وقف الكاتب الصحفى الساخر محمود السعدنى، وهو يرشد عن مكان حريق أوراق التنظيم الطليعى، فى عزبة الخواجات التى تبعد عن شارع الهرم حوالى عشرة كيلومترات على طريق سقارة، حسبما ذكرت جريدة الأهرام يوم 22 مايو 1971.
كان «السعدنى» ضمن المقبوض عليهم فى قضية «15 مايو 1971»، التى شهدت صراعا على السلطة بين الرئيس السادات ومعارضيه من المسؤولين الذين عملوا بجوار جمال عبد الناصر، واستقال فيها العديد من المسؤولين بعد أن قام السادات بإقالة على صبرى نائب الرئيس يوم 2 مايو 1971، ثم إقالته لشعراوى جمعة وزير الداخلية يوم 12 مايو، وتقدم الباقون باستقالتهم يوم 13 مايو 1971 وأبرزهم، الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية، ومحمد فائق وزير الإعلام، وسامى شرف مدير مكتب عبدالناصر ثم السادات، وضياء الدين داود، وفريد عبدالكريم وعبدالمحسن أبو النور، ولبيب شقير رئيس مجلس الأمة، ومحمد عروق رئيس إذاعة صوت العرب، وآخرون.
كان السعدنى عضوا فى تنظيم «طليعة الاشتراكيين» عن محافظة الجيزة، وهو التنظيم السرى الذى أسسه عبد الناصر، وكان صديقا لفريد عبدالكريم أمين الاتحاد الاشتراكى بالجيزة وعضو اللجنة التنفيذية العليا..واجه «السعدنى» اتهامات منها «إحراق أوراق التنظيم الطليعى»، ويكشف قصتها الكاتب الصحفى عبدالله إمام فى كتابه «انقلاب السادات، أحداث 15 مايو 1971»، مؤكدا أن شعراوى جمعة قرر بعد إقالته كوزير للداخلية حرق أوراق «تنظيم الطليعة» الذى كان أمينه العام، حتى لا تقع أسماء عضويته فى يد السادات، وتمت عملية الحرق فى «عزبة الخواجات» التى يملكها الفلاح الحاج «إبراهيم نافع» صديق «السعدنى» المقرب وعضو التنظيم، وتبلغ مساحة المزرعة 13 فدانا.
كان فريد عبدالكريم والسعدنى ممن يترددون على المزرعة، حسبما ذكر «مهدى إسماعيل» المقيم بالعزبة فى التحقيقات، وينقل عنها عبدالله إمام، قائلا، إنه فى مساء 13 مايو، مثل هذا اليوم، 1971 فى حوالى الساعة الثامنة ذهب «عبدالكريم» بسيارته الصغيرة تتبعها سيارة ميكروباص بها ستة أشخاص، وقال لعامل المزرعة إن لديه أوراق زائدة فى المكتب يريد أن يتخلص منها بالحريق، وأخرجوا من السيارة دوسيهات ولفائف وأحرقوها لمدة ساعة ونصف الساعة، وسأل عبدالكريم عن الحاج إبراهيم نافع، وطلب معاونتهم فى حرق الأوراق ثم انصرف، وجاء السعدنى أثناء الحريق، وسأل عن الحاج إبراهيم الذى لم يكن موجودا ثم انصرف، وبعد منتصف الليل جاء السعدنى وإبراهيم وسهرا فى العزبة حتى الصباح.
وقال «إبراهيم نافع» فى التحقيقات، أنه كان عضوا بمجموعة الجيزة، والمسؤول عنه محب كارم المحامى الذى رشحه التنظيم، وكانت الاجتماعات تتم فى مكتبه أو فى مكتب محمود منصور فى مؤسسة القطن بالجيزة أيضا.. وأضاف: «فى هذه الاجتماعات كنا نتكلم فى مشاكل الجماهير، ونكتب بها تقارير نرفعها إلى المستوى الأعلى، وأنه فى يوم الحريق كان محمود السعدنى بصحبة زكريا الحجازى فى الإذاعة، وبعد انتهاء التسجيل ذهبنا إلى العزبة، ووصلنا حوالى الساعة 10 مساء، ولقيت الشيخ إسماعيل محمود ومهدى إسماعيل ومحمد أخوه من الفلاحين «مقيمين فى العزبة» وناس تانية ما أعرفش عددهم، وكان معاهم سيارة فولكس نص نقل تقريبا وورق بيحرقوه، وقال إنه لم يتكلم مع أحد ولم يتكلم محمود السعدنى مع الناس اللى واقفة، وموقفناش أكتر من تلات دقايق وخدنا العربية ومشينا، والتقينا فى مسرح متروبول وكان فيه مسرحية «بين النهدين»، وحوالى الساعة واحدة صباحا بعد ما خلصت المسرحية رجعنا العزبة تانى، علشان نشوف الناس اللى كانت هناك والورق اللى اتحرق لأن اللى جابوا الورق ناس من الاتحاد الاشتراكى، وفريد عبد الكريم جاب الورق ده وأنا سمعت الحكاية دى لما رحت تانى مرة».
وأضاف «نافع» أنه رجع مع السعدنى من العزبة حوالى الساعة الخامسة صباحا، وصعدا إلى بيت السعدنى، وأوضح: «فضلنا قاعدين لغاية ماسمعنا خطاب الريس، وبعدين محمود قال أنا هاسلم نفسى، فركبنا تاكسى ورحنا شارع قصر العينى وقبل مجلة روز اليوسف هو نزل وأخذ تاكسى، وأنا على الجيزة ورحت بيت أخى محمد نافع».
يؤكد عبد الله إمام، أنه ثبت أن الأوراق التى أحرقت لم تكن تحوى أسماء الأعضاء، فالأسماء كانت مدونة فى كروت تم تمزيقها باليد بعد ظهر 13 مايو 1971، والأوراق المحروقة كانت محاضر جلسات مجموعات التنظيم، وتشمل رصدا لمشاكل مصر من وجهة نظر أعضائه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة