بوتيرة متسارعة، انتشر وباء كورونا القاتل في غالبية مدن الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذى كان له آثار اقتصادية واجتماعية واضحة، بل وسياسية أيضاً، فبحسب تقرير نشرته مجلة بولتيكو الأمريكية، فإن الأزمة التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية بعد وفاة ما يزيد على 10 آلاف شخص بالوباء، واقتراب الإصابات من حاجز الـ400 ألف، ستؤثر على الانتخابات الرئاسية المترقبة نهاية العام، وكذلك الانتخابات التي تليها في عام 2024.
وسجلت الولايات المتحدة أعلى معدلات إصابة بفيروس كورونا وتنقسم شاشة الأخبار في بيوت العديد من الأمريكيين بين ترامب وحكام الولايات في سعي للخروج من الأزمة بأقل الخسائر.
وقال موقع بوليتيكو إن الأزمة ساعدت على تقوية الموقف السياسي لبعض من حكام الولايات الديموقراطيين مقارنة بموقف ترامب، الأمر الذي سيساهم في تغيير خريطة المرشحين المحتملة لانتخابات 2024.
وصرح الخبير الاستراتيجي وعضو الحزب الديموقراطي دوج هيرمان أنه بوجود حكام للولايات يحظون بقبول لدى الشعب خاصة في ظل تعاملهم مع الأزمة، فمن المؤكد أن الأمر سينعكس على استطلاعات الرأي للرئاسة في الانتخابات المقبلة.
وأصدر حكام الولايات في جميع أنحاء البلاد أوامر بالبقاء في المنزل ويغلقون الشركات وينظمون جهود رعاية صحية ضخمة في ولاياتهم.
ولا يوجد أي مكان أكثر وضوحًا من نيويورك، حيث قفز تصنيف الأفضلية لإدارة نيويورك تحت رئاسة أندرو كومو إلى 71%، وهي الشعبية التي دفعت ترامب إلى الاعتراف بأن كومو كان سيشكل منافسة أكثر شراسة وصرامه من منافسه المحتمل للانتخابات المقررة خلال أشهر، جو بايدن.
وحصل حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم على دعم مفتوح وشعبية في أمريكا بأكملها وليس في ولايته فقط حيث كان أول من يصدر أوامر تتعلق بالوقاية والحد من انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة والتي كان لها تاثير في اعداد المصابين في الولاية.
وكانت الدورات الانتخابية الأخيرة غير موفقة لحكام الولايات الحاليين والسابقين الذين يطمحون إلى كرسي الرئاسة، ففي الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لهذا العام فشل جميع حكام الولايات السابقين او الحاليين وهو ما أدي الى ان تركز وسائل الإعلام مع أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب في السنوات الأخيرة.
وقال آيس سميث ، كبير الاستراتيجيين السابقين في الحملة الرئاسية للسناتور كاميلا هاريس والمستشار الحالي لنيوسوم ، إن ازمة وباء كورونا هو "الاستثناء من القاعدة" مضيفا "ستكون واحدة من أكثر الذكريات حزنا للجيل".
ومن جانبه، قال كوم ريتشارد حاكم نيومكسيكو السابق الذي ترشح للرئاسة في عام 2008 إن اندرو كومو وجافين نيوسوم حاكمان جمهوريان ولاري هوجان في ماريلاند ومايك دي واين في أوهايو ولوجان جريشام الديموقراطيين قاموا جميعًا بتحسين وضعهم السياسي الوطني نتيجة للتعامل مع الوباء.
وبحسب بولتيكو، فإن الشعبية التي ينالها حكام الولايات الحاليين تؤهلهم بما لا يدع مجالاً للشك بأن يكونوا نجوم في مارثون الانتخابات بعد المقبلة.
وفى مقابلة تلفزيونية، قال اندرو كومو حاكم ولاية نيويورك هذا الأسبوع إنه لا يفكر في الترشح للرئاسة، مشيرا إلى نفس المسؤوليات داخل الولاية التي تؤهل حكامها للترشح للرئاسة من الممكن أن تمنعهم أيضًا من السفر للترويج وجمع التبرعات لتمويل حملاتهم، ومن الصعب التقليل من خبرة الإدارة التنفيذية في الحملة.
وقال جورج أرزت ، المستشار الديمقراطي في نيويورك وقد عمل سابقًا مع كومو: "سيتذكر الناس هذا، وستكون هناك تداعيات لا يمكن تجاهلها بعد ان تغيرت الأمور الآن سيبحثون عن الأشخاص الذين يديرون الازمات بشكل جيد ".
وبالنسبة لحكام الولايات فان ازمة كورونا لا تشبه أي من الأزمات في التاريخ الحديث، حيث أن الأزمتان الوطنيتان السابقتان في العشرين سنة الماضية من أحداث 11 سبتمبر والانهيار المالي في عام 2008 كانتا ضمن اختصاص الحكومة الفيدرالية وليس الولايات.
ووفقا للتقرير، عادة ما تكون حرائق الغابات والفيضانات والأعاصير التي تواجه الحكام هي شؤون الولاية الواحدة أو الإقليمية، وفي أزمة وباء كورونا فان كل فرد مشارك في الاستجابة.
ربما لم يكن على الحكام الديمقراطيين أن يكون موقفهم السياسي معتمدا على التعامل مع وباء عالمي، وبحسب "بولتيكو"، فإن ترامب لو كان يدرك خطورة الأمر في وقت سابق وحاول تنسيق الجهود للتصدي، لاختلف الأمر كثيراً.