تحل اليوم 10 مايو ذكرى مولد الإمام الدكتور "عبد الحليم محمود "شيخ الأزهر، الذى ولد بقرية السلام مركز بلبيس محافظة الشرقية، والذى لم يتم إقامة احتفالية بمولده للمرة الأولى بسبب فيروس كورونا، وقال العمدة " محمود صالح" عمدة قرية السلام ونجل شقيقة الشيخ، إنه فى ذكرى مولد الشيخ من كل عام كانت تقام احتفالية كبرى يحضرها كبار رجال الدين وعلى رأسهم الدكتور أحمد عمر هاشم، ويتم نقل صلاة الجمعة من مسجد الشيخ على شاشة التليفزيون المصري، لكن هذا العام تم إلغاء الاحتفالية بسبب فيروس كورونا.
وسرد نجل شقيقة الشيخ جانبا من حياة الشيخ الراحل، قال إنه كان ملازما له فى العديد من الأوقات، مضيفا : أن العالم الإسلامى كله يعرف قدره، حيث كان زاهدا فى الدنيا أراد أن يقابل ربه "بطوله" فترك الدنيا ومتعاها إلى أن يتوفاه الله رغم العديد من المناصب التى تقلدها، عميد كلية أصول الدين عميد عدة كليات من جامعة الأزهر أمين مجمع البحوث الإسلامية، وزيرا للأوقاف وكيل للأزهر، وشيخا للأزهر، لم تغره الدنيا بكل هذة المناصب وكان زاهدا يتمثل فيه الزهد الورع والتقوي، كان زاهد فى الدنيا والحياة لا يحب حطام الدنيا، وكان يعيش فى شقة بالإيجار، فحضر ذات مرة إلى القرية، وباع ميراثه لشقيقه الحاج عبد الغنى محمود، وأخذ ميرثاه وذهب إلى القاهرة إلى أولاده الدكتور محمد والدكتور منيع وكانا يرغبا أن يشترى ولدهما منزل مستقلا، عندما باع ميراثه وأخذ الفلوس، وذهب إلى القاهرة، وفى الطريق توجه لزيارة صديق له مريض فشاهد طالب يجلس معه وكان وتبدو على وجهه ملامح الحزن فساله الشيخ عن ما يحزنه، فقص عليه الطالب قصة مؤثرة وأن أسرته تمر بضايقة مالية ووالده طريح الفراش، فأخذ الشيخ المبلغ الذى كان بحوزته كله، وأعطاه للطالب، وعندما عاد خالى للمنزل، سأله نجليه عن الأموال لشراء المسكن، فقال لهم إشتريت لكما منزل عند الله، وظل حتى وفاته يقيم فى شقة بالإيجار بـ24 شارع العزيز بالله بحى الزيتون بالقاهرة، قد عرض عليه كثير من الأصدقاء والمسئولين الانتقال إلى فيلا بعد توليه مشيخة الأزهر، لكنه رفض وظل يقيم فى الشقة، وبعد وفاته تنازل أبنائه عنها لصاحب السكن.
وأضاف نجل شقيقة الشيخ: أنه خاله مات دون أن يمتلك شيئا، وكان مدافعا غيورا على الأزهر، "فعبد الحليم محمود" الاستاذ بكلية أصول الدين هو "عبد الحليم محمود" وزير الأوقاف، وهو نفسه "عبد الحليم محمود" الإمام الأكبر وشيخ الازهر، لم يتأثر ببريق الحياة الزائف، وظل كما كان زاهدا فى المظاهر، وبقى كما كان فى شقة بالإيجار بحى الزيتون بالقاهرة،لم تتغير بتغير وضعه فى دنيا الوجاهة والمناصب، أعاد للأزهر الشريف هيبته وأنشا ألاف المعاهد الأزهرية والمساجد، واسترد لمشيخة الأزهر مكانتها ومهابتها، وتوسع فى إنشاء المعاهد الأزهرية على نحو غير مسبوق، وجعل للأزهر رأيا وبيانا فى كل موقف وقضية، وقف فى وجه قانون الأحوال الشخصية وتصدى له، استقبله الرئيس الأمريكى كاتير إستقبال رسمي، وصلى فى الكونجرس.
وأردف نجل شقيقة الشيخ : أثناء توليه لوزارة الأوقاف، وجد أن للوزارة أوقاف بالملايين، أخذها الإصلاح الزراعي، لإدارتها لحساب الوزارة، فلم تعد تدر إلا القليل، فاسترد هذه الأوقاف من الإصلاح، لإدارتها لحساب الوزارة، لتدر خير وفير، استغله فى بناء المساجد، حيث عنى بالمساجد عناية كبيرة، فأنشأ عددا منها، وضم عددا كبيرا من المساجد الأهلية، وجدد المساجد التاريخية الكبرى مثل جامع عمرو بن العاص ثانى أقدم المساجد فى إفريقيا بعد مسجد سادات قريش بمدينة بلبيس محافظة الشرقية، وحينما تقلد منصب شيخ الأزهر كان يسمى العصر الذهبى للمعاهد الأزهرية، وكانت قبل عهده المعاهد تعد على الأصابع، وأنشأ فى عهده ألاف المعاهد على مستوى الجمهورية، وجاب القرى والمدن يدعو الناس للتبرع لإنشاء المعاهد الدينية، فلبى الناس دعوته وأقبلوا عليه متبرعين، ولم تكن ميزانية الأزهر تسمح بتحقيق آمال الشيخ فى التوسع فى التعليم الأزهري، فكفاه الناس مئونة ذلك، لثقتهم فيه وكذلك الدول العربية ساعدته ثقة فيه، وكان يقصد من ذلك نشر التعليم الأزهرى الإسلامى الصحيح وسمح بقبول تحويل الطلاب من التربية والتعليم إلى الأزهر لنشر التعليم الأزهرى، وبث روح التربية الإسلامية فى النشأة، وكان لا ينقطع فى المناسبات الدينية، وكان قدوة، ومثل أعلى لأهل القرية ويصل الرحم ولا ينقطع عن الاتصال بأهل القرية، لدرجة أنه لا يوجد أسرة بالقرية إلا وتسمى ابنها عبد الحليم، ونجلى أيضا إسمه عبد الحليم ولا يوجد شخص فى العائلة ينجب ولد إلا ويسميه على إسم الشيخ.
وأكد نجل شقيقة الشيخ: أن للشيخ موقف عظيم وكل الناس يعرفونه، وذكره أكثر من مرة الدكتور أحمد عمر هاشم، أن الشيخ "عبد الحليم محمود"، قبيل حرب رمضان المجيدة، رسول الله فى المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة، فاستبشر خيرا وأيقن بالنصر، وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنا إياه بالنصر، ولم يكتف بهذا، بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف، وألقى خطبة عصماء توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبينا أن حربنا مع إسرائيل هى حرب فى سبيل الله، وأن الذى يموت فيها شهيدٌ وله الجنة، أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق، وكانت نتيجة الإعداد الجيد الذى قام به الجيش المصرى، مضافا إليه طمأنة الدكتور عبد الحليم محمود لرئيس البلاد وحَفْزه إياه على شن الحرب ضد الإسرائيليين، التى تحتل جزءا غاليا من تراب مصر، هى ما أسفرت عنه الحرب الرمضانية المجيدة من نصر كبير.
