حذرت دراسة جديدة من إمكانية تسبب تغير المناخ فى حدوث نمط قديم من الظواهر الطبيعية شبيه بظاهرة "النينيو" فى المحيط الهندى من شأنه أن يخلق طقسًا شديدًا مثل الفيضانات والعواصف والجفاف فى جميع أنحاء العالم.
النينيو هو اسم ظاهرة مناخية متكررة فى جميع أنحاء منطقة المحيط الهادئ الاستوائية، والتى تتحول ذهابًا وإيابًا بشكل غير منتظم كل سنتين إلى سبع سنوات، وتتسبب فى اضطرابات فى درجة الحرارة والرياح وهطول الأمطار، لكن يمكن أن يكون للظاهرة الأخرى فى المحيط الهندى عواقب مدمرة.
ونشر العلماء التحذير الصارم بعد أن أظهرت محاكاة الكمبيوتر أن الظاهرة يمكن أن تظهر بحلول عام 2100، ولكن إذا استمرت اتجاهات الاحترار فقد تحدث فى وقت مبكر من عام 2050، وأنتجت النماذج المناخية محاكاة لما سيبدو عليه تغير المناخ خلال النصف الثانى من القرن إذا لم يقلل البشر من انبعاثات الاحتباس الحرارى، وذلك وفقًا لما نقلته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية.
وبعد إضافة اتجاهات الاحترار العالمى، كشف التحليل عن تقلبات كبيرة فى درجات حرارة سطح المحيط الهندى على غرار ما حدث قبل 20000 عام، وتستند الدراسة، التى أجرتها جامعة تكساس فى أوستن، على بحث سابق فى عام 2019 عثر على دليل على اختباء المحيط الهندى النينيو السابق فى قذائف الحياة البحرية الميكروسكوبية، والتى تسمى فورامز، التى عاشت منذ 21000 عام – أى فى ذروة العصر الجليدى الأخير عندما كانت الأرض أكثر برودة.
ومن جهته، قال بيدرو دينيزيو، عالم المناخ فى معهد جامعة تكساس: "يُظهر بحثنا أن رفع أو خفض متوسط درجة الحرارة العالمية بضع درجات فقط يؤدى إلى تشغيل المحيط الهندى تمامًا مثل المحيطات الاستوائية الأخرى، مع سطح أقل اتساقًا، ودرجات الحرارة عبر خط الاستواء، والمزيد من المناخ المتغير، ومع النينيو الخاصة بها".
فى الدراسة الأخيرة، استخدم دينيزيو وفريقه محاكاة المناخ لتحديد ما إذا كان النينيو يمكن أن يحدث فى المحيط الهندى وسط عالم ساخن، وابتكر الفريق نماذج أظهرت كيف سيبدو تغير المناخ خلال النصف الثانى من القرن، وبعد إضافة اتجاهات الاحترار العالمى إلى المحاكاة، وجد الفريق أن المحيط الهندى سيظهر فيه النينيو بحلول عام 2100، وفى وقت مبكر من عام 2050، إذا استمر البشر فى تجاهل تغير المناخ.
وأضاف دينيزيو إن "الاحتباس الحرارى يخلق كوكبًا سيكون مختلفًا تمامًا عما نعرفه اليوم، أو ما عرفناه فى القرن العشرين"، وتضيف أحدث النتائج إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن المحيط الهندى لديه القدرة على دفع تقلبات مناخية أقوى بكثير مما يفعله اليوم.
بدوره، قال المؤلف المشارك Kaustubh Thirumalai ، الذى قاد الدراسة التى اكتشفت أدلة على العصر الجليدى المحيط الهندى El Niño ، إن الطريقة التى أثرت بها الظروف الجليدية على الرياح وتيارات المحيط فى المحيط الهندى فى الماضى تشبه الطريقة التى يؤثر بها الاحترار العالمى عليها فى المحاكاة، وأضاف ثيرومالاى، الأستاذ المساعد فى جامعة أريزونا: "هذا يعنى أن المحيط الهندى الحالى قد يكون فى الواقع غير عادى".
ويشهد المحيط الهندى حاليًا تقلبات مناخية طفيفة من عام إلى آخر بسبب الأجنحة التى تهب من الغرب إلى الشرق، ومع ذلك، تشير عمليات المحاكاة إلى أن عالم الاحترار يمكن أن يعكس كيفية تدفق الرياح، مما يؤدى إلى زعزعة استقرار المحيطات وخلق مناخ من الاحترار والتبريد، على غرار أنماط الطقس النينيو والنينيا الملحوظة فى المحيط الهادئ.
وسيخلق النينيو أنماط مناخية قاسية فى جميع أنحاء العالم، وستؤدى هذه الظاهرة أيضًا إلى تعطيل الرياح الموسمية فى شرق إفريقيا وآسيا، والتى ستكون مدمرة لأولئك الذين يعيشون فى المنطقة الذين يعتمدون على الأمطار السنوية المنتظمة للزراعة.
أما مايكل ماكفادين، عالم فيزيائى فيزيائى فى الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوى، يشير إلى أن تغير المناخ من صنع الإنسان يمكن أن يكون أكثر تدميرًا للسكان المعرضين للخطر، وقال مكفادن - الذى لم يشارك فى الدراسة الحالية - "إذا استمرت انبعاثات غازات الدفيئة فى اتجاهاتها الحالية بحلول نهاية القرن، فإن الأحداث المناخية المتطرفة ستضرب البلدان المحيطة بالمحيط الهندى، مثل إندونيسيا وأستراليا وشرق أفريقيا بكثافة متزايدة"، وأضاف "تتعرض العديد من البلدان النامية فى هذه المنطقة لخطر متزايد لهذه الأنواع من الأحداث المتطرفة حتى فى المناخ الحديث".