رغم العقوبات الأمريكية.. أطباء كوبا يحاربون كورونا فى أوروبا

الإثنين، 06 أبريل 2020 02:00 ص
رغم العقوبات الأمريكية.. أطباء كوبا يحاربون كورونا فى أوروبا كورونا
كتب رامى محيى الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رغم تعرضها لعقوبات قاسية من قبل الولايات المتحدة، دفعت كوبا التي جعلت الصحة والعلم ركيزتي ثورتها الاشتراكية بآلاف الأطباء لأوروبا لتقديم الدعم في أزمة كورونا حيث يرحب بهم كالأبطال.

ومع تدهور جائحة عدوى فيروس كورونا المستجد "COVID-19" في القارة العجوز، استأنفت كوبا إرسال أطباءها إلى دول أوروبا لمساعدتها في احتواء تفشي الوباء، الأمر الذي أثار ترحيبا واسعا في المنطقة شعبيا وإعلاميا، بينما سخرت الولايات المتحدة والبرازيل العام الماضي من الجهود الكوبية في مجال التعاون الدول الطبي.

ووصل فريق من 52 طبيبا كوبيا الأسبوع الماضي إلى مطار ميلانو، العاصمة الاقتصادية لإيطاليا التي تشهد أوضاعا كارثية بسبب تفشي فيروس كورونا وتعتبر الأولى عالميا من حيث عدد الوفيات بالفيروس بأكثر من 15 ألف حالة.

وأشارت صحيفة "دويتشي فيلي" الألمانية إلى أن الإيطاليين الذين كانوا في استقبال الأطباء الكوبيين "رحبوا بهم باعتبارهم أبطالا وسط تصفيق حار، بينما ظهرت الدموع على عيون البعض".

وبعد وصولهم إلى إيطاليا توجه الأطباء الكوبيون إلى مدن منطقة لومبارديا شمال إيطاليا والتي تعتبر الأكثر تضررا بالفيروس في البلاد، ليساعدوا زملاءهم المحليين في مكافحة فيروس كورونا المستجد "SARS-CoV-2"، الذي يتسبب في مرض "COVID-19".

وفي أواسط مايو الماضي أعلنت إيطاليا رسميا أنها بحاجة ماسة إلى مساعدة دولية، ونظرت كوبا في الطلب في غضون فترة زمنية وجيزة وقررت إرسال فرق طبية إلى البلد الأوروبي المصاب بالتفشي والذي يعاني من نقص حاد في الكوادر والمعدات الطبية، وقالت وزارة الصحة الكوبية في حينه إن "التعاون مع الدول الأخرى في مكافحة COVID-19 شكل من أشكال المساعدة المتبادلة الضرورية".

ولفت خبراء مختصون إلى أن كوبا، التي تعتبر من الدول القليلة الناجحة حتى الآن في منع تفشي فيروس كورونا في أراضيها، أعدت استراتيجيتها في مكافحة مثل هذه الأزمات مسبقا.

وجعلت "جزيرة الحرية" من الصحة والتعليم ركيزتي ثورتها الاشتراكية، ويمثل الطب أحد أهم أولويات المجتمع، فيما تشير معطيات البنك الدولي إلى أن هناك نحو 8 أطباء بين كل ألف شخص من سكان كوبا.

 وفي غضون ذلك، أوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هولي نايمز الأميركية، الكوبي أرتورو لوبيز-ليفي، في حديث لصحيفة "فرانس برس": "منذ مطلع القرن، هناك حديث عن احتمال تفشي وباء عالمي وقد حضرت كوبا جيشها من أصحاب الأثواب البيضاء".

وذكر لوبيز-ليفي بأنه "في نهاية الحرب الباردة، طورت كوبا هذه القدرة وبالتالي منطقيا، أصبحت أداة رئيسية من سياستها الخارجية".

وأشارت "فرانس برس" إلى أن هذه السياسة تعطي اليوم ثمارها، حيث أرسلت كوبا، منذ بدء تفشي فيروس كورونا المستجد، 593 خبيرا صحيا إلى 14 دولة أمريكية لاتينية وإفريقية وأوروبية، بينها إيطاليا وأندورا التي أبلغت عن حوالي 12 وفاة من أصل 77 ألف نسمة، واستقبلت في وقت سابق من هذا الأسبوع فريقا من 39 طبيبا كوبيا.

ويبدو أن دولا أخرى مهتمّة بتدخل هذه الفرقة الإنسانية التي أطلقت عليها تسمية فرقة "هنري ريف" في إشارة إلى المقاتل الأمريكي الذي شارك في حرب الاستقلال الكوبية، والمتخصص في الكوارث الطبيعية والأوبئة.

وفي فرنسا، صدر مرسوم يسمح بتدخل أطباء كوبيين في بعض أقاليم ما وراء البحار (غيانا ومارتينيك وغواديلوب وسان مارتان وسان بارتيليمي وسان بيار وميكلون) بهدف التعويض عن الافتقار في المجال الطبي.

من جهته، دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، كلا من الصين وكوبا إلى تقديم "مساعدة مباشرة" للبلد العربي.

لكن الأطباء الكوبيين لا يتدخلون فقط في أوقات الأزمات، حيث يتواجد 28729 فردا من بينهم على مدار السنة في 59 دولة حيث يساعدون الفرق الطبية.

ومن الجدير بالذكر في هذا السياق إلى أن منظمة الصحة العالمية أشادت بعمل الأطباء الكوبيين عام 2014 في دول غرب إفريقيا في إطار جهود مكافحة فيروس إيبولا.

وقال الخبر في شؤون كوبا في معهد الابحاث الأمريكية اللاتينية الألماني، بيرت هوفمان، لـ"دويتشي فيلي": "كانت لدى منظمة الصحة العالمية تجربة إيجابية للغاية للعمل مع الموظفين الصحيين الكوبيين خلال جائحة إيبولا. وأبدت فرق الأطباء الكوبية قدراتهم على التعبئة السريعة وعملت بشكل فعال جدا". 

وكانت تقدم هذه الخدمة بشكل مجاني منذ الستينات حتى العام 2000 عندما بدأت الجزيرة التي أضعفتها الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي، بفرض رسوم على الدول الغنية، وهي في الوقت الحالي إحدى المصادر الرئيسية للعائدات في كوبا (6.3 مليارات دولار عام 2018).

وأصبحت هذه الفرقة أيضا مستهدفة من جانب واشنطن التي عززت حظرها الساري منذ العام 1962، منذ وصول الرئيس الحالي، دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وتتهم الولايات المتحدة الحكومة الكوبية "باستغلال اليد العاملة بالسخرة" عبر احتجاز 75% من رواتبهم واستخدام هؤلاء الأطباء أحيانا كناشطين سياسيين في البلاد التي يعملون فيها.

فيما قال الرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو، اليميني المتطرف وحليف واشنطن، إن بين صفوف الأطباء تسلل عملاء استخبارات.

وأشارت قناة "ABC" الأمريكية في هذا السياق إلى أن "إدارة ترامب تحاول على مدار سنتين القضاء على برنامج الأطباء الحكوميين الكوبيين الذين يعالجون المرضى في كل أنحاء العالم"، وعلى الرغم من بعض النجاحات، إلا لأن جائحة فيروس كورونا غيرت شكل "الدبلوماسية الطبية الكوبية ورفعت السمعة الدولية للجزيرة في خضم الأزمة العالمية".

وتضررت كوبا من إعادة الهيكلة السياسية في أمريكا اللاتينية التي باتت ميولها أكثر يمينية.

واعتبر مدير معهد الأبحاث الكوبية في جامعة فلوريدا الدولية، خورخي دواني، في حديث لـ"فرانس برس"، أنه تماشيا مع "السياسية الأمريكية" القاضية بممارسة "ضغوط اقتصادية قصوى على كوبا، يمكن تفسير رفض البرنامج الطبي كاستراتيجية تهدف إلى حرمان الحكومة الكوبية من موارد مادية".

ونتيجة ذلك، أرغمت الجزيرة الكوبية على التخلي عن عقود إرسال الأطباء إلى البرازيل وبوليفيا والإكوادور والسلفادور في ضربة سياسية ومالية قاسية لها.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة