تأثر المسرح المصري مثله مثل باقي الأنشطة التي تأثرت بسبب أزمة فيروس كورونا ،والتي تعيشها مصر والعالم أجمع ، وذلك لأن المسرح يعتمد في المقام الأول علي الاتصال المباشر بجمهوره، بدأ البعض يبحث عن حلول لتواجد المسرح، فقامت وزارة الثقافة المصرية بعمل مبادرة " خليك في البيت الثقافة بين أيديك " واستطاعت من خلالها أن تعرض بعض المسرحيات الناجحة علي القناة الخاصة بها عبراليوتيوب، كما فكرالبعض في عمل مهرجانات مسرحية أون لاين تضم عروض مسرحية من كافة دول العالم، حتي يتطلع المسرحيون علي المسرح في كل أنحاء العالم، فهل ستنجح تلك الفكرة حتي بعد انتهاء الأزمة ، ونري المسرح بعد ذلك من خلال الشاشة، أم أنها ستنتهي بعد زوال سبب وجودها، هذا ماسنعرفه من بعض المسرحيون .
جمال ياقوت
محمد فوزي
يقول المخرج الكبير فهمي الخولي ، مايحدث الأن من مهرجانات مسرحية أون لاين أو مشاهدة عروض عبر الإنترنت ، هو مخالف تماما لطبيعة المسرح، فالإتصال المباشر بين الجمهور والفنان علي خشبة المسرح هو أهم شروط العرض المسرحي ، فوجود الجمهورفي العرض يجعل هناك عدوي للضحك وعدوي للتصفيق والإستحسان، وأتذكر أن هناك فترة من الزمن انتشر فيها مسرح التلفزيون والذي كان عبارة عن تقديم عرض غير ناضج ، وقد فشلت فشل زريع ، فحينها أتذكر كنت في زيارة لوزير الإعلام السعودي السابق رحمة الله عليه محمد عبده يماني وبدأ يتحدث معي عن مأساة العروض التلفزيونية وكيف أنها مليئة بالعيوب الفاضحة ، فعندما تشاهد عرض مسرحي من خلال وسيط فأنت تراه بعين مخرج تلك الوسيط وليس بعين مخرج العرض ذاته ، أي أنك لا تري العمل كامل .
وفي نهاية حديثي أدعو المسرحييون أن ينتهزوا فترة الحجر بالقراءة والتثقيف وعمل أبحاث ودراسات بدلا من تقديم عروض أو مهرجانات أون لاين .
ومن جانبه أكد دكتور حسن عطية ، الرئيس السابق للمهرجان القومي للمسرح ، أن مايحدث هو ظرف إستثنائي لعرض الأعمال المسرحية أون لاين ، لأن المسرح هو عرض مواجهي ، لابد أن يدرك فيه الممثل رد فعل الجمهور ، والظروف التي تمر بها البلاد والتي تمنع التجمعات جعلت البعض يسعي لتقديم عروض أون لاين خلال شاشات الموبيل أو الكمبيوتر ، مثل مبادرة وزارة الثقافة ، ومهرجان العرائس لمحمد فوزي ، ولم تقتصر الفكرة في مصر فقط بل ظهرت في العراق أيضا ، حيث تم عمل مهرجان لمسرح الشارع أون لاين ، فالظرف الإستثنائي الذي نعيشه يجعلنا لم نتحرك من أمام التلفاز أو الموبيل ، ولم نقرأ سوي عن فيروس كورونا ، فهذا يجعلنا نبحث عن بدائل تجهلنا نري مانحبه من خلال تلك الشاشات ، ولكنه بالطبع سينتهي بإنتهاء الأزمة .
حسن عطية
وقال دكتور جمال ياقوت رئيس مهرجان مسرح بلا إنتاج الدولي ، أن مايميز المسرح عن باقي الفنون كونه فن اللحظة الحية ، وهذا ماجعله يعيش حتي وقتنا هذا ، ويستطيع أن ينافس السينما والتلفزيون والبرامج التوك شو وكل التكنولوجيا التي ظهرت، والخروج عن تلك السمة هو خروج عن جوهر المسرح ، ولكننا الأن في ظروف لم نستطيع أن نحقق فيها الشكل العادي للمسرح ، وذلك بسبب منع التجمعات لذا لجأ البعض لعروض أون لاين وكذلك مهرجانات أون لاين ، وبالمناسبة المهرجانات ليست وليدة الأزمة ، ولكن هي محاولة لتحقيق مالا نستطيع تحقيقه علي أرض الواقع ولكنها أيضا لا تضاهي المسرح الحقيقي ، فخلاصة الرأي إن المسرح لا يعوضه إلا التفاعل المباشر مع الجمهور ولكننا نثني علي أي محاولة تجعل المسرح حي لا يموت .
المخرج فهمي الخولي
أما الفنان محمد فوزي رئيس مهرجان الإلكتروني الدولي لمسرح العرائس يقول ، فكرة المهرجان ليست وليدة الأزمة ولكنه موجود منذ عام 2017 ، وقد شارك فيه عدد من العروض المسرحية الهامة التي تبث من أهم فرق ومسارح العالم علي مدار 24 ساعة ، وقد تابعه تفاعل لقاعدة جماهرية كبيرة معنية بفنون العرائس المسرحية في كل أنحاء العالم ، وأعتبر هذا المهرجان هو المهرجان الأول في العالم الذي إستخدم تلك التقنية ، ويضم المهرجان ورش وندوات مصاحبة للعروض أيضا ، وأري أن هذه الفكرة نجحت نجاحا كبيرا ، وحدث تبادل ثقافي بين دول العالم ، ويستمر المهرجان لمدة 30 يوما ، وأضاف فوزي أن فكرة المهرجان تشبه بشكل كبير التعليم عن بعد الذي يحدث الأن في كل أنحاء العالم بسبب أزمة فيروس كورونا ، وأعتقد أن المهرجانات الأون لاين ستكون إتجاه جديد في الفترة القادمة وذلك بسبب الحصار الإقتصادي في البلاد ولأن هناك الكثير من الأماكن المهمشة التي لا نستطيع الوصول إليها ، وبالتأكيد كل المحاولات لن تنجح في البداية النجاح الساحق ، فالفكرة تحتاج إلي مجهود كبير يمتد لعام كامل ، ولكن علينا أن نعي جيدا أن التكنولوجيا التي كنا نرفضها أصبحت إجبارا علينا الأن .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة