سعيد الشحات يكتب معارك التنوير..هيئة العلماء برئاسة شيخ الأزهر تحاكم الشيخ علي عبد الرازق بسبب كتابه "الإسلام وأصول الحكم"..وترفض الرد علي سلامه وتقرر طرده من زمرة العلماء

الثلاثاء، 12 مايو 2020 08:21 م
سعيد الشحات يكتب معارك التنوير..هيئة العلماء برئاسة شيخ الأزهر تحاكم الشيخ علي عبد الرازق بسبب كتابه "الإسلام وأصول الحكم"..وترفض الرد علي سلامه وتقرر طرده من زمرة العلماء الشيخ على عبد الرازق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
(1)
دخل الأستاذ الشيخ علي عبد الرازق إلي اجتماع هيئة كبار العلماء، وحيا الجالسين :"السلام عليكم"، فلم يسمع لتحيته ردا أحسن منها ولا مماثلا"، هكذا يصف أحمد شفيق باشا فى "حوليات مصر السياسية ـ الحولية الثانية"، بداية الحالة التي كانت عليها المحاكمة التى انعقدت يوم 12 أغسطس عام 1925 لعلى عبد الرازق بسبب كتابه"الإسلام وأصول الحكم".
 
أثار الكتاب ضجة كبيرة فور صدوره، لأنه وحسب "شفيق باشا" :"تعرض للخلافة الإسلامية ودلل علي أنها ليست من أصول الإسلام في شئ، وكانت مسألة الخلافة محل اهتمام الشعوب الإسلامية ومطمح أنظار بعض الملوك والسلاطين الراغبين في توسيع نفوذهم".
 
ويؤكد الكاتب الصحفي محمود عوض في كتابه "أفكار ضد الرصاص" :"هناك ارتباطا بين صدور الكتاب بما جاء فيه، وبين الجدل الذي ساد في مصر وقتئذ، حول أن الملك فؤاد ملك مصر أحق بأن يكون خليفة للمسلمين بعد أن ألغي مصطفي كمال أتاتورك الخلافة في تركيا يوم 3 مارس 1924".
 
ويضيف عوض :"بينما كان "فؤاد" يشجع هذا الجدل سرا فاجأ عبد الرازق الجميع بكتابه الذي يقول فيه :"ليس بنا من حاجة إلي تلك الخلافة لأمور دنيانا ولو شئنا الدقة لقلنا أكثر من ذلك، فإنما كانت الخلافة ولم تزل نكبة علي الإسلام والمسلمين"، ويؤكد عوض :"عقب صدور الكتاب الذي انتهي المؤلف منه أول إبريل 1925 بدأت عاصفة الاحتجاجات وتنوعت أساليبها، من مؤلفات مضادة لشيوخ  تتهمه بالكفر ومن أشهرها كتاب "حقيقة الإسلام وأصول الحكم" للشيخ محمد نجيب المطيعي مفتي الديار المصرية سابقا، إلي مظاهرات غاضبة في الجامع الأزهر".
 
انتقلت العاصفة إلي الأزهر ممثلا في "هيئة كبار العلماء" ويذكر شفيق باشا :"رأت محاكمة الأستاذ الشيخ علي عبد الرازق وفقا لقانون صدر ولم يستعمل، وجاء عليه الدستور فلم يجعل له أثرا"، ويؤكد شفيق :"كانت أشد دهشة المنصفين في أنهم رأوا أن خصوم عبد الرازق هم قضاته "، وعقدت "الهيئة" محاكماتها للرجل الذي هو من أعضائها ويعمل قاضيا شرعيا في محكمة المنصورة، لكنه وفقا لشفيق باشا :"معروف منذ نشأته بحرية الفكر وسعة أفق العقل".
 
وينقل "شفيق" أجواء المحاكمة، مشيرا إلي عدم رد الأعضاء وعددهم 25 للسلام الذي ألقاه"عبد الرازق"، ويضيف :"أمره شيخ الجامع الأزهر(محمد أبو الفضل)بالجلوس، فجلس في المقعد المواجه لمقعد حضرة صاحب الفضيلة الشيخ الأكبر، فسأله :"الكتاب ده كتابك؟    
 
،أجابه إيجابا ، فسأله: وهل أنت مصمم علي كل ما فيه؟،أجابه :"نعم ".
ألقي شيخ الأزهر، الشيخ محمد أبو الفضل الكتاب أمامه علي المنضدة وصاح :"هذا الكتاب كله ضلال وخطأ، ولكننا نحن كتبنا لك عن سبع فقط فيه، ولو أن فيه غيرها كثير كلها ضلال أيضا، وسأقرأ لك هذه النقاط السبع التي تضمنها كتابك"، وهي حسب شفيق :"الكتاب جعل الشريعة الإسلامية شريعة روحية محضة لاعلاقة لها بالحكم والتنفيذ بأمور الدنيا، وإن الدين لا يمنع من أن جهاد النبي صلي الله عليه وسلم في سبيل الملك لا في سبيل الدين ولا لإبلاغ الدعوة إلي العالمين، وإن نظام الحكم في عهد النبي كان موضوع غموض وإيهام أواضطراب وموجبا للحيرة، وأن مهمة النبي كانت بلاغا للشريعة مجردا عن الحكم والتنفيذ، وإنكار اجتماع الصحابة علي وجوب نصب الإمام، وعلي أنه لابد للأمة ممن يقوم بأمرها في الدين والدنيا، وإنكار أن القضاء وظيفة شرعية، وإن حكومة أبي بكر والخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنه كانت لا دينية ".
 
وبعد أن أتم شيخ الأزهر تلاوة الاتهامات وجه لعبد الرازق سؤاله :"هل عندك ما تقوله ؟ "فأجاب عبد الرازق في هدوء وابتسام طبقا لوصف شفيق باشا، "نعم إني كتبت مذكرة، وإذا كنتم تسمحون لي أن أقرأها، وأما إذا أردتم شفهيا فأنا مستعد للمناقشة"، وطلب تسجيل احتجاجه علي الهيئة، ثم أذن له شيخ الأزهر بقراءة مذكرته، وانصرف ".
في الساعة الثانية عشر والنصف ظهرا، نطقت الهيئة حكمها :"حكمنا نحن شيخ الجامع الأزهر وبإجماع آراء أربعة وعشرين عالما معنا من هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ علي عبد الرازق أحد علماء الجامع الأزهر والقاضي الشرعي بمحكمة المنصورة الابتدائية الشرعية ومؤلف كتاب (الإسلام وأصول الحكم)من زمرة العلماء، وتعلن الأسباب بعد إعدادها فيما بعد".  
 
(2)
 

علي عبد الرازق يرد علي ملاحظات هيئة العلماء: لاتوجد بعد النبي زعامة دينية ..ولم ينعقد بين المسلمين، صحابة أو غيرهم، إجماع على وجوب نصب الإمام، بالمعنى الذى اصطلح الفقهاء على تسميته بالخليفة

 
فى يوم 13 أغسطس 1925 نشرت جريدة «السياسة» لسان حال حزب الأحرار الدستوريين مذكرة الشيخ علي عبدالرازق التي تقدم بها إلي هيئة كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر الشيخ محمد أبو الفضل، أثناء محاكمته في اليوم السابق "12 أغسطس 1925 " وقررت طرده منها، ردت المذكرة علي الملاحظات السبع التي استندت عليها الهيئة في قرارها، مؤكدا أنه يرجو بها التفاهم مع علماء المسلمين، ومع المسلمين كافة على ما يجلو حقيقة مسألة بحثتها، مضيفا: «لم أكن فى ذلك إلا قائما ببعض ما يجب على كل عالم من البحث والتماس الحقائق، وما العالمية إلا صفة توجب على صاحبها البحث والتماس الحقائق، وهو على كل حال مأجور إن أخطأ أو أصاب، وإنا لنعتقد أن الوسيلة الوحيدة التى يمكن الاعتراض بها على أى بحث علمى، إنما هو المنافسة فيه والمجادلة بالحسنى، ولا تبيح سماحة الدين ولاعدالة القوانين أكثر من هذا الحق".
 
كان المثير فى رد «عبد الرازق»، حديثه عن الملاحظات الخامسة والسادسة والسابعة.
 
اتهمته الملاحظة الخامسة بأنه «ينكر فى كتابه إجماع الصحابة على وجوب نصب الإمام، وعلى أنه لابد للأمة ممن يقوم بأمرها فى الدين والدنيا».. ورد علي هذا الاتهام قائلا : «نحن نرى ما قررناه فى الكتاب، من أنه لم ينعقد بين المسلمين، صحابة أو غيرهم، إجماع على وجوب نصب الإمام، بالمعنى الذى اصطلح الفقهاء على تسميته بالخليفة، ونحن نعتقد أننا فى ذلك نقف فى صف جماعة غير قليلة من أهل القبلة، ومن سلف هذه الأمة وعلمائها الصالحين الذى لايمكن الطعن فى دينهم ولافى علمهم.. وليس صحيحا أننا ننكر إجماع الصحابة على أنه لابد للأمة ممن يقوم بأمرها فى الدين والدنيا، بل الذى قررناه فى الكتاب صفحة 33 وما بعدها «أنه لابد للأمة منظمة مهما كان معتقدها، ومهما كان جنسها ولونها ولسانها، من حكومة تدير شؤونها، وتقوم بضبط الأمر فيها، ولعل أبابكر، رضى الله عنه، إنما كان يشير إلى ذلك الرأى حين قال فى خطبته، لابد لهذا الدين ممن يقوم به، ولعل الكتاب الكريم ينحو ذلك المنحى أحيانا.
 
يضيف عبد الرازق: «قلنا فى صفحة 35: «إن المسلمين إذا اعتبرناهم جماعة منفصلين وحدهم، كانوا كغيرهم من أمم العالم كله، محتاجين إلى حكومة تضبط أمورهم وترعى شؤونهم، إن يكن الفقهاء أرادوا بالإمامة أو الخلافة ذلك المعنى الذى يريده علماء السياسة بالحكومة كان صحيحا ما يقولون أن إقامة الشعائر الدينية، وصلاح الرعية يتوقفان على الخلافة بمعنى الحكومة فى أى صورة كانت الحكومة، أما إذا أرادوا بالخلافة ذلك النوع الخاص من الحكم الذى يعرفون، فدليلهم أقصر من دعواهم، وحجتهم غير ناهضة".
 
أما الملاحظة السادسة والتي اتهمته بإنكاره أن القضاء وظيفة شرعية، ورد عليها قائلا :"نحن قررنا في صفحة 39 أنه "لاشك في أن القضاء بمعني الحكم في المنازعات وفضها كان موجودا في زمن النبي صلي الله عليه وسلم، كما كان موجودا عند العرب وغيرهم قبل أن يجئ الإسلام، وقد رُفعت إلي النبي خصومات فقضي فيها، وقال صلي الله عليه وسلم :"إنكم تختصمون إليٍ ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت إليه بحق أخيه شيئا بقوله فأنا أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها"، وفي التاريخ الصحيح شيء من قضائه عليه السلام فيما كان يرفع إليه..إلخ ، فأما جعل القضاء وظيفة معينة من وظائف الحكم ومراكز الدولة واتخذه مقاما ذا أنظمة معينة وأساليب خاصة فذلك هو الذي نعتقد كما قررنا في صفحة 103 أنه من الخطط السياسية الصرفة، ولا شأن للدين بها فهو لم يعرفها ، ولم ينكرها ولا أمر بها، ولانهي عنها وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلي أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة".  
 
أما الملاحظة السابعة فكانت حول اتهامه بقوله: «إن حكومة أبى بكر والخلفاء كانت لا دينية».. ورد قائلا: «الذى قررناه فى أول صفحة 90 أن زعامة النبى صلى الله عليه وسلم، كانت كما قلنا زعامة دينية، وأردنا بكونها دينية أنها جاءت عن طريق الرسالة لاغير، فذلك صريح فى أن الزعامة الدينية التى تستند إلى الرسالة والوحى.. وتقابل الزعامة الدينية بهذا المعنى الزعامة اللادينية التى لا تستند إلى وحى ولا إلى رسالة.. يضيف: كذلك قلنا فى صفحة 90، طبيعى ومعقول إلى درجة البداهة ألا توجد بعد النبى زعامة دينية، وأما الذى يمكن أن يتصور وجوده، فإنما هو نوع من الزعامة جديد ليس متصلا بالرسالة ولا قائما على الدين، هو إذن نوع لا دينى، وإن كانت الزعامة لا دينية فهى ليست أقل ولا أكثر من الزعامة المدنية أو السياسية، زعامة الحكومة والسلطات، لا زعامة الدين، فأما إن أريد بكلمة لا دينية معنى آخر غير ما هو واضح فى الكتاب فذلك ما لا شأن لنا به".  
 
 
(3)
 

الدكتور طه حسين لعلي عبد الرازق :" أيها الطريد من الأزهر تعالي إليٍ نتحدث ضاحكين عن هذه المضحكة ..السلطة التي أخرجتك ماسلطتها الدينية . وعلي أي آية من كتاب الله تستند؟

 
بعد أن أصدرت هيئة العلماء حكمها بطرد الشيخ علي عبد الرازق من عضويتها، قرأ آراء كثيرة تؤيد الحكم ضده، ووفقا لمحمود عوض في كتابه "أفكار ضد الرصاص" :"قرأ أيضا رأيا آخر يعارض الحكم، رأيا كتبه الدكتور طه حسين- بلا توقيع- ونشره في جريدة السياسة".
 
قال طه حسين مخاطبا علي عبد الرازق :"إيه أيها الطريد من الأزهر تعال إليِ نتحدث ضاحكين عن هذه المضحكة، قصة كتابك والحكم عليه وعليك وطردك من الأزهر..مابال رجال الأزهر لم يقضوا علي كتابك بالتمزيق ..فقد كان يلذنا أن نري نسخة في صحن الأزهر أمام "باب المزينين " أوفي ناحية من هذه الأنحاء التي لا يأتيها ولا يصل إليها المفكر ولا يسعي إليها إلا الأخبار والأبرار، ثم تضرم فيها النار.. دعنا نتحدث في حرية ولاتكن أزهريا.. فقد أخُرجت من الأزهر..ثم تعال نجد ، فقد آن الآوان أن نجد هذه الهيئة التي أخرجتك من الأزهر ؟..ما سلطتها الدينية ؟ علي أي آية من كتاب الله تستند ؟ أركن هي من أركان الإسلام كالإمامة ؟.كلا إنما هي بدعة لايعرفها القرآن الكريم ، ولاتعرفها السنة المطهرة ولا النظم الإسلامية ..هي بدعة فليس لحكمها صفة دينية ، ومن قال غير ذلك فهو آثم ..نعم آثم لأن هذا النظام يشبه أن يكون من نظم النصاري لا من نظم المسلمين ..لنصاري مجلس للأساقفة ومجلس الكرادلة ولهم البابا ، أما نحن فليس لنا من هذا كله شيء ..فسلام عليك أيها الطريد ..وإلي لقاء
 
                   
(4)
 

عام 1966 .. محمود أمين العالم يطلب من علي عبدالرازق إعادة طبع الكتاب والشيخ يرد :" لا ..لا .. لست أتخلي عنه أبدا ولكنني لست مستعدا لأن ألاقي بسببه أي أذي جديد .. كادوا يطلقوني من زوجتي ولحسن الحظ لم أكن متزوجا.

 
قبل أن يتوفي الشيخ علي عبد الرازق، وحسبما يذكر محمود عوض في كتابه "أفكار ضد الرصاص ":" ذهب إليه أحد الكتاب (محمود أمين العالم ) يطلب منه موافقته علي طبع كتاب "الإسلام وأصول الحكم " من جديد ، وفي منزل علي عبد الرازق دار الحوار التالي بين الناشر والمؤلف :
 
- هل تسمح لنا بإعادة طبع كتابك العظيم "الإسلام وأصول الحكم "؟.
 
-عبد الرازق : لا ..لا ..ياسيدي.
 
- لماذا ..؟هل أنت تتخلي عن كتابك ورأيك؟.
 
-عبد الرازق ..لا لست أتخلي عنه أبدا ..ولكنني لست مستعدا لأن ألاقي بسببه أي أذي جديد ..إنني ماعدت أستطيع ذلك ..كفاني مالقيته .. هل تعرف أنهم كادوا يطلقوني من زوجتي؟.
 
ـ لهذا الحد؟.
 
ـ عبد الرازق ..نعم ..علي أنني لحسن الحظ لم أكن متزوجا حينذاك فضاعت عليهم الفرصة .
 
- لقد انتهي ذلك العهد البغيض ..ولن تلقي اليوم (1966 ) ولن يلقي كتابك غير التكرم والتقدير والإشادة من الفكرين ومن الدولة علي السواء .
 
ـ عبد الرازق : من يدريني ...من يدريني ؟ أريد تأكيدا من الدولة ..أريد ضمانا.
 
- إن واقعنا الفكري والاجتماعي الجديد هو خير ضمان .
 
هز الشيخ علي عبدالرازق رأسه قائلا في مرارة :لم أعد أحتمل أي مظاهرة جديدة ..من يدري ؟ أطبعوا الكتاب علي مسئوليتكم ، لاتطلبوا مني إذنا بغير ضمان أكيد أطمئن إليه.
 
الدكتور طه حسين لعلي عبد الرازق :" أيها الطريد من الأزهر تعالي إليٍ نتحدث ضاحكين عن هذه المضحكة ..السلطة التي أخرجتك ماسلطتها الدينية . وعلي أي آية من كتاب الله تستند؟
 
بعد أن أصدرت هيئة العلماء حكمها بطرد الشيخ علي عبد الرازق من عضويتها، قرأ آراء كثيرة تؤيد الحكم ضده، ووفقا لمحمود عوض في كتابه "أفكار ضد الرصاص" :"قرأ أيضا رأيا آخر يعارض الحكم، رأيا كتبه الدكتور طه حسين- بلا توقيع- ونشره في جريدة السياسة".
 
قال طه حسين مخاطبا علي عبد الرازق :"إيه أيها الطريد من الأزهر تعال إليِ نتحدث ضاحكين عن هذه المضحكة، قصة كتابك والحكم عليه وعليك وطردك من الأزهر..مابال رجال الأزهر لم يقضوا علي كتابك بالتمزيق ..فقد كان يلذنا أن نري نسخة في صحن الأزهر أمام "باب المزينين " أوفي ناحية من هذه الأنحاء التي لا يأتيها ولا يصل إليها المفكر ولا يسعي إليها إلا الأخبار والأبرار، ثم تضرم فيها النار.. دعنا نتحدث في حرية ولاتكن أزهريا.. فقد أخُرجت من الأزهر..ثم تعال نجد ، فقد آن الآوان أن نجد هذه الهيئة التي أخرجتك من الأزهر ؟..ما سلطتها الدينية ؟ علي أي آية من كتاب الله تستند ؟ 
 
أركن هي من أركان الإسلام كالإمامة ؟.كلا إنما هي بدعة لايعرفها القرآن الكريم ، ولاتعرفها السنة المطهرة ولا النظم الإسلامية ..هي بدعة فليس لحكمها صفة دينية ، ومن قال غير ذلك فهو آثم ..نعم آثم لأن هذا النظام يشبه أن يكون من نظم النصاري لا من نظم المسلمين ..لنصاري مجلس للأساقفة ومجلس الكرادلة ولهم البابا ، أما نحن فليس لنا من هذا كله شيء ..فسلام عليك أيها الطريد ..وإلي لقاء
 
*عام 1966 .. محمود أمين العالم يطلب من علي عبدالرازق إعادة طبع الكتاب والشيخ يرد :" لا ..لا .. لست أتخلي عنه أبدا ولكنني لست مستعدا لأن ألاقي بسببه أي أذي جديد .. كادوا يطلقوني من زوجتي ولحسن الحظ لم أكن متزوجا.
 
قبل أن يتوفي الشيخ علي عبد الرازق ،وحسبما يذكر محمود عوض في كتابه "أفكار ضد الرصاص ":" ذهب إليه أحد الكتاب (محمود أمين العالم ) يطلب منه موافقته علي طبع كتاب "الإسلام وأصول الحكم " من جديد ، وفي منزل علي عبد الرازق دار الحوار التالي بين الناشر والمؤلف :
 
- هل تسمح لنا بإعادة طبع كتابك العظيم "الإسلام وأصول الحكم ".
 
-عبد الرازق : لا ..لا ..ياسيدي.
 
- لماذا ..؟هل أنت تتخلي عن كتابك ورأيك ؟
-عبد الرازق ..لا لست أتخلي عنه أبدا ..ولكنني لست مستعدا لأن ألاقي بسببه أي أذي جديد ..إنني ماعدت أستطيع ذلك ..كفاني مالقيته .. هل تعرف أنهم كادوا يطلقوني من زوجتي ؟
 
_ لهذا الحد ؟
_ عبد الرازق ..نعم ..علي أنني لحسن الحظ لم أكن متزوجا حينذاك فضاعت عليهم الفرصة .
 
 
- لقد انتهي ذلك العهد البغيض ..ولن تلقي اليوم (1966 ) ولن يلقي كتابك غير التكرم والتقدير والإشادة من الفكرين ومن الدولة علي السواء .
 
ـ عبد الرازق : من يدريني ...من يدريني ؟ أريد تأكيدا من الدولة ..أريد ضمانا.
 
- إن واقعنا الفكري والاجتماعي الجديد هو خير ضمان .
 
- هز الشيخ علي عبدالرازق رأسه قائلا في مرارة :لم أعد أحتمل أي مظاهرة جديدة ..من يدري ؟ أطبعوا الكتاب علي مسئوليتكم ، لاتطلبوا مني إذنا بغير ضمان أكيد أطمئن إليه









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة