واحد من أشهر الأنبياء المرتبطين بقصص مهمة فى التراث الإسلامى، هو النبى شعيب، الذى ورد اسمه فى القرآن 11 مرة، ووصف بأنه خطيب الأنبياء، وكرم من جميع الطوائف الإسلامية، ويعتقد أنه ورد فى الكتاب المقدس، ويقال إنه أحد الأنبياء العرب الذين سبقوا النبى محمد "ًص"، لكن على الرغم من ظهور اسمه فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم إلا أن نسب النبى الكريم وهويته وسيرته تبقى مجهولة للكثيرين، ولم يتوصل العلماء والمؤرخون لحقائق كثيرة فيها.
والنبي شعيب كما جاء في القرآن الكريم أو "رعوئيل" كما جاء في التوراة، يقال له بالسريانية "يثرون"، وهو نبى عربى عرف بخطيب الأنبياء لحكمته وفصاحته، يقال إن جدته أو أمه بنت سيدنا لوط، والثابت في نسبه أنه من سلالة إبراهيم واختلفت الأقوال حول أسماء وتسلسل أبائه إلى إبراهيم، وأُرسل شعيب إلى قوم مَدْيَن، أو ما عُرف عند المفسرين بأصحاب الأيكة.
ولم تذكر الكتب الفترة التي عاشها "شعيب"، إنما ذكر أنه بعد هلاك قومه عاش مده من الزمن إلى أن وفاته في الفترة بين وفاة سيدنا يوسف ونشأة سيدنا موسى عليهما الصلاة والسلام، ويعتقد أن النبى شعيب عاش ما يقارب 242 سنة.
فى الكتاب المقدس
لا يعرف تحديدا اسم النبي شعيب في الكتاب المقدس، وما إذا كان مذكورا فيه أصلا أم لا، رغم ورود اسمه مرات عديدة في القرآن الكريم، ويقول البعض إن النبي شعيب الوارد ذكره فى القرآن هو النبى إشعياء فى الكتاب المقدس، ويقول البعض بل هو "يثرون" كاهن مديان الوارد ذكره في الكتاب المقدس أيضا.
الكاهن يثرون
فأما يثرون، فلم يكن نبيا حتى تصح المقارنة بينه وبين النبي شعيب في القرآن الكريم، وقد تصح المقارنة بين النبى شعيب فى القرآن الكريم والنبى إشعياء فى الكتاب المقدس لكن يظل هذا الأمر غير مؤكد.
فى الإسلام
يكرم الإسلام النبى شعيب ويثنى عليه، فيوصف بأنه "خطيب الأنبياء"، وروى الحاكم بسنده عن محمد بن إسحاق قال: وشعيب بن ميكائيل النبيى صلى الله عليه وسلم بعثه الله نبياً فكان من خبره وخبر قومه ما ذكر الله في القرآن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكره قال: ذاك خطيب الأنبياء لمراجعته قومه.
وفي القرآن الكريم وُصف النبي شعيب وفقا لما ورد على لسان قومه بأنه "الحليم الرشيد"، حتى وإن كان ذلك على سبيل التهكم، إلا أنه وصف مستحق وفى محله، ففى القرآن الكريم نقرأ: قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِى أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (هود 87:11).
مقام النبى شعيب
نسبه وهويته
كان شعيب من أهل مدين وهم قوم عرب، يسكنون مدينتهم مدين التي هى من أرض معان، من أطراف الشام مما يلى ناحية الحجاز، قريبًا من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة، ومدين قبيلة عرفت بهم القبيلة، وهم من بنى مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل.
وجاء فى "البداية والنهاية" لابن كثير، أن شعيب نبى مدين هو ابن ميكيل بن يشجن، ذكره ابن إسحاق قال: ويقال له بالسريانية: بنزون، ويقال: شعيب بن يشخر بن لاوى بن يعقوب، ويقال: شعيب بن نويب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم، ويقال: شعيب بن ضيفور بن عيفا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم، وقيل غير ذلك فى نسبه، قال ابن عساكر: ويقال جدته، ويقال أمه: بنت لوط، وكان ممن آمن بإبراهيم وهاجر معه، ودخل معه دمشق.
وعن وهب بن منبه أنه قال: شعيب وملغم ممن آمن بإبراهيم يوم أحرق بالنار وهاجرا معه إلى الشام، فزوجهما بنتى لوط عليه السلام، ذكره ابن قتيبة.
الرجل الذى قابله موسى وتزوج ابنته
جاء في "جامع البيان في تفسير القرآن" للطبرى في صفحة 40 تفسير سورة القصص: (ففى اسمه اختلاف فقال بعضهم كان اسمه يثرون ذكر من قال ذلك حدثنى أبو السائب قال: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبى عبيدة قال: كان الذى استأجر موسى ابن أخى شعيب يثرون، حدثنا ابن وكيع قال: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عن عمرو بن مرة عن أبى عبيدة قال: الذي استأجر موسى يثرون ابن أخى شعيب عليه السلام).
وجاء في كتاب تفسير "زاد المسير في علم التفسير" تأليف أبى الفرج جمال الدين البغدادى، فى تفسير سورة القصص قال: (واختلف العلماء فى هذا الرجل الذى استأجر موسى على أربعة أقوال: أحدها: إنه شعيب نبى الله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا أكثر أهل التفسير وفيه أثر عن النبى صلى الله عليه وسلم يدل عليه وبه قال وهب ومقاتل، والثانى: إنه صاحب مدين واسمه يثرى قاله ابن عباس، والثالث: رجل من قوم شعيب قاله الحسن، والرابع: إنه يثرون ابن أخى شعيب رواه عمرو بن مرة عن أبى عبيدة ابن عبد الله بن مسعود وبه قال ابن السائب).
عند الدروز
يحظى سيدنا شعيب عليه السلام، بمكانة مرموقة في أوساط الطائفة الدرزية سواء بين المتدينين أو غير المتدينين، فبالإضافة الى كونه شخصية دينية مرموقة، هو كذلك شخصية تاريخية، لعبت دوراً في حوادث الأيام، خاصة في الدور الكبير الذي قام به مع النبي موسى عليه السلام، حيث دعمه وأرشده وعلّمه أصول الإدارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة