بدأت التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا العالمى تتبلور بشكل أوضح بعدما كشفت الأرقام الرسمية عن تراجع وانكماش اقتصادى فى الولايات المتحدة وأوروبا خلال الربع الأول من 2020، فيما تشير توقعات بأن الأسوأ قادم، لاسيما وأن شهر إبريل، ضمن الربع الثانى، شهد خسائر كبرى.
حيث قالت صحيفة واشنطن بوست إن وباء كورونا ألقى بأوروبا فى حالة من التراجع الاقتصادى الأكثر حدة منذ بداية التسجيل فى عام 1995، وفقا لبيانات جديدة من المكتب الإحصائى للاتحاد الأوروبى.
وفى الربع الأول من هذا العام، تراجع الناتج الإجمالى المعدل موسميا بنسبة 3.8% فى منطقة اليورو، وهى الدول التى تتشارك العملة الأوروبية. وعبر الاتحاد الأوروبى، الكتلة التى تضم دول تحتفظ بعملتها، ولا تستخدم اليورو، تراجع الناتج المجلى المعدل موسميا بنسبة 3.5% خلال نفس الفترة.
وكان اقتصاد الاتحاد الأوروبى قد حقق نموا أشار إلى أن الكتلة فى طريقها لتحقيق النمو الاقتصادى المستمر هذا العام. وبعدما بدأت التجارة الأوروبية بالتأثر بشكل غير متوقع بظهور كورزنا فى الصين فى يناير، زاد الاضطراب فى مارس عندما فرضت أغلب دول الكتلة إغلاقا أو قيودا لإبطاء انتشار وتيرة الفيروس.
وقدرت العديد من مراكز الأبحاث من قبل أن التداعيات الاقتصادية للأزمة يمكن أن تضرب أوروبا بشكل أقوى مما حدث خلال الأزمة المالية فى عام 2009، إلا أن البيانات التى نشرت اليوم تقدم أول تقييم شامل لتأثير الوباء حتى الآن. ويتوقع المحللون صعوبة مشابهة، وربما أداء أسوأ فى الربع الثانى من العام، استنادا إلى مدى نجاح الدول المتضررة من الفيروس فى إعادة فتح اقتصادها.
كما أظهرت البيانات الصادرة أن البطالة فى أوروبا لم ترتفع إلا بشكل بسيط منذ بدء عمليات الإغلاق، فى الوقت الذى قدم فيه ملايين الأمريكيين طلبات للحصول على إعانات البطالة.
وارتفعت البطالة المعدلة موسميا عبر الاتحاد الاوروبى بنسبة 0.1% فقد لتصل إلى 6.6%، وفقا لأرقام وكالة الإحصاء الخاصة الاتحاد الأوروبى.
وتعكس الأرقام تأثير أسبوعين أو ثلاثة من الإغلاق فى حين أن الحجم الكامل للخسائر الاقتصاددية قد زاد فى الأسابيع الأخيرة فقط.
فى المقابل، قالت صحيفة "يو إس إيه توداى" الأمريكية، إن الاقتصاد الأمريكى الذى كان مغلقًا إلى حد كبير بسبب وباء كورونا، قدم أسوأ أداء له منذ أكثر من 10 سنوات فى بداية هذا العام إلا أن الأرقام الكئيبة لا تعكس سوى جزء قليل من الضرر القادم.
وأوضحت الصحيفة أن الناتج القومى المحلى، وقيمة كل البضائع والخدمات المنتجة فى الولايات المتحدة انكمشت بمعدل سنوى موسمى بـ4.8% فى فترة ما بين يناير ومارس، حيث انخفض إنفاق المستهلكين والأعمال على حد سواء بشكل حاد، وفقًا لما أعلنت وزارة التجارة اليوم. ومثل ذلك أول تراجع فى الإنتاج منذ أوائل عام 2014، والأكثر حدة منذ أواخر عام 2008.
وكانت وكالة بلومبرج قد نقلت عن خبراء اقتصاد توقعاتهم بتراجع 3.8% فى الناتج القومى.
قالت مؤسسة جولدمان ساكس إن الانكماش فى الربع الأول يعكس على الأرجح جزءًا من الانزلاق الفعلى لأن التقديرات الأولية عادة ما تفتقر لبعض البيانات، ومثل هذه الفجوات تبرز خلال التحولات الاقتصادية الكبر. كما أشارت المؤسسة إلى أن العديد من الأعمال مغلقة ولا يمكن استطلاع رأيها.
ولفتت الصحيفة إلى أن الاقتصاد كان يؤدى بشكل قوى فى الربع الأول حتى بدأت أغلب الولايات فى إغلاق الأعمال غير الأساسية مثل المطاعم والمراكز التجارية ودور السينما والملاعب الرياضية فى منتصف مارس لوقف انتشار الفيروس.
وأشارت تقديرات موديز إلى أن نحو 30% من اقتصاد أمريكا مغلق.
وفقد نحو 10 ملايين أمريكى فى الصناعات المتأثرة بشكل مباشر وغير مباشر وظائفهم فى مارس، ما أثر على إنفاق المستهلكين فى الربع الأول.