وأشار إلى أنه أسلم على يده العشرات، حيث سعى الشيخ طول فترة حياته لنشر الدين الاسلامى فى جميع أنحاء العالم، وعقد لقاءت فى كافة الدول الأوروبية والعربية، والرئيس الأمريكى "كارتر" استقبله استقبال حافل، مشرف ورحب به ترحيب كبير، لما عرف عنه أنه شيخ أكبر مؤسسة دينية فى العالم وعمل لقاءات كبيرة جدا وخطب فى الكونجرس الأمريكي، ورافقه فى هذة الجولة الشيخ الحصرى الذى أذن فى الكونجرس، وبعد زيارة جدى لأمريكا، تم تأسيس غرفة فى الكونجرس لتأدية الصلاة للمسلمين، وللشيخ أكثر من 60 مؤلفا فى التصوف والفلسفة، بعضها بالفرنسية، من أشهر كتبه: "أوروبا والإسلام"، و"التوحيد الخالص "أو "الإسلام والعقل"، و"أسرار العبادات فى الإسلام"، و"التفكير الفلسفى فى الإسلام"، و"القرآن والنبي"، و"المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي".
فى مثل هذا اليوم 10 مايو من عام 1910 ولد الدكتور" عبد الحليم محمود" على ضفاف ترعة الإسماعيلية بعزبة أبو أحمد، بقرية السلام التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية، ولد الشيخ عبد الحليم محمود سنة 1328هـ ويوم 10 مايو 1910 ،ونشأ فى أسرة كريمة شريفة ميسورة، مشهورة بالصلاح والتقوى، وهو الابن الأكبر لأشقاء "3 ذكور و4 بنات " وكان والده - رحمه الله - صاحب دينٍ وخلقٍ وعلم، وحفظ الشيخ القرآن الكريم فى سِنٍّ مبكر ، ثم دخل الأزهر سنة 1923م، وظل به عامين ينتقل بين حلقاته، حتى تم افتتاح معهد "الزقازيق" سنة 1925م، فألحقه والده به؛ لقربه من قريته، ثم التحق بعدها بمعهد المعلمين المسائي، فجمع بين الدراستين، ونجح فى المعهدين، ثم عُيِّن مُدَرِّسًا، ولكن والده آثر أن يكمل الشيخ عبد الحليم دراسته، ثم تقدم الشيخ لامتحان إتمام الشهادة الثانوية الأزهرية فنالها عام 1928م فى سنة واحدة؛ ثم استكمل الشيخ الإمام دراسته العليا، فنال العَالِمية سنة 1932م.
ثم سافر إلى فرنسا؛ لإتمام الدراسة فى جامعاتها، وذلك على نفقته الخاصة، وآثر الشيخُ عبد الحليم أن يَدْرس تاريخَ الأديان والفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس، وفى سنة 1938م التحق بالبعثة الأزهرية، التى كانت تَدْرس هناك، وقد تم له النجاح فيما اختاره من علومٍ لعمل دراسة الدكتوراه، وتقلد العديد من المناصب العليا منها وزير الأوقاف، وشيخ الأزهر الشريف، وبعد عودة الشيخ الإمام عبد الحليم محمود من رحلة الحج فى 16 من ذى القعدة 1398هـ، الموافق 17 من أكتوبر 1978م قام بإجراء عملية المرار بمستشفى بالقاهرة، وتوفى بعد 3 أيام من إجراء العملية، وتلقت الأمة الإسلامية نبأ وفاته بالأسى، وصلى عليه ألوف المسلمين الذين احتشدوا بالجامع الأزهر ليشيعوه إلى مثواه الأخير، تاركًا تُرَاثًا فِكْرِيًّا زَاخِرًا، ما زال يعاد نشره وطباعته، وتم دفنه بضريح بناءه شقيقه الشيخ "عبد الغنى" بجوار مسجد القرية بالشرقية، بعد أن تبرع الإمام بجميع ما يملك ومات دون أن يترك شىء سوء سيرته العطرة.
مقام أبو العارفين الأمام الأكبر شيخ الإسلام الدكتور عبد الحليم محمود
الرئيس السادات يستقبل شيخ الازهر الدكتور عبد الحليم محمود
الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر
الرئيس كارتر في صورة مع الشيخ أثناء زيارته لأمريكا