنولوجي أيضًا، وتوفير الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية ونظام التامين الصحي الشامل، ومصر لديها اجتهادات كبيرة في هذا الشأن وبدأت بالفعل بتطبيقه في بعض المحافظات وأتصور أن يتم الاستعجال بتعميمه على باقي محافظات مصر، كما أنه مطلوب زيادة الانفاق على قطاع تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي في المستقبل القريب.
استكمل حديثه بقوله: أننا بعد تخطي أزمة فيروس كورونا سنكون أمام واقع جديد وعالم مختلف، وقواعد التوازن الدولي سوف تخلتف، وسيتحدد هل هو عالم متعدد الأقطاب أم بلا أقطاب، والواقع الحالي يشير إلى أن العالم أصبح بالفعل أكبر من أي قطب او عدة أقطاب، ولا يمكن أن تتحمل وحدها تبعاته والتزاماته.
أضاف، ان ذلك يعطي فرص كبيرة للدول ذات الوزن الإقليمي المتميز أن تلعب دورها مثل مصر، منا ناحية الاعتماد الاقتصادي، والتعاون الإقليمي والتوجه لإعادة توطين للتنمية، وسف يكون لمصر دورًا أكبر إذا ما احسنت الاستفادة من دورس تلك الأزمة.
ويرى الدكتور محمود محي الدين، أن الازمات من هذا النوع تعجل من أشياء أخرى، واكتشاف أمور جديدة، وإحداث نقلات وتحولات في بعض القطاعات، ومن بينها الاقتصاد الرقمي والتحول الرقمي، والاعتماد بشدة على الحلول المحلية.
وعد دور المؤسسات الدولية في تقديم الدعم للدول المتضررة يقول أن الدعم ليس فقط دعمًا ماديًا، ولكن أيضًا يتم تقديم التعاون الفني، وأصبح لدى العالم حاليًا عدة مصادر لمثل هذا الدعم.
وعن المسئولية تجاه العمالة التي توقفت عن العمل، يرى الدكتور محمود محيي الدين، أنه من أهم مكونات الانفاق العام تحديد نسبة لتقديم الدعم للشركات والعمالة في حالة مواجهة أزمات، وتتحمل الحكومات نسبة من هذا الدعم، في حين يتحمل أصحاب الأعمال نسب أخرى، وتختلف من قطاعات لأخرى، فهناك بعض القطاعات قد توقفت بشكل شبة كامل كالسياحة، وهناك قطاعات نشطت مع الأزمة، ويوجد شركات تستطيع أن تتحمل هذه الفترة وتعطي لعمالها أجورهم في حين تحتاج أخرى لبعض المساندة.
وقال أن صحة وحياة الإنسان لا يمكن المخاطرة بها، والسماح لبعض القطاعات لاستمرار عملها لا يكون إلا بضوابط، خاصة القطاعات التي لابد أن تستمر بشكل جزئي أو كلي، كإنتاج السلع الاستراتيجية، حيث يتم تحديد "خط أخضر" للسماح بالحركة لبعض القطاعات الاستراتيجية، وهذا ليس من اجل تشغيل الاقتصاد ولكن من اجل ان نتخطى هذه الأزمة الصحية بأقل خسائر بشرية ممكنة، وفي كل الأحوال لا يجب السماح باستمرار العمل في أي قطاع إلا وفقًا للاشتراطات والضوابط خاصة الصادرة من منظمة الصحة العالمية.
واختتم حديثه برسالة وجهها إلى المواطن المصري بقوله: إن هذه الأزمة لا تمر على مصر فقط ولكن العالم اجمع، ويعيشها شعوب العالم، وعلينا الحرص والالتزام بكافة القواعد والإجراءات التي اتخذتها الحكومية، ونأمل أن تزول الغمة قريبًا ونتعظ منها في حياتنا وسياستنا واولوياتنا.