اقترح علي أحدهم موضوع للنقاش بعنوان ( كيف تخسر أشخاص تحبهم بخطوات معدودة ) ، وكان يتوقع مني أن أبدأ بكتابة نقاط محدده عن كيف تخسر شخص _ أيا كان موقعه فى حياتك _ وماذا تفعل من أمور وتصرفات وسلوكيات وأخلاقيات تجعلك تخسر هذا الشخص . ولكننى لم أفعل ذلك .
وقد تفاجأ بى أُغير السؤال وأقوم بتحويل الدفه وخط سير المناقشة لزاوية مختلفة تماماً عما كان يتوقع منى أن أفعل، فقد نظرت للأمر ، من وجهة نظري مع قلبي وعقلي الذى يسيرهم الله ، ثم من وجهة نظر المجتمع الذى أعايشه ويعايشني كل يوم وأكتب عنه ومنه وله ، والذى يجبرني أن أفكر خارج الصندوق فى معظم الأوقات لإيجاد حلول جديدة وفعاله تواكب التغير الفظيع فى المجتمع.
وسألته كيف علمت ؟ ، كيف علمت أن هذا الشخص كان أو سيكون مكسب من الأساس لك ؟! . كيف علمت أن هذا الشخص كان مكسب لك وأن وجوده فى حياتك كان سيعد مغنم وخير وطاعة وزيادة لرصيدك فى الحياة و أمام الله ،هل علمنا الغيب .
هل نحن فعلاً نخسر أحدهم بمجرد أفعال سلبية أو إيجابية نقوم بها ؟. أنا لا أعتقد أن هناك قول أو فعل قد يحمل شخص أَحبك فى الله وصدق العهد والوعد مع الله فى حبك أن يتركك ويجعلك أو يجعل نفسه فى خانة الخسارة أو المكسب معك ولا يلتمس لك الأعذار، وكأننا نتعامل على طاولة قمار أو حلبة مراهنات .
الله وحده هو من يحرك القلوب ويجمع فيما بينها ، ويفرقها إن أراد ذلك ، نحن لسنا بفاعلين ولا مقررين مهما حاولنا وبذلنا من الجهد المضني .
هل نحن نخسر بعض أم إنه فى أحيان كثيرة إن دققنا فى الأقدار التى تتضح فى الغالب فيما بعد أن فى عمق هذه الخسارة ــ إن جاز التعبير ــ أبلغ المكاسب والمغانم ، لأنى على يقين أن الله ، رب الخير لا ياتي إلا بالخير .
فلا يسعك إلا أن تحمد الله على ما قدر لك ، فأنت لا تعلم هل النعمة عليك في تواصلك وتواجد مع شخص معين، أم الحكمة في صرفه عنك .
فكم من الأمور التي يحزن الإنسان على فواتها فيتبين له مستقبلا أن في فواتها خيراً له، وكم من الأمور التي يحرص الإنسان على تحصيلها، فيترتب على حصوله عليها من المفاسد الشيء الكثير فيتمنى لو لم تحدث له ، وهذا أمر مشاهد ويقع لكثير من الناس.
فلا تشغل نفسك وتفكيرك فى حصر وحصد النقاط والمواقف التى تفعلها أو تمتنع عن فعلها لكى لا تخسره أو تكسبه ، فمن يريدك سيحمل جبالك ، فأجعل طبيعتك الالهية هى التى تحركك وستفوز فى كل الحالات .
وقد عززنا الله بآياته فى قوله تعالى : وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}.
وأمر المؤمن دائماً بين الصبر والشكر، فعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ. رواه مسلم .
صدقاً فداخل كل محنة منحة وكل شِدة وراءها شَدة وليس هناك بكسبان ولا أحد فى زواية أخرى يكون الخاسر المكسب والخسارة ليست بقرار بشرى وإنحيازعاطفي لإنسان لا يملك قرار رزقه وحياته ووجوده فى الدقيقة القادمة . هل بمقدور علمنا المحدود أن نكشف المستور؟! . هل بمقدور عقليتنا أن تعلم غيبها .. فى إعتقادى الشخصي أن الكل رابح والكل لابد أن يعلن فوزه لأنه فى حكم الغيب هو الكسبان ، ولا يظلم ربك أحدا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة