يبدو أن المتاجر الأمريكية على شفا أزمة حقيقية في المرحلة المقبلة، مع تفاقم أزمة فيروس "كورونا" القاتل، حيث أنها ربما تصبح خاوية من المنتجات في المستقبل القريب، وهو الأمر الذى يثير حالة من القلق لدى قطاع كبير من المتابعين والمحللين حول قضية "الأمن الغذائي" للمواطن الأمريكي، حيث من المتوقع أن تشهد العناصر الأساسية في موائد الأمريكيين تراجعا كبيرا في محال البقالة، وعلى رأسها المكرونة والفاصوليا المعلبة، وزبدة الفول السودانى، وغيرها.
إدارة ترامب صعدت جهودها لتقليل أعداد العمال القادمين من المكسيك
ولعل السبب الرئيسى في النقص المتوقع في العناصر المذكورة هو المخاطر التي تواجه العمالة التي تقوم بجمع المحاصيل الزراعية، ومعظمهم من القادمين من المكسيك، والذين دخلوا إلى البلاد بشكل غير شرعى، بينما بعضهم دخلوا الأراضى الأمريكية بتأشيرات مؤقتة، فى ظل احتمالات إصابتهم بالفيروس، بالإضافة إلى ملاحقتهم الأمنية، وبالتالي فإن بقائهم في الولايات المتحدة، محل شك، في ظل المخاوف الكبيرة من تفشى الفيروس.
الإدارة الأمريكية قلصت حجم التأشيرات الممنوحة للعمالة المكسيكية
ويعمل هؤلاء العمال على القيام بالأعمال الشاقة، المتعلقة بالحصاد، سواء في محاصيل العنب بولاية كاليفورنيا، أو التوت الأزرق في ولاية ماين، حيث يبقى دور هؤلاء العمال محوريا للحفاظ على وتيرة تدفق السلع في المتاجر، وبالتالي فإن ترحيلهم تحت أي مسمى يمثل خطرا داهما على "الأمن الغذائي" للمواطن الأمريكي.
العمال يواجهون ظروف صعبة بالولايات المتحدة
إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ربما ساهمت، عبر السياسات التي تبنتها منذ اعتلائه عرش البيت الأبيض، في تأجيج الأزمة الراهنة، وذلك على خلفية موقفها المناوئ للهجرة، وهو ما بدا واضحا في العديد من المواقف السابقة، وعلى رأسها رغبته العارمة في بناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك، بالإضافة إلى قراره بتقليص عدد التأشيرات المؤقتة الممنوحة للعمالة المكسيكية، وهو القرار الذى دخل حيز النفاذ منذ عام 2018.
العمالة المكسيكية تمثل أساسا للحفاظ على الأمن الغذائى بأمريكا
فبحسب البيانات الصادرة عن المؤسسات الأمريكية، والتي أبرزتها وكالة "رويترز" في تقرير لها باللغة الإنجليزية، فإن الولايات المتحدة لم تصدر سوى 243 ألف تأشيرة في 2018 في إطار برنامج العمالة، وهو عدد يبقى أقل بكثير من الوفاء باحتياجات الاقتصاد الزراعى، في المرحلة المقبلة.
العمالة المكسيكية تواجه خطر الإصابة بالفيروس
يلعب هؤلاء المزارعون دورًا أساسيًا في الزراعة الأمريكية، حيث يختارون الفواكه والخضروات الطازجة، والتي يصعب أو يستحيل حصادها ميكانيكيًا في كثير من الأحيان، كما إنهم يحلبون الأبقار فى مزارع الألبان. بينما فى ولاية آيوا، يفصلون أصناف الذرة الهجينة، وهو الأمر الذى يعد طفرة في التكنولوجيا الحيوية الزراعية في الآونة الأخيرة.
المزارع الأمريكية تعتمد على العمال القادمين من المكسيك
إلا أن الأزمة لا تحمل وجها واحدا على النحو السابق ذكره، فهناك وجها أخر لا يقل أهمية، وهو أن العمال المتواجدين بالفعل في الأراضى الأمريكية، لا يمكنهم الالتزام بالعزل المنزلى، في ظل ظروفهم الصعبة، سواء من حيث العمل، والذى يشارك فيه العشرات في حقل واحد في موسم الحصاد، بالإضافة إلى أماكن السكن، حيث أنهم يعيشون في صالات كبيرة في مواقع العمل، حيث تصل أعداد المشاركين في نفس الغرفة إلى 10 أشخاص في بعض الأحيان.
ترامب سعى لاحتواء الهجرة غير الشرعية من المكسيك
وهنا تصبح احتمالات الإصابة بالعدوى بين العمال المكسيكيين، كبيرة، وهو الأمر الذى يمثل تهديدا كبيرا للمجتمع الأمريكي، خاصة في المناطق الريفية، وتحديدا في الولايات المنكوبة، وعلى رأسها نيويورك، والتي تعد أحد أكثر الولايات التي يتواجدون بها، بسبب مزارع العنب الشاسعة، والتي يعمل فيها المئات منهم.
عامل مكسيكى يعمل بأحد المزارع
وعلى الرغم من التقارير التي تدور حول اقتصار خطورة الفيروس على كبار السن، من ذوى المناعة الضعيفة، أو أصحاب الأمراض المزمنة، إلا أن ثمة خطورة كبيرة تواجه عمال المزارع، في ظل تعرضهم لأوقات طويلة للمبيدات الحشرية، بالإضافة إلى مهيجات الرئة، كالغبار أو حبوب اللقاح وغيرها مما يساهم في زيادة احتمالات إصابتهم بالربو ومشاكل بالجهاز التنفسى، وهو ما يزيد من خطر إصابتهم بـ"كورونا".
عامل مكسيكى يعمل بأحد المزارع
علاوة على ذلك، يواجه عمال المزارع عددًا من العوائق التي تحول دون الحصول على الرعاية الطبية المناسبة لمواجهة مخاطر الإصابة بالفيروس، من بينها الاختلافات اللغوية والثقافية بالإضافة إلى نقص وسائل النقل التي تسمح بانتقال المصابين منهم إلى المرافق الطبية، والتي تبقى محدودة العدد، في العديد من المجتمعات الريفية.
عامل مكسيكى يقوم بأعمال الحصاد
عامل مكسيكى
عدد من العمال المكسيكيين
عمال المكسيك يواجهون ظروفا صعبة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة